انتهت الدورة الأولى من الانتخابات الرئاسية البرازيلية منذ أيام، والتي أجلّ فيها الحسم الى 30 تشرين الأول / أكتوبر الحالي، ما سيزيد من حدّة الاستقطاب والاحتقان السياسي، خاصةً بعدما أظهرت النتائج تصدّر الرئيس الأسبق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، مقابل تراجع حليف الولايات المتحدة الأمريكية الرئيس الحالي اليميني المتطرف جايير بولسونارو.
هذه النتائج وبالرغم من أنها لم تحسم السباق الرئاسي، إلا أنها أكدّت على أن فشل الحرب التي شنت على "لولا دا سيلفا" وحزبه خلال السنوات الماضية، والتي كانت الإدارة الأمريكية من أبرز المشجعين عليها.
فدا سيلفا من أبرز خصوم الدولة الأمريكية وسياساتها في أمريكا اللاتينية، والذي استطاع الى حدً ما تحرير بلاده من التبعية والارتهان لواشنطن اقتصادياً.
فما هي أهم المحطات في مسيرة وحياة دا سيلفا؟
_ من مواليد الـ27 من تشرين الأول / أكتوبر من العام 1945 في كايتيس، وهي ولاية في شمال شرق البرازيل. وكان هو الابن الـ 7 لوالده من بين 8 أبناء.
_ لم يتلق سوى القليل من التعليم الرسمي، بحيث تعلم القراءة عندما بلغ الـ 10 من عمره، وترك المدرسة بعد الصف الثاني لمزاولة العمل ومساعدة أسرته.
كانت وظيفته الأولى منظف للأحذية ومتجول. وبحلول سن الـ 14 من عمره وجد وظيفة في أحد المستودعات.
_ عندما كان يبلغ الـ 19 من عمره، فقد إصبعه الصغير من يده اليسرى أثناء عمله في مصنع لقطع غيار السيارات. بعد الحادث، اضطر إلى الذهاب إلى عدة مستشفيات قبل أن يتلقى الرعاية الطبية. وقد زادت هذه التجربة من اهتمامه بالمشاركة في اتحاد العمال. وفي ذلك الوقت تقريباً، انخرط في الأنشطة النقابية وشغل العديد من المناصب النقابية الهامة.
_ في العام 1975 انتخب كرئيس لاتحاد عمال الصلب في ساو برناردو دو كامبو ودياديما، التي تعد من أهم المناطق الصناعية في البلاد لأهم شركات السيارات العالمية، ثم أعيد انتخابه في العام 1978.
وفي أواخر السبعينيات، عندما كانت البرازيل تحت الحكم العسكري، ساعد لولا في تنظيم الأنشطة النقابية، بما في ذلك الإضرابات الكبرى، ولأن السلطات حينها كانت تعتبر بأن الإضرابات غير قانونية، سُجن لولا لمدة شهر. ونتيجة لذلك، ومثل غيره من الأشخاص الذين تم سجنهم بسبب أنشطة سياسية في ظل الحكومة العسكرية، تم منحه معاشاً مدى الحياة بعد سقوط النظام العسكري.
_في شباط / فبراير من العام 1980، كان من المشاركين في تأسيس حزب العمال، ذو الأفكار التقدمية. وفي العام 1983، ساعد في تأسيس اتحاد نقابات (CUT). وفي العام 1984، انضم لحملات المطالبة بتصويت شعبي مباشر في الانتخابات الرئاسية البرازيلية. وهذا ما نجحوا في تحقيقه عام 1989.
_ خاض الانتخابات الرئاسية 3 مرات دون جدوى، قبل أن يستطيع تحقيق النصر في انتخابات العام 2002، وقد أعيد انتخابه عام 2006.
_خلال فترة رئاسته، قدم لولا برامج اجتماعية شاملة، بهدف مكافحة الفقر ورفع مكانة الطبقة العاملة في البلاد. واستطاع لعب أدوار بارزة في الشؤون الدولية، حيث كان من أبرز المشجعين على إنهاء النظام العالمي ذو القطبية الواحدة بقيادة أمريكا.
كما كان لديه العديد من المواقف المؤيدة لدول وحركات محور المقاومة، ففي الشهر الأخير من ولايته، اعترفت حكومته رسمياً بفلسطين كدولة، وحذا حذوها العديد من دول أمريكا اللاتينية. وقد وصفته بعض الوسائل الإعلامية بصديق الطغاة في العالم، لكن يمكننا اعتباره "صديق المقاومين في العالم".
_ ساهم في إيصال خليفة له وهي ديلما روسيف، لكن اداءها خلّف خيبة أمل لدى بعض البرازيليين لا سيما بما يتعلق بالشق الاقتصادي، وهذا ما مكن جهود الانقلاب عليها وعزلها من الحكم، وتعيين نائبها "ميشال تامر" مكانها.
_ في تموز / يوليو 2017، أدين بتهمة غسل الأموال والفساد في محاكمة مثيرة للجدل، وحُكم عليه بالسجن تسع سنوات ونصف. وبعد فشله في قضية استئناف الحكم، تم سجنه في نيسان / أبريل 2018 وقضى 580 يومًا في السجن.
في تشرين الثاني / نوفمبر من العام 2019، قضت المحكمة الاتحادية العليا بأن سجنه مع تعليق الاستئنافات هي قضايا غير قانونية وتم إطلاق سراحه نتيجة لذلك. وفي آذار / مارس 2021، حكم قاضي المحكمة العليا بإلغاء جميع الإدانات، لأنه حوكم من قبل محكمة ليس لها اختصاص مناسب في قضيته، وتم إعادة حقوقه السياسية.
_في أيار / مايو 2021، صرح لولا أنه سيرشح نفسه لولاية ثالثة في انتخابات العام 2022، ضد الرئيس الحالي جايير بولسونارو.
الكاتب: علي نور الدين