تطور جديد في مسار عودة العلاقات ما بين السعودية والجمهورية الإسلامية في إيران، حيث التقى وزيرا خارجية البلدين حسين أمير عبداللهيان وفيصل بن فرحان في الصين، ووقعا على إثرها بيانا مشتركا بشأن تنفيذ الاتفاق الذي توصل إليه البلدان قبل نحو شهر بوساطة صينية لاستئناف العلاقات.
واتفق الطرفان في البيان المشترك، على أهمية متابعة تنفيذ اتفاق عودة العلاقات بينهما، وفتح الممثليات واتخاذ الإجراءات لفتح سفارتي البلدين وقنصليتي جدة ومشهد المقدسّة. وأكدا على تفعيل اتفاقية التعاون الأمني وتعزيز التعاون في كل ما من شأنه تحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة، واستئناف الرحلات الجوية، وتفعيل الاتفاقية العامة للتعاون في مجال الاقتصاد والتجارة والاستثمار والتقنية والعلوم والثقافة والرياضة والشباب، الموقعة في 27 أيار / مايو 1998.كما جرى الاتفاق على تسيير زيارات متبادلة للوفود الرسمية والقطاع الخاص، وتسهيل منح التأشيرات لمواطني البلدين بما في ذلك تأشيرات العمرة.
وفي السياق نفسه، جدّد الوزير فيصل بن فرحان، الدعوة الموجهة للوزير حسين أمير عبداللهيان لزيارة المملكة، وعقد اجتماع ثنائي في العاصمة الرياض. ومن جانبه، رحّب عبداللهيان بالدعوة، موجهاً دعوة مماثلة لبن فرحان. هذه الزيارات ستكون بالتأكيد مقدّمةً لزيارة رئيس الجمهورية الإسلامية السيد إبراهيم رئيسي الى السعودية التي تم الإعلان عن تلبيته خلال الفترة المقبلة.
الصين تعيد التأكيد على قدراتها الدبلوماسية
انعقاد الاجتماع الأول لوزيري خارجية البلدين في الصين، وما تم عرضه من مشاهد وصور لهذا اللقاء، تؤكّد على أن بكين أثبتت قدرتها على رعاية ما استطاعت تحقيقه من إنجاز دبلوماسي، في قضية لطالما استعصت على الأميركيين. ومن ناحية أخرى قدمت الدولة الصينية في ظل ما يعيشه العالم من إرهاصات نظام عالمي جديد، دليلا على إمكانية لعبها دوراً بنّاءاً في النظام الدولي، وهو ما يُكسِب مبادراتها الدبلوماسية لحل الصراعات العالمية زخماً وجديةً وموثوقيةً أكبر، وعلى رأسها ما يحصل في أوكرانيا، الذي تُلمِّح الصين للعب دور دبلوماسي فيه.
انفراجات اقتصادية مهمة لكلا البلدين
لقاء اليوم الخميس، وما سبقه من اتفاق لعودة العلاقات ما بين الدولتين، سيكون له تأثير كبير على العلاقات الاقتصادية ما بينهما. وهذا ما عبر عنه وزير المالية السعودي محمد الجدعان بشأن إمكانية ضخ استثمارات سعودية في إيران، بل أنه أشار إلى هنالك فرص كبيرة وكثيرة للاستثمارات السعودية في إيران.
ولا شك بأن ما يمتلكانه البلدين من مميزات اقتصادية كبيرة وحساسة، ذات تأثير كبير على الاقتصاد الإقليمي والعالمي، فهما عضوان في منظمة "أوبك" (Opec) و"أوبك بلس" (+Opec). والسعودية تمتلك رصيدا هائلا واحتياطا كبيرا من النفط والغاز (261.6 مليار برميل احتياطي نفطي، 8 تريليونات متر مكعب احتياطي من الغاز الطبيعي)، أما إيران فلديها رصيد كبير واحتياطات ضخمة من النفط والغاز الطبيعي (208.6 مليارات برميل من احتياطي النفط، و34 تريليون متر مكعب من احتياطي الغاز)، ما يمكّنهما من تأمين مصالحهما في أسواق الطاقة.
ولا يخفى على أحد بأن تطور هذه العلاقة ما بين الدولتين، لن يقف تأثيرها الإيجابي على الطرفين فقط، بل سيشمل الكثير من دول المنطقة، وفي مختلف المجالات أيضاً.
الكاتب: غرفة التحرير