لن تتخلى الإدارة الأمريكية إطلاقاً، عن منطقتي غرب أسيا وشمالي أفريقيا، وبخاصة منطقة الخليج، لأن هذه المنطقة ستبقى المصدر العالمي الأهم لموارد الطاقة، خلال العقود المقبلة. بل إن موقعها الجغرافي، أعطاها أهميةً جيوستراتيجيةً، لكي تكون عقدة الوصل في العالم، بما يتعلق بالعديد من القطاعات، كالاتصالات والنقل والشحن الدولي وغيرها.
لذلك لن تقبل الولايات المتحدة الأمريكية، بمجيئ منافستها الاستراتيجية أي الصين الى هذه المنطقة، وعقدها اتفاقات مع الدول المهمة فيها، التي كانت طوال العقود الماضية تدور في الفلك الأمريكي، كالسعودية والإمارات.
مشروع I2U2 الأمريكي مقابل مشروع "حزام وطريق" الصيني
يطمح الرئيس الأمريكي جو بايدن والمسؤولين في إدارته، الى أن تنضم السعودية الى مجموعة دولI2U2 ، التي تضمّ كلاً من الهند والكيان المؤقت والإمارات والولايات المتحدة. لتكون هذه المجموعة الإقليمية برعاية أمريكية، مشروعاً بديلاً عن المشروع الصيني "حزام وطريق" بمساراته البرية والبحرية.
فمشروع I2U2 الذي عُقدت قمته الرئاسية الأولى، في 14 تموز / يوليو من العام 2022، يهدف بحسب نص البيان المشترك الأول للمجموعة، على أن الدول تهدف إلى التعاون في "استثمارات مشتركة ومبادرات جديدة في مجالات المياه والطاقة والنقل والفضاء والصحة والأمن الغذائي".
وقد شرح مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أهداف هذا المشروع أمام معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى مؤخراً، حينما قال للمشاركين في ندوة "سوريف" لعام 2023: "إذا لم تتذكر أي شيء آخر من خطابي، فتذكر I2U2، لأنك ستسمع المزيد عنها بينما نمضي قدمًا. هذه شراكة مع الهند وإسرائيل والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، والفكرة الأساسية هي ربط جنوب آسيا بالشرق الأوسط بالولايات المتحدة بطرق تعزز تقنيتنا الاقتصادية ودبلوماسيتنا. ولدينا بالفعل عدد من المشاريع قيد التنفيذ وبعض الخطوات المثيرة الجديدة التي نتطلع إلى تنفيذها في الأشهر المقبلة". وأضاف سوليفان بما يؤكد ما ذُكر أعلاه بأن هذه المجموعة وغيرها من الخطط الأمريكية "تهدف إلى تأمين حاجات دول المنطقة"، وما لم يذكره سوليفان في الخطاب أن الهدف هو تأمين ذلك بعيداً عن الصين.
ولذلك حاولت الإدارة الأمريكية وما تزال، تحقيق التطبيع ما بين السعودية والكيان المؤقت، لكي تدفع بعجلة مشاريع هذه المجموعة أكثر فأكثر. وربما يكون قرار السعودية بفتح أجوائها، أمام مختلف الطائرات في العالم ومن ضمنها الإسرائيلية، إشارة في هذا الاتجاه.
أبرز المعوقات أمام واشنطن
_قد يكون الاتفاق السعودي الإيراني الذي استطاعت تحقيقه بكين – والذي لا تحلم واشنطن بتحقيقه لعجزها عن ذلك – أولى الضربات القاسية للمشروع الأمريكي. وذلك لأن السعودية تطمح الى الاستقلالية والسيادة في قراراتها الاستراتيجية (الاقتصادية والسياسية)، وهذا ما يمكن للصين أن توفره لها، بعكس واشنطن التي تفرض ضغوطاً جمّة على حلفائها.
_بالنسبة للهند، فإنها أيضاً لا تحمل أي ولاء فطري تجاه الحفاظ على النظام الدولي الليبرالي بقيادة أمريكا. ورغم مشاركتها في الحوار الأمني الرباعي (Quad)، الذي يشمل أستراليا واليابان والولايات المتحدة، فإنها لا تريد أن تكون جزءاً من الصراع مع الصين، خصوصاً العسكري منه، بل تفضّل التنافس معها.
كما أن نيودلهي تتخذ مواقفاً تجاه القضايا الدولية، مثل العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، لا تتوافق مع المواقف الأمريكية، لأنها تؤيد وتسعى الى عالم متعدد الأقطاب، ولذلك هي من أبرز أعضاء منظمة شنغهاي وبريكس وغيرها من المنظمات الدولية، الى جانب الصين.
الكاتب: علي نور الدين