فرنجية أو لا أحد!!

مهما حصل من مستجدات في الساحة اللبنانية، ومهما فُرض من ضغوط خارجية، من قبل الولايات المتحدة الأمريكية تحديداً، كلّ ذلك لن يجعل الثنائي الوطني – حزب الله وحركة أمل - يحيد قيد أنملة، عن دعمه لترشيح رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، في انتخابات رئاسة الجمهورية، إلا في حالة واحدة لا غير: تخلي فرنجية نفسه عن ذلك.

وعطفاً على ذلك، لن يصل أي مرشح تحدّي إلى رئاسة الجمهورية، جهاد أزعور أو غيره من مرشحي واشنطن المستترين، مهما كانت قدرته على حشد الأصوات النيابية، ومهما كان الدعم الخارجي والدولي له، إن لم يكن الثنائي الوطني موافقاً عليه.

وبالتالي فإن ما يمكننا استنتاجه من نتيجة حتمية لمسار الانتخابات الرئاسية، خاصةً في مرحلة ما بعد ترشيح العديد من القوى السياسية اللبنانية لجهاد أزعور، بأنها ستكون: فرنجية أو لا أحد.

اعتبارات عديدة

حتمية هذه النتيجة تأتي من اعتبارات عديدة أبرزها:

_ سياسة محور المقاومة والممانعة الحاسمة، بالتصدي للوجود والنفوذ الأمريكي الآفل في المنطقة. فلا يمكن بأي شكلً من الأشكال، القبول بعودة الزمن الى الوراء، وتحقق مصالح واشنطن في المنطقة ولبنان تحديداً، دون لحاظ ما استطاع محور المقاومة تحقيقه من انتصارات خلال العقود الماضية.

خاصةً بعد كلّ التغييرات التي حصلت في المنطقة، والتي كرّست انتصارات محور المقاومة، من تضاؤل الدور الأمريكي في المنطقة ما بعد الانسحاب العسكري من أفغانستان، والاتفاق السعودي الإيراني مؤخراً، مروراً بعودة العرب الى سوريا، واستقرار الأوضاع السياسية في العراق، وانضمام اليمن كدولة قوية الى محور المقاومة، وتصاعد قوة المقاومة الفلسطينية وانحدار الوضع في كيان الاحتلال، ولا ننتهي عند التحرير اللبناني الثالث في ملف الحدود البحرية.

لذلك يطمح الثنائي الوطني الى وصول حليف أساسي لهم الى سدّة الرئاسة، لما لهذا الموقع من أهمية ودور على الصعيدين الوطني والخارجي، يكون مشاركاً في تحقيق ما سيأتي من انتصارات مقبلة، في المواجهة مع أمريكا ومن خلفها الكيان المؤقت، بطريقة شبيهة جداً لعهدي الرئيسين إميل لحود وميشال عون.

وكل هذا ينسجم مع ما كشف عنه رئيس المجلس التنفيذي لحزب الله السيد هاشم صفي الدين مؤخراً، من أن الإدارة الأمريكية أوعزت الى القوى اللبنانية التابعة لها، بأنه ممنوع وصول سليمان فرنجية الى الرئاسة، ربما تحسساً منها لخطورة وصول فرنجية، وما يؤكّده عن تراجع دورها محلياً وإقليمياً. لذلك قد يكون ترشيح أزعور الأخير هو خطوة لاستبعاد فرنجية بالمقابل، تمهيداً لطرح انتخاب قائد الجيش جوزيف عون.

_ ضرورة وصول رئيس "لا يطعن بالظهر": كشفت تجربة الرئيس الأسبق ميشال سليمان للمقاومة، بأن وجود رئيس للجمهورية يؤمن بالمعادلة الثلاثية للدفاع عن لبنان: جيش شعب مقاومة، هو أمرٌ مهم وضروري جداً، لأنه سيساعد على الأقّل، في إظهار وحدة الموقف الرسمي بالمواجهة مع أمريكا وإسرائيل.

والرئيس ميشال سليمان الذي وصل الى الحكم عام 2008، بجهدٍ ودعمٍ أساسي من الثنائي الوطني، انقلب خلال الفترة الأخيرة من ولايته ضد معادلة الثلاثية للدفاع، واصفاً إياها بالمعادلة الخشبية، معرّضاً الوحدة الوطنية حول هذه المعادلة للخطر، وبشكل أظهره متماهياً مع الخطاب الأمريكي.

أما بالنسبة لفرنجية، فقد كشف خلال العديد من المحطات المفصلية خلال المرحلة السابقة، عن تحلّيه بالوفاء والإخلاص الحقيقي لحلفائه ولو على حسابه الشخصي، بشكلٍ بيّن فيه عن صفات قلما تتواجد في شخصية سياسية، ترتبط مواقفها السياسية عادةً بمصالحها.

_ أهمية وصول رئيس يؤمّن تمثيل غالبية الشعب اللبناني، وقادر على حماية الاستقرار الداخلي بالحد الأدنى، بالإضافة الى قيادة مرحلة نهوض البلد، وما يعنيه ذلك من استطاعة على تمتين علاقات لبنان العربية وحتى الغربية، بما يحفظ أمنه واستقراره وسيادته واستقلاله. ولدى الرئيس فرنجية الكثير من الصفات والعلاقات، التي تؤهله لأداء هذه الأدوار جميعها.