أصدر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) بالأمس الإثنين، تقريره السنوي حول الإنفاق العسكري العالمي، والذي تبيّن بأنه ارتفع خلال العام 2022 بنسبة 3.7 في المائة، ليصل إلى مستوى مرتفع جديد، قدره 2.24 ترليون دولار أمريكي.
وبالتأكيد حافظت الولايات المتحدة الأمريكية على تصدّرها للإنفاق العسكري العالمي، على الرغم من التضخّم الاقتصادي الذي عانت منه (الذي اعتبر من أعلى مستويات التضخم التي تشهده البلاد منذ عام 1981)، بحيث بلغ إنفاقها 877 مليار دولار، وهو ما يمثل 39 % من إجمالي الإنفاق العسكري العالمي، و3 أضعاف المبلغ الذي أنفقته الصين، التي تعدّ ثاني أكبر منفق في العالم.
وبحسب أحد باحثي المعهد الدكتور نان تيان، فإن هذه الزيادة كان سببها إلى حد كبير، المستوى غير المسبوق من المساعدات العسكرية المالية التي قدمتها لأوكرانيا، والتي بلغت 19.9 مليار دولار أمريكي. وخصصت الإدارة الأمريكية باقي إنفاقها العسكري على الشكل التالي:
_ 295 مليار دولار للعمليات العسكرية والصيانة.
_ 264 مليار دولار للمشتريات والبحث والتطوير.
_167 مليار دولار للأفراد العسكريين.
ارتفاع كبير في الإنفاق العسكري لحلفاء أمريكا في أوروبا وشرق آسيا
ولحظ هذا التقرير السنوي الارتفاع الضخم للإنفاق العسكري خصةً، في دول تقع في أوروبا وشرق آسيا. وإذا ما دققنا في هوية هذه الدول، سنجد بأنها الدول الحليفة لأمريكا أو ما يعرف بالمعسكر الغربي، والتي تأثرت بشكل كبير بالسياسات الأمريكية المعادية لروسيا والصين، بسبب صراعها الإستراتيجي معهما. مع الإشارة إلى أن زيادة الانفاق العسكري هذه ستصب عائدتها المالية حتماً عند الكثير من شركات السلاح الأمريكية.
وهذه أبرز الأرقام التي رصدها التقرير:
_ ارتفاع إنفاق دول أوروبا بنسبة 13 %. وأكبر الزيادات جاءت في أوكرانيا بنسبة 640%، وكانت هذه أعلى زيادة يتم تسجيلها على الإطلاق، في الإنفاق العسكري لأي بلد خلال عام واحد. ثم تبعها في الزيادات: فنلندا (+36 %) وليتوانيا (+27 %) والسويد (+12 %) وبولندا (+11 %).
أمّا المملكة المتحدة فسجلت أعلى إنفاق عسكري في أوروبا الوسطى والغربية بقيمة 68.5 مليار دولار.
_ زاد الإنفاق العسكري الياباني بنسبة 5.9 %، وكان هذا أعلى مستوى للإنفاق العسكري الياباني منذ العام 1960، وتعود هذه الزيادة الى الاستراتيجية الجديدة للأمن القومي التي نشرتها طوكيو عام 2022، والتي تضمنت خططاً لزيادة القدرة العسكرية للبلاد خلال العقد المقبل، رداً على ا زعموا بأنه تهديدات متزايدة من الصين وكوريا الشمالية وروسيا (يبدو أن الحكومة اليابانية نسيت الجرائم الأمريكية ضد بلادها خلال حرب العالمية الثانية! وهذا ما يؤكد الدور الأمريكي في زيادة الإنفاق العسكري هذا).
_ بلغ إجمالي الإنفاق العسكري لدول أعضاء حلف الشمالي الأطلسي - الناتو 1.232 ترليون دولار في عام 2022، وهو أعلى بنسبة 0.9 % مما كان عليه في عام 2021.
_ انخفض الإنفاق العسكري التركي للعام الثالث على التوالي، ليصل إلى 10.6 مليار دولار، بانخفاض قدره 26 % عن عام 2021. وهذا ما تعكسه سياسات رئيسها رجب طيب أردوغان الأخيرة، الذي يسعى الى تخفيف التوترات وصولاً الى تصفيرها مع دول المنطقة، ورغبته في أداء دور الوسيط على الصعيد العالمي.
_ أما على صعيد باقي دول العالم، فقد سجّل التقرير تباطؤاً في زيادة الإنفاق العسكري العالمي خلال العام 2022، وذلك بسبب آثار التضخم الذي ارتفع في العديد من البلدان إلى مستويات لم نشهدها منذ عقود.
الكاتب: علي نور الدين