كانت أذربيجان من بين الدول الأولى التي انسلخت عن الاتحاد السوفييتي في الإعلان عن علاقات ديبلوماسية مع الكيان المؤقت في 7/4/1992، أي بعد نحو مئة يوم فقط من الإعلان الرسمي عن انتهاء الاتحاد السوفييتي كدولة، وفي نهاية العام (كانون أول 1992) افتتحت "إسرائيل" سفارتها في باكو (عاصمة أذربيجان)، على الرغم من أن الجانب الأذري أبقى الأمر في بداياته على مستوى علاقات ديبلوماسية عبر الحوارات المؤسسية بين الطرفين، وتأخَّر فتح السفارة الآذرية في تل أبيب إلى تشرين الثاني 2022.
شمل التعاون بين الطرفين الإسرائيلي الآذري الجوانب العسكرية خصوصاً بعد سنة 2010 من بيع للأسلحة، وتحديث الأسلحة الآذرية القديمة، وتبادل المعلومات الأمنية، ومقاومة ما يسمى تنظيمات الإرهاب، والتعاون في مجالات ضبط الحدود الآذرية، وتطوير المطارات، والتدريب للقوات الأمنية والعسكرية…إلخ، بل إن أذربيجان عملت على الاتفاق مع "إسرائيل" على شراء القبة الحديدية لمقاومة الصواريخ رداً على شراء أرمينيا لصواريخ اسكندر الروسية منذ سنة 2016، ناهيك عن أن هناك تقارير عديدة تتحدث عن استخدام "إسرائيل" للقواعد الجوية الآذرية.
خلال الفترة من 2011-2016 كانت نسبة مشتريات السلاح الأذري من "إسرائيل" تعادل 27%، لكن خلال الفترة من 2016-2020، قفزت النسبة إلى ما يساوي 69% من إجمالي صفقات السلاح الآذرية، وهو ما يعادل 17% من إجمالي مبيعات السلاح الإسرائيلي، مما يجعل من أذربيجان الزبون الثاني للصناعة العسكرية الإسرائيلية بعد الهند.
أذربيجان مهمة بالنسبة للكيان المؤقت لعدة أسباب أبرزها قرب آذربيجان من إيران، وبالتالي منفذ لتطويق إيران ومراقبتها ومواصلة الضغط عليها بالتعاون مع الدول الغربية.كما أنها فرصة للتمدد إلى آسيا الوسطى. لعل بعضاً من الاستدارة الخليجية نحو الشرق تزيد من القيمة الاستراتيجية لأذربيجان بالنسبة "لإسرائيل"، ففي "حالة تراخي التطبيع" الخليجي مع "إسرائيل"، واحتمال أن لا تسمح دول الخليج العربية بعد التقارب الإيراني الخليجي بتسهيل النشاطات الإسرائيلية ضدّ إيران من أراضيها خصوصاً إذا وقعت مواجهة إيرانية إسرائيلية، فإن مثل هذه التطورات تزيد من القيمة الاستراتيجية لأذربيجان بحكم جوارها لإيران. إلى ذلك، لا يمكن تجاهل موقع أذربيجان في ربط القارة الأسيوية بتلك الأوروبية، ووقوعها في قلب طريق الحرير الصيني الذي يسعى الغرب لتقويضه.
وفي ظل تصاعد المواجهة بين الكيان المؤقت وإيران في السنوات الأخيرة، تظهر أهمية علاقات أذربيجان من الكيان الإسرائيلي أكثر من السابق، وهو الأمر الذي يشكل مصدر قلق لإيران، حيث يعتبر هذا التقارب تحولًا استراتيجيًا قد يؤثر على التوازنات الإقليمية، وتخشى إيران أن يؤدي التقارب الأذربيجاني "الإسرائيلي" إلى زيادة التأثير "الإسرائيلي" في منطقة القوقاز وتهديد مصالحها الإقليمية وأمنها القومي.
فما هي الأهمية الاستراتيجية لأذربيجان من المنظور الإسرائيلي، وما مجالات التعاون الإسرائيلية الأذربيجانية، بالإضافة إلى فلسفة العلاقات الآذرية – الصهيونية الجديدة وتأثيرها في القوقاز وآسيا الوسطى وتأثيرها على إيران، وماذا يمكن أن تكون النتائج والسيناريوهات؟ في هذه الدراسة من إصدار مركز دراسات غرب آسيا.
المصدر: مركز دراسات غرب آسيا
الكاتب: غرفة التحرير