"كمَن يطلق النار على قدميه". كان وصف وزير الخارجية الإيرانية، حسين أمير عبداللهيان، لدراسة الاتحاد الأوروبي إدراج حرس الثورة على قائمة الإرهاب، دقيقاً. اذ أن حاجة إيران الماسّة لإعادة احياء الاتفاق النووي، خاصة على الصعيد الاقتصادي، لا تقِل عن حاجة الولايات المتحدة والدول الأوروبية. إلا ان طهران تستفيد بشكل متكرر من ارتفاع أسعار النفط عالمياً، إضافة لاستفادتها من الحضور القوي الذي أثبتته في سوق الأسلحة الدولي. في حين أن المعسكر الغربي، وعلى الرغم من محاولاته المتكررة لخفض الأسعار، لم ينجح في إعادة احتواء "شريكه الاستراتيجي" في الخليج إلى حد الآن، ولا في استغلاله لتحقيق الهدف الأول. ستكون المرحلة المقبلة أكثر تعقيداً لكلا الطرفين، خاصة لناحية تأثير الخطوة الأوروبية على حظوظ إحياء الاتفاق النووي، مما يجعل الأمر مفتوحاً على مختلف الاحتمالات.
مرر البرلمان الأوروبي قراراً قدم من برلمانيين أوروبيين، يطالب "بفرض مزيد من العقوبات على أي كيانات أو أفراد إيرانيين مسؤولين عن انتهاكات لحقوق الإنسان، وصوّت المشرعون أيضا على تصنيف حرس الثورة كياناً إرهابياً". وبحسب المعلومات الواردة، إن الاتحاد الأوروبي يدرس إضافة 37 فرداً وكياناً إلى عقوباته على إيران.
ونقلت وكالة رويترز عن دبلوماسي من الاتحاد الأوروبي، قوله إن "الاتحاد سيعتمد الحزمة الرابعة من العقوبات على إيران يوم الاثنين المقبل. وأضاف "نعتقد بأننا يجب أن نبدأ بالفعل في العمل على الحزمة الخامسة لتصنيف حرس الثورة الإيراني منظمة إرهابية".
تأتي هذه الخطوة في توقيت شديد التعقيد، وصلت فيه الحرب بأوكرانيا إلى أوجها، وغرقت الدول الأوروبية في مستنقع من الأزمات الاقتصادية والسياسية المزدوجة، وفقدت خلاله الإدارة الأميركية، زمام المبادرة حيال عدد من الملفات، خاصة الداخلية منها. وفيما حاولت الدول الغربية جاهدة تقليص حجم الأضرار إلى حدها الأدنى، إلا ان عدم التوصل إلى حل للأزمة الأوكرانية إلى حد الآن، إضافة للارتفاع المستمر بأسعار الطاقة، ثم التحشيد الإعلامي خلال الأحداث الأخيرة في إيران، التي لم تفضِ إلى أي نتيجة، يشي بأن خطوة الاتحاد الأوروبي، بإدراج حرس الثورة على قائمة الإرهاب، تقع ضمن دائرة "رد الفعل"، لا عن سياسة واضحة. وهذا ما وصفه عبداللهيان، خلال اتصال هاتفي أجراه مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل.
يلف هذا القرار، عدد من المحاذير القانونية والسياسية، اذ ان الحرس، هو منظمة رسمية تابعة للدولة، يعمل بها مواطنون إيرانيون، وموكل إليه مهام تتعلق بالحفاظ على الأمن القومي للبلاد. وبالتالي، ستطرح إشكالية تتعلق بشرعية تعامل مختلف الشركات -خاصة الأوروبية والغربية- مع الحرس، إضافة لتعاون حكومات الدول المجاورة لإيران مع هذه المنظمة بما يتعلق بمكافحة الإرهاب كالعراق وسوريا...
ويمكن وضع أهداف هذه الخطوة ضمن احتمالين:
الأول، اتباع الدول الأوروبية لسياسية الضغط الأقصى على إيران، وبالتالي، فتح الطريق مجدداً للمفاوضات النووية، اذ ان العواصم الاوربية كانت حتى الأمس القريب، أكبر الداعمين والداعين لإحياء الاتفاق.
الثاني، الضغط على إيران لعدم اتخاذ أي إجراءات قد تساعد روسيا في عمليتها العسكرية في أوكرانيا، خاصة بما يتعلق بمزاعم استخدام الطائرات المسيرة الايرانية في الداخل الاوكراني، واقصاء الحديث عن الاتفاق النووي في الوقت الراهن.
من جهتها نقلت صحيفة وول ستريت جورنال، تحذير عدد من المسؤولين في الاتحاد الأوروبي، من أن إدراج الحرس على لائحة الارهاب يواجه عقبات قانونية كبيرة، مما قد يجبرهم على البحث عن بدائل. وأشارت إلى ان بعض العواصم لا تزال حذرة من ذلك، خشية أن يؤدي ذلك إلى الانهيار النهائي للاتفاق النووي والإضرار بفرص إطلاق سراح المواطنين الأوروبيين المحتجزين لدى طهران.
وأشار دبلوماسيون أوروبيون إلى أن "المنظمة مدرجة بالفعل في عام 2010 بموجب نظام عقوبات الاتحاد الأوروبي لأسلحة الدمار الشامل. ومع ذلك، من المقرر رفع هذه العقوبات في وقت لاحق من هذا العام بموجب شروط الاتفاق النووي".
الكاتب: مريم السبلاني