انطلقت في 14 شباط فبراير من العام 2011 سلسلة من الاحتجاجات السلمية المطلبية والحقوقية وإصلاحية. نادى الشعب البحريني خلالها بالمواطنة والعدالة والمساواة في الحقوق كما الواجبات. لكنها قُبلت من النظام البحريني بالقمع والعنف الممنهج، وقد انغمس ملكه حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة في المشروع الأمريكي والإسرائيلي أكثر في العام 2020، حين وقّع هذا النظام اتفاق التطبيع مع كيان الاحتلال برعاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
فيما بقيت ثورة "14 فبراير" ترفض التطبيع وممارسات النظام وخرجت بجمعيات وكوادر معارضة برز دورهم اليوم مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية التي تعتبر صورية لطالما أن النظام القمعي قائم وهو من سيحدّد الحكومة وسياسات المنامة.
ومن بين أبرز الشخصيات البحرينية المعارضة للوضع الراهن، والتي تحثّ الشعب البحريني على عدم التنازل والاستمرار في الثورة حتى تحقيق المطالب، الشيخ حسين الديهي.
فما هي سيرته وأهم مواقفه؟
يتحمّل الشيخ الديهي اليوم مسؤولية نائب الامين العام لجمعية الوفاق الوطني الإسلامية المستقيلة عن البرلمان البحريني. وهو أحد أعضائها المؤسسين وعضو اللجنة التحضيرية فيها. ونائب رئيس مجلس الجمعية الإسلامية للرعاية الاجتماعية "رعاية اليتيم".
بالإضافة الى أن الشيخ الديهي هو عضو جمعية التوعية الإسلامية التي تأسست في السبعينيات على يد علماء دين وفي مقدمتهم الشيخ عيسى قاسم، تهتم بالشؤون الدينية وخاصة لدى الشباب البحريني. وقد شارك في العديد من المؤتمرات الإسلامية
كما أنه أحد أعضاء أصحاب المبادرة في انتفاضة التسعينات (هي حركة احتجاجية في البحرين بين 1994 و2000، ضمت القوى اليسارية والليبرالية والإسلامية). ومن بين أهم الداعمين لثورة "14 فبراير" التي استشهد والده في إحدى مظاهراتها بسبب قمع أجهزة النظام بتاريخ 3 تشرين الأول / نوفمبر من العام 2011. وانتشرت له صور أظهرت آثار الضرب والدماء على ملابسه.
كان الشيخ الديهي طالب علوم دينية في الحوزة العلمية في "قم" (شمال إيران) منذ عام 1986.
الموقف من النظام والانتخابات البرلمانية
في 4 تشرين الثاني / نوفمبر الجاري، أعلن الشيخ الديهي المقاطعة الشاملة للانتخابات النيابية والبلدية المقررة في 12 من الشهر نفسه، داعياً شعب البحرين إلى مقاطعة هذه العملية الهزلية مؤكداً أن "أعمال التهديد والترهيب والإجبار من قبل النظام في البحرين لن تجدي نفعا، ولن تغير من قناعات أبناء الشعب في أن هذه الانتخابات مجرد مسرحية هزلية، والبرلمان القادم مجرد صورة شكلية".
وقد أوضح هذا القرار من خلال ذكر 10 أسباب من أصل 139 سبباً لمقاطعة الانتخابات ومن أهمها غياب الدستور المتوافق عليه والتمييز بين المواطنين والاستحواذ على الثروة وسرقة المال العام والفشل في تنويع مصادر الدخل، والتجنيس غير القانوني وانتشار الفقر والبطالة وإحكام القبضة الأمنية للنظام، معتبراً أن "التصويت اليوم للبرلمان هو دعم لقرار التطبيع مع كيان الاحتلال الإسرائيلي".
وللشيخ الديهي، العديد من المواقف ضد النظام البحريني، منها:
_ النظام يعيش عزلة شعبية وبسبب المخاوف من التراجع الأمريكي، لجأ إلى الحماية الصهيونية وبهذا باعوا الوطن وأغرقوه وهددوا مصالحه".
_ النظام البحريني يتعاون مع الصهاينة على المستوى السيبراني مما يهدد مصلحة الشعب وأمنه، وهو يمتهن تأجيج المشاكل الطائفية والقبلية الوهمية مع الدول المجاورة.
_ البحرين دولة قامعة للتسامح الديني والحريات، والطريق نحو الشراكة السياسية والعدالة الاجتماعية تتطلب إنهاء خيار القمع السياسي
_ الحكومة تلاعبت بالكتلة الانتخابية عبر حرمان عشرات الآلاف من حقهم في التصويت.
