مدّد مجلس الأمن الدولي وجود قوات "اليونيفيل" (القوات الدولية المؤقتة في لبنان) عاماً إضافياً في لبنان في 31 آب / أغسطس الماضي، وبموجب التمديد تبقى هذه القوات تقوم بمهامها المعتادة عند الخط الأزرق الفاصل بين الحدود اللبنانية والفلسطينية المحتلّة. الا أن تعديلاً جديداً طرأ على بنود هذا العام لم يكن مُقرّاً في القرارات الماضية، يطرح العديد من علامات الاستفهام ويثير الشكوك.
نصّ هذا القرار (2650 / 2022) الصادر عن الأمم المتحدة بأن "اليونيفيل لا تحتاج إلى إذن مسبق أو إذن من أيّ شخص للاضطلاع بالمهام الموكلة إليها، وأنه يُسمح لها بإجراء عملياتها بشكل مستقلّ. ويدعو الأطراف إلى ضمان حرية حركة "يونيفيل"، بما في ذلك السماح بتسيير الدوريات المعلنة وغير المعلن عنها. ويدين المجلس مضايقة وترهيب أفراد "يونيفيل"، وكذلك استخدام حملات التضليل الإعلامي ضدّ حفظة السلام. كما يطلب من البعثة اتخاذ تدابير لرصد المعلومات المضللة ومكافحتها".
مرّت هذه "الإضافات" وتوسيع الصلاحيات، وهي الأولى من نوعها منذ 44 عاماً، دون توقيع من مجلس الوزراء ودون أن يدرج على جدول أعماله، فمن الذيّ منح "اليونيفيل" حرّية العمل وخدمةّ لأيّ أجندة أو أهداف في هذا التوقيت الأكثر توتراّ منذ العام 2006 بين لبنان ومقاومته وبين كيان الاحتلال الذي يعتدي على الثروة النفطية والغازية اللبنانية في المساحة المتنازع عليها من البحر الأبيض المتوسّط قبل التوصّل الى اتفاق ترسيم حدود بحرية مع الموفد الأمريكي "الوسيط".
يحمل هذا التعديل الدخيل الى جانب كونه تجاوزاً للقرار 1701 أبعاداً. أولاً قد يتوقّع أن تتخذ "اليونيفيل" طرفاً في حال نشوب تصعيد عسكري بين حزب الله والاحتلال، وهذا بطبيعة الحال مرفوض، ويخرج عن السبب الجوهري الذي تذرّع به المجتمع الدولي لزرع "اليونيفيل" في البلد وهو تعرفيها بأنها "قوات حفظ سلام". تذكر الأوساط اللبنانية محاولة سابقة أيضاً لحرف "اليونيفيل" عن دورها الذي يحدّه القرار 425 وجعلها "قوات متعددة الجنسيات وبمهمة ذات طبيعة قتالية خلافاً لمهمة حفظ السلام" وذلك في العام 2006 بضغط من الولايات المتحدة الأمريكية خلال عدوان الاحتلال على لبنان.
ثانياً، يسمح هذا القرار للـ "يونيفيل" بالدخول الى عمق القرى والأحياء الجنوبية التي ليس من المفترض أن تدخلها دون التنسيق مع الجهات المعنية بما قد يستفزّ الأهالي والعائلات اللبنانية وبالتالي يصل الجنوب الى حافة الصدمات بين "اليونيفيل" والشعب. وقد وقعت هذه المشكلات مرّات عدّة عندما تجاوزت "اليونيفيل" نطاق صلاحياتها ودخلت الى القرى بمهمات تصوير تصدى لها أهالي الجنوب.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيريش قد صرّح خلال زيارته الى بيروت في كانون الأول / ديسمبر من العان الماضي بـ "ادخال قواعد اشتباك جديدة لقوات اليونيفيل وتوسيع صلاحياتها في شمال الليطاني وإلى الحدود مع سورية، إضافة إلى منحها صلاحيات إضافية في منطقة جنوب الليطاني عبر الدخول إلى الأحياء والمنازل لتفتيشها للبحث عن سلاح ومصادرته
منذ تواجدها على أرض لبنان في العام 1978 لـ "مراقبة وقف الأعمال العدائية"، لم تقدّم "اليونيفيل" دوراً فعلياً في الاجتياح الإسرائيلي لبنان عام 1982، ولا خلال حرب تموز في العام 2006 ولا ما بعدها بموجب "تعزيز" وجودها بموجب القرار 1701، ولغاية اليوم لم تبادر "اليونيفيل" الى وضع حدّ أو التدخل في اعتداءات الاحتلال البرية والجوية وخرقه للسيادة اللبنانية.
واليوم، القرار 2650 برسم الدولة اللبنانية وأجهزتها لإعادة "اليونيفيل" الى مربعها السابق ووضع حدّ للتجاوزات التي تخلّ بأمن واستقرار وسيادة لبنان.
الكاتب: غرفة التحرير