زينب عقيل
عندما تأسست المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا في عام 1975، كانت تهدف إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والنقدية داخل المنطقة. لكن نطاقها توسع بشكل كبير في العقود الأخيرة، بدءً من التدخلات المسلحة في تسعينيات القرن العشرين في الحروب الأهلية في سيراليون وليبيريا، لتشمل العمليات الأمنية والتنسيق العسكري. لكن القوى الأضعف هزمت قوى أقوى عبر التاريخ. وربما يتطلب التدخل في النيجر قوة أكبر بكثير من 5000 جندي من قوات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي شوهدت قبل ست سنوات في غامبيا، وهي دولة أصغر بكثير من النيجر من حيث الحجم المادي وعدد السكان.
صحيح أن الإيكواس قد نفذت تهديدها من قبل، إلا أنّ موجة من الانقلابات في السنوات الأخيرة أدت إلى انقسامات عميقة في الاتحاد. شهدت كل من مالي وغينيا انقلابات في عام 2021، وكذلك تشاد والسودان، وكلاهما ليس عضوا في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا. استولى جيش بوركينا فاسو على ذلك البلد في عام 2022. وكانت آخر مرة تدخلت فيها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا عسكريا في دولة عضو في عام 2017، عندما أرسلت قوات إلى غامبيا. وداخل المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، هناك انقسامات حول حكمة التدخل، خاصة في ظلّ الواقع العالمي الجديد لتراجع الهيمنة الغربية.
وعندما أوقف الاتحاد الأفريقي، الذي يضم دولًا من مختلف أنحاء القارة، أدان الانقلاب وقال إنه يدعم "التزام إيكواس المستمر باستعادة النظام الدستوري بالوسائل الدبلوماسية". لكن بيانه لم يصل إلى حد دعم التدخل العسكري. والعديد من الدول الأعضاء الأخرى في المجموعة ذكرت بالفعل أنها لن تدعم استخدام القوة في النيجر. وبصرف النظر عن نيجيريا، لا يبدو أنّ ثمة قوة أخرى لأن موريتانيا لا توافق، والجزائر لا توافق، ومالي وبوركينا لا تتفقان أيضا. وبنين لن تهاجم. وبذلك يعتمد التدخل في النيجر بشكل كبير على نيجيريا التي تمتلك أكبر جيش في المنطقة. وبالتالي سيكون التي تشترك في حدود بطول 1,600 كيلومتر (1,000 ميل) مع النيجر، الحصة الأكبر من المشاركة العسكرية واللوجستية.
عندما انتخب الرئيس النيجيري بولا أحمد تينوبو رئيسًا للمجموعة الإيكواس الشهر الماضي، وعد في خطاب قبوله بأن الكتلة "لن تسمح بانقلاب تلو الآخر"، قائلًا إنه على الرغم من أن "الديمقراطية صعبة للغاية، إلا أنها أفضل شكل من أشكال الحكم". وقال إن المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا لا يمكنها "الجلوس مثل البلدغ بلا أسنان". يسعى تينوبو إلى استعادة مكانة نيجيريا كزعيم إقليمي. لكن مثله مثل كافة دول المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، لديه مشاكل أمنية تجعل جيشه مستنزفًا من قبل بوكو حرام وقطاع الطرق المسلحين الذين يديرون عمليات في 30 ولاية من أصل 36 ولاية في نيجيريا. وهو الأمر الذي يصعّب إرسال جنود ومعدات إلى النيجر. كما أنّ القرار السياسي في الداخل منقسم، وليس ثمة إجماع على قرار التدخل.
وبالإضافة إلى أن وضع الدول التي تهدد بغزو النيجر ليست كما تستعرض قوتها، فإن النيجر يختلف وضعه عن الدول الأخرى التي شاركت الإيكواس بخنق الحركات الثورية فيها. فالنيجر بلد شاسع يقع في قلب منطقة الساحل، وعلى الرغم من أنها من أفقر الدول في العالم، إلا أن قواتها المدربة على يد الأمريكيين تتمتع بالخبرة في محاربة من يسمون بالجهاديين، كما أنّ عدد القوات الكبير في جيش النيجر، بالإضافة إلى الدعم الشعبي الكامل والمؤيد بشدة للانقلاب، والذي يملك الكثير من مشاعر الكراهية الفائضة للفرنسيين وأزلامهم، يجعل المهمة ليست كسابقاتها لدى القرار الإيكواسي، وليست بالسهولة التي قاموا بها بغزو الدول الأخرى. ثم هناك مالي وبوركينا فاسو اللتان حذّرتا من أي تدخّل عسكري ضد قادة الانقلاب في النيجر، واعتبرت أن ذلك بمثابة "إعلان حرب ضدّ بلديهما". أما الجزائر، وهي الفاعل الإقليمي الأساسي لناحية علاقاتها الاقتصادية والسياسية مع كافة هذه الدول، فقد رفضت أن يتم استخدام أراضيها في أي هجوم بري أو بحري على النيجر، ولديها ما تفعله استخباريًا وأمنيًا لدى أي غزو محتمل. وهكذا يصبح الواقع أخطر وأكبر بكثير من تهديدات الإيكواس، لاعتبارها حربًا إقليمية حقيقية، أول من سيتضرر منها الحضور الأمريكي في النيجر، الذي يفاوض قادة انقلاب النيجر صباحًا، ويحرّض الإيكواس العاجز، على تصعيد اللهجة مساءً.
من المتوقع أن أي غزو للنيجر سيؤدي إلى تغيير موازين القوى في إفريقيا، خاصة بعد ظهور قائد قوات فاغنر يفغيني بروغوجين لأول مرة في إفريقيا معلنًا أن قواته "توظّف أبطالًا آخرين ونواصل أداء المهام التي تمّ تعيينها". وقال "نحن نعمل بدرجة الحرارة 50 مئوية، وكل شيء كما نحب، وتقوم قوات فاغنر بإجراء الاستطلاعات والبحث، لتجعل روسيا أكبر في جميع القارات، ولتجعل إفريقيا أكثر حرية". وهو ما قُرئ على أنه محاولة لتخويف تحالف دول غرب إفريقيا التي تخطط لإنهاء الانقلاب الموالي لروسيا، والذي يخرج من أجله الشعب النيجري في تظاهرات مؤيدة كل يوم، رافعًا الأعلام الروسية.