أصدرت الصين في 24 شباط/فبراير الجاري، وثيقة من 12 نقطة بشأن أوكرانيا بعد مرور عام على الحرب، دعت إلى وقف إطلاق النار ومحادثات السلام. كانت الورقة موجزة وتلخص عدداً من النقاط التي كانت قد تكررت خلال تصريحات سابقة للرئيس الصيني شي جين بينغ ومسؤولين صينيين آخرين. وبحسب محللين سياسيين في السياسة الخارجية فإن الوثيقة كررت أيضاً مطالب، مثل عدم تعزيز الكتل العسكرية أو استخدام عقوبات أحادية الجانب.
ويقول الأستاذ المشارك في العلاقات الدولية في مدرسة إس راجاراتنام للدراسات الدولية في سنغافورة، لي مينجيانغ، ان الورقة تشير الورقة إلى "أن الصين تريد المشاركة كجزء من الدبلوماسية والتسويات السياسية...في الوقت نفسه، تحاول بحذر شديد عدم تقويض أي مصالح استراتيجية مهمة للصين بالشراكة مع روسيا".
بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الصيني، فإنهما يتشاركان في وجهة نظر تعتقد ان النظام الدولي منحاز بشكل غير عادل لبلدانهم ويرون بعضهم البعض كثقل موازن رئيسي للغرب الذي تقوده الولايات المتحدة. ونتيجة هذه الرؤية كان فرض مزيد من العقوبات على روسيا، فرصة لتزدهر العلاقات التجارية بين البلدين. حيث حصلت الصين على النفط والغاز الرخيصين من روسيا وباعت لها رقائق دقيقة وتقنيات أخرى يمكن استخدامها في صنع الأسلحة.
لكن بينما يبدو أن بوتين عازم على الاستمرار في العملية العسكرية، فإن بكين تزداد قلقًا من احتمال نشوب صراع طويل الأمد يمكن ان يفاقم التكاليف ويعقد المشهد أكثر فأكثر. كما أدى هذا التوافق الوثيق إلى زيادة التكاليف بالنسبة للصين، حيث يبحث صانعو السياسة في الولايات المتحدة وأماكن أخرى عن طرق لفرض المزيد من القيود على التكنولوجيا والاستثمار وغيرها من القيود على الشركات الصينية التي يمكن أن تضر بالآفاق الاقتصادية طويلة الأجل للبلاد.
ويبدو مفهوماً قيام الصين بهذه الخطوة وبهذا التوقيت الذي تكثر فيه التنبؤات حول جدوى اللجوء إلى مفاوضات بين موسكو وكييف، إضافة لسلوك الإدارة الأميركية التي تعالج الأزمة من منظورها البراغماتي الذي يتيح لها استغلال مختلف الظروف التي تمر بها الدول الأوروبية. وتضم الوثيقة الصينية عدداً من النقاط تتلخص بـ:
احترام السيادة: التمسك بشكل فعّال بسيادة جميع البلدان واستقلالها وسلامتها الإقليمية.
الدخول في مفاوضات: حيث دعت بكين موسكو وكييف إلى استئناف محادثات السلام، اذ أن "الحوار والتفاوض هما الحل الوحيد القابل للتطبيق". وجاء في الوثيقة أن "المجتمع الدولي يجب أن يظل ملتزماً بالنهج الصحيح لتعزيز المحادثات من أجل السلام، ومساعدة أطراف النزاع على فتح الباب أمام تسوية سياسية في أسرع وقت ممكن، وتهيئة الظروف والمنصات لاستئناف المفاوضات".
لا حرب نووية: وأكدت الصين في متن الوثيقة على وجوب "منع الانتشار النووي وتجنّب حدوث أزمة نووية". وتجدر الاشارة إلى ان هذا البند يرتبط بإعلان بوتين ان موسكو ستقوم ستنسحب من معاهدة "نيو ستارت"، التي تعد آخر اتفاقية حول الأسلحة النووية متبقية بين روسيا والولايات المتحدة.
تجاوز عقلية الحرب الباردة: تعارض بكين البحث والتطوير واستخدام الأسلحة الكيميائية والبيولوجية من قبل أي دولة تحت أي ظرف من الظروف... كما يتعيّن على الجانبين الالتزام الصارم بالقانون الإنساني الدولي، وتجنّب مهاجمة المدنيين أو المنشآت المدنية.
وفي انتقاد قُصِد فيه حلف الناتو، شدّدت الوثيقة على أن "أمن المنطقة لا ينبغي أن يتحقق من خلال تعزيز أو توسيع الكتل العسكرية وأنه يجب أخذ المصالح والمخاوف الأمنية المشروعة لجميع الدول على محمل الجد".
عدم استخدام العقوبات أحادية الجانب: حيث انتقدت بكين هذا النوع من العقوبات، معتبرة انها "غير قادرة على حل المشكلة، بل تخلق مشاكل جديدة". إضافة لانتقادها تقديم المحور الغربي الأسلحة لأوكرانيا ودعته إلى الامتناع عن العودة إلى الصراعات بالوكالة كتلك التي جرت خلال الحرب الباردة.
الحدّ من التأثير الاقتصادي: ويتعلق هذا البند بحماية الاقتصاد العالمي من التداعيات الواسعة للحرب. في السياق، دعت الصين جميع الأطراف إلى دعم مبادرة حبوب البحر الأسود، التي تسمح بالشحن المستمر للسلع الحيوية اللازمة للتخفيف من أزمة الغذاء العالمية المستمرة. إضافة إلى الحفاظ على استقرار الصناعة وسلاسل التوريد، ومعارضة استخدام الاقتصاد العالمي أداة أو سلاحاً لأغراض سياسية.
الكاتب: غرفة التحرير