عادت السعودية إلى سوق الديْن خلال شهر أيار/مايو الجاري، بعد تسجيلها عجزاً قدره 2.91 مليار ريال في الربع الأول من هذا العام. وهو الأمر الذي يتعارض مع الرؤى الاقتصادية التي تبناها ولي العهد محمد بن سلمان. ويتوقع صندوق النقد الدولي ان تنزلق ميزانية السعودية إلى العجز مع تسارع وتيرة الإنفاق، في مرحلة لا تزال الرياض مرهونة لسعر النفط في الأسواق العالمية.
انخفض صافي الأصول الأجنبية للرياض إلى 410 مليارات دولار في نيسان/ أبريل الماضي، وهو أدنى مستوى منذ كانون الثاني/ يناير عام 2010 في الوقت الذي تتوقع فيه الحكومة فائضاً سنوياً في الميزانية هذا العام.
ووفقاً للتقرير الشهري للصندوق النقد الدولي الذي نشر يوم أمس الأحد، ان الاحتياطات الأجنبية آخذة في الانخفاض في أطول سلسلة هبوط منذ أوائل عام 2019. وقال التقرير ان المملكة قامت ببيع سندات إسلامية بقيمة 6 مليارات دولار.
كما يتوقع الصندوق ان تسجل الرياض عجزاً في الميزانية نسبته 1.1% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام وهو ما يتعارض مع توقعات الحكومة بتحقيق فائض بنحو 16 مليار ريال (4.3 مليار دولار).
لا تكشف المملكة عادة عن افتراض سعر النفط في ميزانيتها. لكن بحسب الأرقام التي تتقاطع بين تقديرات كل من البنك المركزي ومقره واشنطن، وبين تقديرات بلومبرغ ايكونوميست، فإنها ستكون بحاجة إلى أكثر من 80 دولاراً للبرميل لإنقاذ ميزانيتها من العجز، بينما تحتاج إلى حوالي 100 دولار للبرميل للوفاء بجميع التزامات الإنفاق وضمان استقرار العقد الاجتماعي بين الحكومة والمواطنين، في الوقت الذي يستقر فيه سعر برميل النفط عند معدل 75.3 لشهر أيار/ مايو الجاري.
يتوقع صندوق النقد الدولي ألا توازن السعودية ميزانيتها إذا كان النفط أقل من 80 دولارًا للبرميل، وهي مراجعة تعني أن المملكة ستعود إلى العجز المالي بعد أول فائض لها منذ ما يقرب من عقد من الزمان.
تسلط هذه الأزمة التي تحتاج الرياض إلى جهد مضاعف لمعالجتها، الضوء مرة أخرى على اعتماد السعودية على تدفق دولارات النفط إلى خزائن الحكومة وبالتالي عدم تحرر المملكة بعد من البترودولار، وعدم قدرتها على الخروج من هذا الإطار في المدى القريب.
ويتوقع خبراء ان الإيرادات ستنخفض نتيجة انخفاض انتاج النفط. في ظل قرار الرياض لخفض الإنتاج بمقدار 500000 برميل يوميًا.
وتشير صحيفة وول ستريت جورنال إلى ان التوترات تتصاعد بين السعودية وروسيا بشأن انتاج النفط. حيث تواصل موسكو ضخ كميات ضخمة من النفط الخام الأرخص في السوق مما يقوض جهود الرياض لتعزيز أسعار الطاقة.
وقالت مصادر تحدثت إلى الصحيفة ان المسؤولين السعوديين اشتكوا إلى كبار المسؤولين الروس وطلبوا منهم احترام التخفيضات المتفق عليها.
وقالت المصادر إن الاحتكاك واضح جدا بين أكبر منتجين للنفط في العالم قبل اجتماع حاسم بين أعضاء أوبك ومجموعة من منتجي النفط بقيادة روسيا، المعروفين مجتمعين باسم أوبك +، في فيينا في 4 يونيو. ومن المقرر أن تتخذ المنظمة قرارا بشأن خطة إنتاج للنصف الثاني من العام وسط مخاوف متزايدة بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي الذي يعوق الطلب على الطاقة.
في وقت سابق من هذا الأسبوع، أصدر وزير الطاقة السعودي تحذيراً للمضاربين في النفط، مشيراً إلى ان المزيد من خفض الإنتاج مطروح على الطاولة. وفي الوقت نفسه، قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن أسعار النفط تقترب من مستويات "مبررة اقتصادياً"، مما يشير إلى أنه قد لا تكون هناك حاجة لتغيير فوري في سياسة الإنتاج في المجموعة.
الكاتب: غرفة التحرير