_ إن النظام البحريني اليوم مستعد لدفع الملايين ليستفيد إعلاميًا من حدث الانتخابات والتعمية على الحقائق وواقع الانتهاكات، والحكومة الجديدة لم تكن إلا نسخة عن سابقاتها ولم تحدث أيَّ تغيير للحال المتدهور في البلد.
وحول الموقف الحقيقي من هذا النظام، قال الشيخ الديهي إن "شعب البحرين، بجميع أطيافه، سنة وشيعة، مقاطعون للصهاينة، ودبلوماسيو العدو جبناء ويخشونه ولا يكشفون عن هويتهم لأن كل بحريني قنبلة موقوتة بوجههم".
الموقف من الاعتقالات
حول اتهام الشيخ علي سلمان (أمين عام جمعية الوفاق الوطني الإسلامية) بالتعاون مع قطر، فإن الشيخ الديهي يرى في ذلك "اتهاماً كيدياً وعبثياً وغير مهني هدفه تصفية حسابات بين البحرين وقطر" ضمن خلافات بين بعض عواصم خليجية والدوحة. وأوضح أن الاتصالات التي يزعمها النظام البحريني "كانت اتصالات ضمن مبادرة سعودية أمريكية قطرية لحلحلة الازمة السياسية بين شعب البحرين والحكم في العام 2011 بعد انطلاق الحراك الشعبي الواسع في البحرين"، وتحدّى الشيخ الديهي النظام بأن ينشر التسجيلات الصوتية كاملة دون اقتطاع.
من ناحية ثانية، تكتظ سجون البحرين بالمعتقلين السياسيين، اذ يعتقل النظام المشاركين في المظاهرات الاحتجاجية أو الداعمة لقضايا المقاومة في المنطقة وأصحاب الرأي المعارض، وشرح الشيخ الديهي أن "ما يقارب الخمسة آلاف معتقل سياسي بينهم نساء، وأطفال أقل من السن القانونية. هذا والوضع مستمر لحد الآن ... وكلها اعتقالات احترازية، فقط حتى لا يخرج شعب البحرين في هذا اليوم. يعني يعتقلون بعض الشبان احترازاً، فيزجّون بهم في السجون، ثم يرون بعد ذلك، هل يحكمون عليهم بسنة أو سنتين أو حتى مؤبداً؟ أصبحت أحكام المؤبد في البحرين كأنّها شربة ماء، وأصبحت أحكام الإعدام شيئاً طبيعياً".
نُظّمت في قطاع غزّة ندوة سياسية بعنوان "من ثوار فلسطين إلى ثوار البحرين"، الواقع العربي إلى أين؟"، وحول رؤية الشيخ الديهي للاهتمام الفلسطيني بقضية شعب البحرين وثورته، قال الشيخ هذا "ليس غريباً على أهلنا وأحبتنا في غزّة، بل وكلّ فلسطين وقوفهم إلى جانب الشعوب المستضعفة والمظلومة، وعلى رأسها شعب البحرين لما يعرفه شعب فلسطين من مواقف عربية إسلامية أصيلة وقفها شعب البحرين، بل البحرين قدّم الشهداء في سبيل نصرة أهلنا في غزّة وفلسطين، وقد سقط لنا في بعض المسيرات شهداء وجرحى من أجل نصرة فلسطين على يد أزلام وقوات النظام آنذاك... شعب فلسطين يعرف الشعب البحريني، فبالتالي لن يتوانى عن نصرته. لا يحتاجون للتنسيق معنا ودعمنا في هذا الموضوع بقدر ما يعرفون أنّ هذا واجبهم، وموقفهم الشريف اتجاه الشعوب المستضعفة، لأنهم يعانون ويعرفون مَن ينصرهم، ولا بدّ من نصر غيرهم أيضا".
يذكر أن جمعية الوفاق الوطني الإسلامية تأسست عام 2001، وهي ذات بُعد سياسي إسلامي معارض للنظام الحالي، وتطالب بإصلاحات ديمقراطية. ينص نظام الداخلي للجمعية على أنها تعمل "من أجل بناء وطن عصري، تكون فيه السيادة للشعب بوصفه مصدر السلطات جميعا، وتتوافر فيه المشاركة الشعبية في صنع القرار، ويحقق مبادئ الحرية والعدالة والمساواة في ضوء الرؤية الإسلامية".
الكاتب: غرفة التحرير