هجرة أطباء الكيان تتزايد.. الآلاف يطلبون استشارات حول السفر

للأسبوع الـ 32 على التوالي، تستمر أكبر حركة احتجاجية بالتظاهر في شوارع "تل أبيب" وأمام المقرات الأساسيّة ضد "الانقلاب القضائي" الذي تمرّره حكومة بنيامين نتنياهو. وفي كلّ مرّة تصل المفاوضات بين المعارضة وأحزاب الائتلاف الحكومي الى أفق مسدود، تهدّد الأولى بـ "شلل تام لإسرائيل"، أي بخطوة "إضراب عام في الاقتصاد إلى أجل غير مسمى"، وهو ما بحثه زعماء الاحتجاج في الأيام الماضية مع نقابة العمال "الهستدروت" ومنظمات أخرى. فيما كان أيضًا  القطاع الطبيّ في واجهة الأحداث مع تهديد "تجمّع المعاطف البيضاء" بالتوقف عن العمل في المستشفيات.

كذلك تتزايد أعداد الأطباء "الاسرائيليين" الراغبين في الهجرة من الكيان، و"على الرغم من أن الخبراء يعتقدون أن الاقتصاد من المرجح أن يؤدي إلى الهجرة الجماعية أكثر من الأزمة الأيديولوجية ، إلا أن الخدمات التي تقدم المساعدة في الهجرة تقول إن المكالمات قد تضاعفت مع تقدم التشريعات"، وفق موقع "تايمز أوف اسرائيل".

ذكر الموقع أنه "خلال الشهر الماضي، بدأ آلاف الإسرائيليين، وخاصة في قطاعي التكنولوجيا والطب، بإطلاق مجموعات على واتساب وفيسبوك لتبادل المعلومات والنصائح. تم افتتاح مجموعات دردشة للأطباء الذين يسعون للحصول على المشورة بشأن الانتقال إلى الخارج ممن يعارضون التعديلات القضائية".

وقد عقد العشرات من  هؤلاء الأطباء لقاءات استشارية مع محامين برتغاليين متخصصين في قضايا الهجرة والضرائب في البرتغال. وقالت لفيتال إرليخ، التي تدير شركة نقل وعقارات هناك منذ عام 2019 في حديثها لـ "تايمز أوف اسرائيل" أنّها تتلقى "من 10 إلى 30 طلبًا يوميًا من الاسرائيليين للحصول على معلومات حول الحياة في البلد"، لافتّة أنه "ضعف عدد الطلبات مقارنةً بالعام الماضي".

مطلع شهر آب / أغسطس الجاري، نقل مراسل شؤون الصحة في صحيفة "هآرتس" العبرية ، عيدو أفراتي، في تقرير له، عن "إسرائيليين يعملون في مجال الطب في الخارج، إفادتهم بأنه منذ إقرار قانون إلغاء حجة المعقولية، تنهال عليهم طلبات من نظرائهم في إسرائيل للهجرة".

وفي هذا السياق، قال مدير قسم طب الرئة والعناية الفائقة في جامعة "يال" في الولايات المتحدة البروفيسور نفتالي كامينسكي، إن "طلبات من أطباء شباب وكبار في السنّ في إسرائيل على حد سواء، تأتيه راجية منه المساعدة في تأمين عمل من أجل الهجرة، وبعضهم يقول له حرفياً: سأعمل مجاناً"!

كما نقلت "هآرتس" أيضًا، عن "طبيب كبير" في قسم جراحة الأعصاب والدماغ في المستشفى الجامعي في نيويورك، وهو البروفيسور إيرز نوسك، تصريحه أنّه: "لم يسبق أن تلقى طلبات من هذا النوع، البحث عن وظيفة والانتقال الفوري".

من جانبها تقول البروفيسورة الإسرائيلية، دوريت نيتسان، التي تشغل منصب مديرة الطوارئ الإقليمية في منظمة الصحة العالمية، أنها تلقت في أيام قليلة تلت إلغاء "قانون حجة المعقولية" 200 طلب من أطباء إسرائيليين مهتمين بالعمل في منظمة الصحة العالمية.

علّق الصحافي نحما دويك، في تقرير في صحيفة "إسرائيل هيوم"، حول تزايد رغبة الأطباء بالهجرة خارج الكيان، بالقول إنّ "سعي الأطباء للحصول على جواز سفر يعني أنهم لا يؤمنون أن هذا الكيان، المسمّى دولة إسرائيل، سيبقى، وأنهم يجب عليهم أن يجدوا ملجأ لأنفسهم". لافتًا الى أنّ "المعنى الحقيقي هو أنهم لا يؤمنون بأن هذا الشيء، المسمّى المجتمع الإسرائيلي، سوف يصمد".

وكانت نقابة الأطباء قد نفّذت إضرابًا كبيرًا يوم 25/7/2023، احتجاجًا على إقرار "الكنيست" لقانون "إلغاء حجّة المعقولية" الذي يسحب من المحكمة العليا صلاحية النظر في القرارات الحكومية ويقوّض سلطات تلك المحكمة.

شمل ذاك الإضراب الأطباء من الأقسام المختلفة في المستشفيات، وأدى الى إلغاء العمليات الجراحية المُعيّنة مسبقاً، وعمل العيادات الخارجية، والأطباء في صناديق المرضى، والعيادات النفسية، وعيادات الأم والطفل.

فيما عقد المدير العام لوزارة الصحة، موشيه بار سيمان - توف، اجتماعًا مع الأطباء لحثهم على عدم "الاستسلام"، مقابل ما يعاني منه الكيان من "نقص حاد في الأطباء"، وفق للتقرير السنوي الذي تصدره "منظمة دول التعاون الاقتصادي والتنمية" اليهودية.

تعتبر الرغبة في الهجرة ظاهرة تتوسّع في الكيان ولا تنحصر بفئة أو بأخرى بل تشمل جميع اليهود، اذ كشف استطلاع أجراه الإعلام العبري أواخر شهر تموز / يوليو الماضي أنّ "28% من الإسرائيليين يفكرون في مغادرة اسرائيل نتيجة للإصلاح".  وكانت شركة Ocean Relocation، التي تساعد الأشخاص في الهجرة من والى الكيان، قد أعلنت أنها تلقت أكثر من 100 استفسار يوميًا من أشخاص يتطلعون إلى المغادرة منذ أن قدم طرحت التعديلات القضائية لأوّل مرّة في كانون الثاني / يناير 2023، وفق مدير الشركة شاي أوبازانيك.