سجلت الضفة الغربية المحتلة خلال الساعات الماضية عدداً من عمليات المقاومة الشعبية، ففي الخليل ألقى الفلسطينيون الزجاجات الحارقة على برج عسكري ينام فيه جنود الاحتلال ممّا أوقع 7 إصابات في صفوفهم، سبقتها عملية إطلاق نار على مستوطن من مستوطنة "كرمي تسور". جاءت هذه العمليتان بعد أيام من العملية النوعية في غور الأردن حيث فتح 3 فلسطينيين النار على باص للجنود واعترفت مستويات الاحتلال بأهمية العملية وقرأتها بقلق. أمّا مجموعات المقاومة في مدن الضفة وخاصة في الشمال فهي على جهوزية يومية لتصدي اقتحامات الاحتلال ويشتبك مجاهدوها مع وحدات الجيش، وهو ما أعلنت اليوم عنه "كتيبة جنين" التي قالت " تمكن مجاهدونا من استهداف آليات الاحتلال في شارع الناصرة بعدد من العبوات المتفجرة وصليات كثيف من الرصاص بشكل مباشر".
أمام هذه الحالة المتصاعدة يومياً من المقاومة الشعبية بالدرجة الأولى قبل أن يكون منفذو العمليات ينتمون الى فصائل، يرى الصحفي الإسرائيلي ايال زيسر أن "إسرائيل" في "عين العاصفة" وهو ما أوضحه في مقاله في صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية تحت عنوان "انتفاضة أخرى على الأبواب".
المقال المترجم:
الاشتباكات الأخيرة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلّة) لم تتصدر عناوين الصحف. تم الإبلاغ عن التصعيد الأخير جنبًا إلى جنب مع قصص جرائم مختلفة أو أخبار أخرى غير ذات صلة. الانطباع الذي يحصل عليه المرء من قراءة الجريدة هو أننا لسنا في خضم تصعيد كبير لموجات الهجمات (عمليات المقاومة) من اليسار واليمين.
لكن هذا الشعور المخادع يمكن أن يكون مجرد الهدوء ما قبل العاصفة. في الحقيقة العاصفة قد وصلت بالفعل. لا يمر يوم دون أحداث عنيفة بين الجيش الإسرائيلي وحشود فلسطينية أو دون أن تتحول بعض الغارات على قرية فلسطينية إلى ساحة معركة حيث اشتبك مئات السكان مع القوات التي ردت بالنيران.
لا يمر يوم دون وقوع هجوم (عملية) طعن أو حادثة دهس، كما كان هناك ارتفاع في عدد الضحايا الفلسطينيين، حيث أدت كل حالة وفاة إلى تأجيج التوترات بشكل أكبر. قد تكون جنين، عاصمة الإرهاب، النقطة الساخنة الرئيسية، لكن غور الأردن أصبح مؤخرًا بؤرة ساخنة، كما حدث في منطقة بنيامين. شهدت نابلس والخليل ومنطقة القدس (بما في ذلك أحيائها العربية) حوادث عنف يومية. بعبارة أخرى، يهودا والسامرة مشتعلة.
حاول البعض تفسير هذا التطور على أنه نتيجة الزوال النهائي للسلطة الفلسطينية، أو على الأقل شفق الرئيس محمود عباس البالغ من العمر 87 عامًا. السلطة الفلسطينية وعباس ضعيفان ويفتقران إلى الإرادة لفرض النظام في المناطق التي يسيطران عليها. لكن المستقبل سيكون أسوأ لأن أولئك الذين سيحلون محل عباس لن يتمتعوا بنفس الشرعية التي يتمتع بها الشخص الذي كان الذراع اليمنى لياسر عرفات. يمكن أن يُعزى ارتفاع العنف أيضًا إلى الرياح الخلفية التي تلقاها الفلسطينيون من أولئك الذين يُفترض أنهم حلفاء لإسرائيل وعادة ما يدعمون حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها.
يجب أن نتذكر أنه لم يتوقع أحد الانتفاضات الماضية التي اندلعت بشكل عفوي وبالتدريج دون أن ينسقها أحد من أعلى إلى أسفل. كانت الجماهير هي التي قادت أعمال العنف (أعمال المقاومة) مجرى الأحداث، وفاجأت إسرائيل الت يلم تكن مستعدة؛ لذلك تأخر الرد وفُقدت السيطرة لفترة، وكانت نتيجة الانتفاضة الأولى هي اتفاقات أوسلو والانتفاضة الثانية جاءت بفك الارتباط عن غزة حيث انسحب الجيش الإسرائيلي من غزّة وشمال السامرة عام 2005. يجب أن نتذكر أن القصة الصهيونية بأكملها والقتال على هذه الأرض هي قصة موجات عنف تظهر وتتلاشى لتعاود الظهور.
الهدوء التام شيء لا يرجح أن يراه جيلنا. احتفلت إسرائيل مؤخرًا بمرور 55 عامًا على احتلال يهودا والسامرة، وهي فترة أكبر بكثير من فترة الانتداب البريطاني والاحتلال الأردني مجتمعين. ينظر الكثيرون إلى الوضع الراهن على أنه أهون الشرين لأنه يسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بالمنطقة دون مواجهة رد فعل دبلوماسي عنيف على المسرح العالمي.
لكن هناك لحظة تفوق فيها مساوئ الوضع الراهن على مزاياه، في مثل هذه المرحلة ، من الضروري التفكير خارج الصندوق لإحداث التغيير. يجب على إسرائيل مواجهة هذه الموجة (المقاومة الشعبية) بكل قوتها قبل أن تصبح انتفاضة كاملة، وفي الوقت نفسه يجب مراقبة نبض يهودا والسامرة لكي نعرف في وقت مبكر متى الوضع القائم لن يعد قائماً.
المصدر: اسرائيل اليوم
الكاتب: ايال زيسر