هي كحكاية إبريق الزيت كما يُقال عادةً في أغلب الدول العربية، فهدف الجماعات التي قامت بأعمال الشغب وإثارة الفتنة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ أيام، ليس الدفاع عن "حقوق المرأة"، إنما هدفهم الحقيقي من خلال استغلال وفاة الفقيدة "مهسا أميني"، هو محاولة إسقاط النظام الإسلامي بحد ذاته.
فمنذ إعلان نبأ وفاة "أميني"، تداولته كلّ وسائل الإعلام الرسمية ومنصات الفضاء الافتراضي كقصة حزينة. كما تلا الخبر على الفور رئيس الجمهورية ورئيس القضاء ورئيس مجلس الشورى، فأظهروا بأن مختلف المسؤولين عازمون على متابعة هذا الموضوع. ولم يكتف السيد إبراهيم رئيسي ببيانه فقط، بل قام بإجراء محادثة هاتفية مع عائلة أميني، وشارك محافظ كردستان في حفل تأبينها، للتعبير عن التعاطف وطمأنة أسرة الفقيدة، وللتأكيد بوضوح على عزم الدولة وجديتها، في تحديد أبعاد هذه الحادثة، ومحاسبة المسؤولين المقصرين فيها.
لكن مع ذلك، أغرى هذا الحادث الذي من الممكن حصوله في أي دولة، المجموعات المرتبطة بالخارج، من أجل تنفيذ ما يصفونه بالثورة المضادة.
لذلك تعاملت الجمهورية الإسلامية مع تداعيات هذه الحادثة، من خلال عدّة مراحل، ومعالجتها من خلال أقل التكاليف المادية والمعنوية:
_تبيين الحقائق:
بيّنت السلطات الايرانية الحقائق فيما يتعلّق بالوفاة مباشرةً، بهدف مواجهة التضليل الإعلامي الغربي (لا سيما وسائل الإعلام الناطقة باللغة الفارسية والمموّلة خارجياً)، ولصد محاولات تشويه سمعة أجهزة الأمن الإيرانية، والتدخلات الدولية في إيران تحت ذريعة "حقوق الانسان".
_تحمّل المسؤولية:
1)اتصل الرئيس السيد ابراهيم رئيسي هاتفيًا بعائلتها نهار الاحد 18-9-2022 لمواساتهم واكد على خضوع القضية للمتابعة الجادة والتحقيق في جميع جوانبها بدقة. معرباً خلال المحادثة الهاتفية مع أسرتها عن تعاطفه معهم، وطلب من الله ان يلهمهم الصبر والسلوان على هذه المصيبة، وقال: لقد علمت بالحادث خلال زيارتي إلى أوزبكستان، وأوعزت الى زملائي على الفور بالتحقيق في الموضوع واعطائه الأهمية في جدول الأعمال، وكونوا على ثقة بأنني سأطالب الاجهزة المعنية بمتابعة الامر حتى يتم توضيح أبعاده. واكد أنه يعتبر جميع الفتيات الإيرانيات بمثابة بناته، واضاف بان: ابنتكم هي بمثابة ابنتي، وشعوري هو أن هذا الحادث قد وقع لأحد أحبائي لذا اعتبروني شريكًا لكم في محنتكم ومتعاطفًا معكم في حزنكم. وفي هذه المكالمة الهاتفية، اعربت أسرة الفقيدة أميني عن شكرها لرئيس الجمهورية على اتصاله وإيعازه الفوري بمتابعة الحادث، والتعبير عن تعاطفه، وطالبوا بمتابعة الموضوع حتى تتضح أبعاد هذه القضية.
2)أكد وزير الداخلية أحمد وحيدي السبت 17-9-2022، إن القضية تخضع لمتابعة جادة ويتم التحقيق في جميع جوانبها بدقة. وأوضح أن الجميع آسف على هذا الحادث، وأضاف: يجب تقديم الأدلة الطبية الكاملة لهذه الحادثة لأن المتوفاة على ما يبدو كانت تعاني من مشاكل طبية سابقة. طبعا بما أن تقارير الطب الشرعي لم تكتمل، فلا يمكن إبداء رأي نهائي، ولكن حسب التقارير فان الفقيدة قد خضعت لعمل جراحي في المخ في سن الخامسة، الامر الذي يحتاج الى ايضاحات إضافية من قبل المسؤولين الرسميين في هذا المجال في المستقبل. وأشار وزير الداخلية إلى أن التحقيق سينتهي بمساعدة الأسرة وجميع الشهود، وبهذه الطريقة سيتم الاستعانة بآراء الطب الشرعي والهيئة الرقابية للوصول إلى النتيجة النهائية.
3)حضر حاكم محافظة كردستان إسماعيل زارع كوشا، إلى جانب السيد صادق حسيني قائد فيلق حرس الثورة في كردستان، ونائبه للأمن السياسي وممثل مدينة "سقز" في مجلس الشورى الاسلامي، في مراسم تشييع جنازة المرحوم مهسا أميني يوم الأحد 18-9-2022، وعبروا عن تعازيهم، كما التقوا مع عائلتها. وعقب مراسم الجنازة، حضر مسؤولو المحافظة في منزل الفقيدة أميني وأعربوا عن مواساتهم مع عائلتها وأكدوا على متابعة القضية عبر القنوات القانونية.
4)زار نائب الولي الفقيه في محافظة كردستان (غربي إيران) الشيخ "عبدالرضا بور ذهبي" منزل عائلتها وقدم التعازي لهم بوفاتها. وأعرب عن تعاطفه معهم، مضيفاً بأنه باعتباره ممثلاً للولي الفقيه، فإنه يطمئنهم بأن جميع المؤسسات المعنية ستتخذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن حقوق المرحومة ولن يضيع اي حقوق من اسرتها.
