من دون أي ضجة إعلامية، لأن في ذلك "فضيحة كبيرة" للإدارة الأمريكية، كشف مسؤول أمريكي لوكالة رويترز (مع رفضه الكشف عن اسمه ومنصبه)، بأن وزير الخارجية أنتوني بلينكن وقع بالأمس الثلاثاء على إعفاء جديد يتعلق بالأمن القومي، يسمح للعراق بسداد تكلفة الكهرباء للجمهورية الإسلامية في إيران، ويتيح لأول مرة لبغداد إيداع المدفوعات في حسابات ببنوك غير عراقية.
وأضاف المسؤول بأن بلاده تأمل في أن يساعد الإعفاء الذي يمتد 120 يوما في تخفيف "الضغط الإيراني على العراق"، من أجل الحصول على الأموال التي كان يمكن في السابق إيداعها في حسابات مقيدة في العراق فقط.
قرار وزارة الخارجية الأمريكية هذا، يدحض كلّ البروباغندا التي عملت في الآونة الأخيرة (وتتكرّر كل عام)، من وسائل إعلام عراقية وعربية وأجنبية، في محاولة منهم لشيطنة الجمهورية الإسلامية، واتهامها بأنها المسبّب الرئيسي لما يعانيه الشعب العراقي خلال فترات الصيف، من أزمة كبيرة في الكهرباء، عندما توقف إمدادات الغاز أو الكهرباء بسبب عدم تسديد مستحقاتها.
فهذا القرار الأمريكي، حصل بعد مطالبة الحكومة العراقية لهم بشكل رسمي، بحلّ مشكلة المستحقات المالية لإيران، عن صادراتها من الغاز والكهرباء إلى العراق. وبالتالي يؤكّد هذا القرار بأن واشنطن هي الطرف الأول والأساسي، المتسبّب بأزمات الكهرباء في العراق، من خلال إجراءات الحصار التي تمنع من خلالها تسديد المستحقات الإيرانية (عقوبات أحادية الجانب). مع الإشارة الى أن هناك أرقاما غير رسمية تشير إلى وجود حوالي 50 مليار دولار لإيران، مجمّدة في كل من الصين والعراق واليابان وكوريا الجنوبية، بسبب العقوبات الأمريكية!!
الرئيس محمد شياع السوداني: العراق مدين لإيران بـ 11 مليار يورو
وقد كشف رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني منذ أيام، بأن الديون الإيرانية المترتبة على العراق، جراء شراء الغاز للسنوات الماضية بلغت أكثر من 11 مليار يورو، مضيفاً بأن بلاده ستقدم النفط الخام لإيران مقابل الحصول على الغاز، لإنهاء مشكلة الموافقة الأميركية على المدفوعات لطهران (قبل قرار بلينكن الأخير).
والعجب بأن البعض يطلب من الدولة العراقية أو يشجعها، على البحث عن مصادر أخرى لاستبدال الغاز الإيراني المستورد الذي يحتاج إليه لإنتاج الكهرباء، مثل تركمانستان وقطر. فلو افترضنا حصول ذلك، هل ستقدّم هاتان الدولتان تسهيلات في الدفع للعراق، مثلما كان تفعل إيران طوال السنين الماضية؟!
كما أن المشاريع التي تهدف الى تزويد المنشآت الكهربائية العراقية بالغاز المحلي، لن تستطيع تأمين كل ما تحتاجه البلاد من مصادر للطاقة، مثل "مشروع نمو الغاز المتكامل" الذي يؤمن استعادة الغاز المحترق – المعروف بغاز الشعلة - في 3 حقول نفطية، لتزويد محطات توليد الطاقة. وبالتالي سيظل العراق بحاجة الى مصادر تؤمن له إمدادات الغاز بتكاليف أقلّ من غيرها، كالتي تقدمها إيران (تبلغ الصادرات الإيرانية 5 ملايين متر مكعب من الغاز يوميا إلى العراق).