تُعد الأزمة بين أرمينيا وأذربيجان، عميقة وقديمة، سياسية وعرقية وجغرافية عنوانها إقليم كاراباخ. وتعود جذورها إلى ما قبل انهيار الاتحاد السوفياتي. حينها، كان الهدف من الهجوم الأرميني السيطرة على إقليم كاراباخ -ذات الأغلبية الارمينية-.
هذه الحرب التي توقفت عام 1994 انتهت بسيطرة أرمينيا، مدعومة من روسيا، على 20% من مساحة أذربيجان. توقف اطلاق النار حينها على هذه الخريطة لكن النار لم تهدأ. بعد 16 عاماً شنت أذربيجان هجوماً واسعاً على المنطقة، وبعد 6 أسابيع من القتال وقّع الطرفان اتفاقاً لوقف اطلاق النار في موسكو استعادت باكو مدعومة من تركيا السيطرة على المناطق التي خسرتها وخسرت أرمينيا الحرب. وبقي في الإقليم مناطق تخضع لما يعرف بـ "جمهورية ارتساخ"، غير المعترف بها دولياً، والمدعومة من أرمينيا.
وبناء على الاتفاق، أعطي لأرمينيا ممراً إلى المناطق الانفصالية -"باتشي"- تحفظ السلام فيه قوات روسية. فيما تحصل أذربيجان بالمقابل، على طريق يصلها بأراضيها ما وراء الحدود الارمينية.
وما أعاد التوتر اليوم، هو زعم باكو ان الارمينيين لم يلتزموا بفتح الطريق. حيث قامت بإغلاق ممر باتشي رداً على ذلك. وهو الأمر الذي أعاد فتح النار أدى إلى الآن بسقوط عشرات القتلى ما بين الجانبين.
ولا يمكن فصل الاهتمام الاستثنائي الذي ابدته الدول الأوروبية بضرورة وقف إطلاق النار، عما توفره أذربيجان من الغاز في هذه اللحظة الحرجة التي تمر بها، على خلفية العقوبات التي فرضت على روسيا، وقيام الأخيرة بخطوات مضادة بهذا الشأن.
مع بداية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، منتصف شباط/ فبراير الماضي، أعلنت المفوضة الأوروبية للطاقة، كادري سيمسون، في مؤتمر صحفي في باكو، إن الاتحاد الأوروبي يرغب في زيادة إمدادات خطوط أنابيب الغاز الأذربيجاني عبر البحر الأدرياتيكي إلى أوروبا. وقد نقل خط الأنابيب عبر البحر الأدرياتيكي، بالفعل، أكثر من 8.1 مليار متر مكعب من الغاز الأذربيجاني إلى أوروبا، في العام الماضي، ذهب 6.8 مليار متر مكعب منها إلى إيطاليا. في حين أشار الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، أن بلاده صدرت 19 مليار متر مكعب من الغاز، عام 2020؛ منها 8.5 مليار متر مكعب ذهبت إلى تركيا، وأُرسِلت الكميات الباقية إلى إيطاليا وجورجيا واليونان وبلغاريا.
وبينما أخذت إيران -جارة البلدين التي تربطها بهما حدود جغرافية مشتركة- موقف الحياد، ودعت كلا من البلدين إلى ضرورة ضبط النفس واللجوء إلى الحوار، ذهبت الولايات المتحدة لتأجيج الصراع عبر اتهام روسيا بإذكاء التوتر.
وخلال مؤتمر صحفي عقد اليوم الاثنين، أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، ان "المواقف الأساسية للجمهورية الإسلامية الإيرانية واضحة تماماً. نؤمن بضرورة استخدام الأساليب والحلول السياسية لإنهاء النزاعات وتقليل التوتر والدخول في حوارات سياسية لحل الخلافات الحدودية بين البلدين". وقال "فيما يتعلق بالسياسة الجيوسياسية للمنطقة وعدم تغيير الحدود الدولية، نعتقد أن ما يمكن أن يساعد في حل هذه الخلافات هو وجود إرادة سياسية في البلدين لبدء المحادثات، وهو استخدام الأطر الإقليمية والجهود المشتركة مع الجيران للمساعدة في إنهاء التوترات وحل النزاعات". مشيراً إلى طهران "تتمتع بعلاقات ودية ووثيقة للغاية مع طرفي الصراع على أساس سياسة الجوار ولا تزال مستعدة للمساعدة في إنهاء التوترات والخلافات".
الكاتب: غرفة التحرير