_نفي الاتهامات:
1)نفى قائد شرطة طهران اللواء حسين رحيمي "الاتهامات الظالمة في حق الشرطة". وقال "لم يحصل أي إهمال من جانبنا، لقد أجرينا تحقيقات (…)، وكل الأدلة تثبت عدم حصول أي إهمال أو أي سلوك غير ملائم من جانب عناصر الشرطة، ما حصل حادث مؤسف، ونأمل ألا نشهد يوما مثل هذه الحوادث مجدداً".
2)أعلن المدير العام للطب الشرعي الدكتور مهدي فروزش في محافظة طهران في تصريح إعلامي، الرأي الأولي فيما يتعلق بالتحقيق في القضية: مع الأخذ في الاعتبار المبادئ التوجيهية والأصول المتبعة في هيئة الطب الشرعي في القضايا المحالة إلى هذه المنظمة، لم تكن هناك حاجة لأوراق ثبوتية، بالنظر إلى أن هوية الجثة كانت معروفة. وأوضح أن: عملية التعامل مع الجثث ذات الهوية الواضحة هي بطبيعة الحال أقصر بكثير من تلك الخاصة بالجثث المجهولة الهوية. وصرح: باعتبار أن هوية المتوفاة كانت معروفة تم التعامل مع هذا الملف في أقصر وقت ممكن. وبخصوص الشكوك التي أثيرت في قضيتها فقال: "باعتبار أن هناك معلومات غير صحيحة وغير علمية قد انتشرت في الأجواء الإلكترونية تزعم خروج الدم من أذني المرحومة وكسر في قاعدة الجمجمة وضربات للأعضاء الداخلية للجسم، يجب أن نعلن أنه وخلال فحص الجسم وتشريح الجثة، لم تُلاحظ أي آثار لإصابات في الرأس والوجه، أو كدمات حول العينين، أو كسور في قاعدة الجمجمة". مضيفاً: "في تشريح الجسم والبطن، لم تلاحظ أي علامات نزيف أو سحق أو تمزق في أعضاء الجسم الداخلية". وختم بالتأكيد بأن ما يحتاج إلى مزيد من الوقت هو تحديد سبب وفاة المتوفاة، وذلك يكون بعد ظهور نتائج فحوصات العينات المأخوذة وضمها إلى نتائج الفحص وتشريح الجثة والسجلات الطبية، وسيتم تقديم ذلك إلى السلطات القضائية على شكل تقرير رسمي من قبل هيئة الطب الشرعي.
_توضيح الاحداث:
1)قال العميد رحيمي: أثناء نقل السيدة أميني، لم يكن هناك جدال أو مقاومة، وحتى وفقا لأشخاص آخرين، فان السيدة أميني كانت تمازح الاخرين داخل السيارة. وشدد على انه لم يكن هناك إهمال من جانب الشرطة، ولا حتى زلة صغيرة واضاف: كل ما تم نشره في الفضاء الافتراضي حول سبب الوفاة هو محض أكاذيب. وتابع قائلا: حضرت السيدة أميني إلى الفصل، وحتى يحضر المعلم إلى الفصل ويتم اتخاذ الخطوات والاستعدادات لعقد الفصل، وقفت السيدة أميني وسألت زميلتنا ما هو الخطأ في مظهري؟ وقدمت لها زميلتنا بعض الايضاحات، وبعد ذلك تدهورت صحة السيدة مهسا. بعد هذه الحادثة، حضر الفريق الطبي المتمركز في المكان لمعالجتها وبدأ بإجراءات عملية الإنعاش.
2)قال وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان في 20-9-2022 إن السلطات الايرانية أمرت بفتح تحقيق في وفاة مهسا أميني التي وصفها بالمأساوية. وفي تغريدة على تويتر انتقد التسييس الغربي لقضية إنسانية، وقال إن حقوق الانسان لها قيمة جوهرية بالنسبة لإيران بخلاف اولئك الذين يعتبرونها أداة تستخدم ضد خصومها، مذكرا اميركا بانه يجب عليها بدلا من ذرف دموع التماسيح أن تنهي إرهابها الاقتصادي على الشعب الايراني.
3)نشرت الشرطة الإيرانية، السبت الماضي، مقطعاً للفيديو التقطته كاميرات المراقبة، يوثّق اللحظات الأخيرة للشابة أميني، داخل مركز الشرطة. وقالت شرطة طهران إنّ اللقطات تُثبت عدم تعرّض مهسا أميني، البالغة 22 عاماً، لأي عنف أو إيذاء جسدي. ويُظهر المقطع الشابة الإيرانية داخل مركز "شرطة الأخلاق". وبينما كانت أميني تقف في جوار مقعد، وتتحدث إلى امرأة أخرى، أمسكت برأسها فجأة، واصطدمت بمقعد، ومن ثم سقطت أرضاً. كما رصدت اللقطات نقلها على الحمّالة إلى عربة الإسعاف.
_تقديم شكوى:
أعلنت إيران الأربعاء الفائت، أنها تقدمت بشكوى إلى الأمين العام للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ضد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في شؤونها الداخلية. واتهم المندوب الإيراني في الأمم المتحدة، غلام علي خوشرو، في رسالة وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة، انطونيو غوتيريش، الإدارة الأمريكية بالقيام "بمحاولات واسعة للتدخل في الشؤون الداخلية لإيران".
الكاتب: غرفة التحرير