بدأ جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم الأحد، تمريناً عسكرياً مفاجئاً على الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة، والتي ستستمر حتى مساء يوم الثلاثاء. وقد أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال أنه سيتم ملاحظة حركة نشطة للمركبات العسكرية خلال التمرين، كما سيسمع دوي انفجارات في المنطقة. لافتاً بأن هذا التمرين قد تم التخطيط له بشكل مسبق، في إطار خطة التدريبات السنوية للعام 2022.
لكن تزامن هذا التمرين العسكري مع اقتراب الأيام الحاسمة، لحسم المفاوضات التي تتولاها الإدارة الأمريكية بين لبنان والكيان المؤقت، فيما يتعلق بملف استخراج الكيان للغاز من حقل كاريش المحتل، يؤكد بأننا دخلنا في المرحلة الحساسة (كل الاحتمالات فيها مفتوحة)، والتي يقدّرها بعض المتابعين بحوالي 15 الى 20 يوماً كحد أقصى، لا سيما مع اشتداد أزمة الطاقة في أوروبا.
وفيما كشفت بعض الوسائل الإعلامية اللبنانية، بأن المسؤول الأميركي المكلّف بمتابعة ملف المفاوضات غير المباشرة "عاموس هوكشتاين" قد قال في اتصال مع المعنيين في لبنان، بأنه لن يزور بيروت، إلا بعد ان يحصل على جواب واضح من "اسرائيل"، والذي لم يتحقق بعد. فإنه من اللافت حالة التخبط لدى وسائل الإعلام والمحللين العسكريين الإسرائيليين (المرجّح بأن تكون مقصودة ومدروسة)، لناحية بث البعض لإشارات توحي بإيجابية أجواء المفاوضات وقرب الوصول ربط نزاع ما، فيما يؤكد البعض الآخر منها على سلبية الأجواء، محذرين من أن التصعيد العسكري قادم لا محالة.
وفي هذا الإطار، صرّح العقيد احتياط أودي أفينتال بالأمس، أنه مع وضوح موقف كيانه، قد تنتهي هذه الحالة بين حزب الله وإسرائيل بصراع عسكري قوي حتى لو لم يرغبا في ذلك. مؤكدا أن كيانه مصرّ على البدء في إنتاج الغاز من حقل كاريش في أواخر الشهر الحالي أو بداية شهر تشرين الأول / أكتوبر المقبل. جازماً بأن كيان الاحتلال لن يجري أي مفاوضات تحت النار، وبالتالي فإن أي ضربة من قبل الحزب لأي هدف إسرائيلي، ستؤدي إلى تعطيل المفاوضات، وستقابل برد عسكري إسرائيلي "قاسٍ وغير متوقع". متوقعاً احتمال ان يخرج تبادل الضربات بين الجانبين عن نطاق السيطرة، ويتطور إلى حرب شاملة.
كما أن هناك مصادر خاصة للخنادق قد اكدت بان اسرائيل في ظل حكومتها الحالية الضعيفة، لن توافق على الترسيم بل ستواصل التسويف إلى ما بعد الانتخابات الاسرائيلية، مما سيعقد المشهد حتماً..
نقاط أساسية في هذه القضية
وبغض النظر عن كل هذه الأجواء، فإن من المهم التركيز على بعض النقاط الأساسية التالية:
_ أولاً، لا بد من الإشارة إلى مالم يعد سراً لدى الكثيرين، بأن حزب الله قد رفع بشكل كبير من جهوزيته واستنفاره تحسباً لحصول أي تطور، وفي نفس الوقت لمنع حصول أي عملية تأخير وتسويف مقصودين (سواءً كان التأخير أمريكياً أو إسرائيلياً). وأن الحزب مصرٌّ على تحصيل حقوق لبنان، من خلال كل المسارات المتاحة، وهذا ما حسمه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في العديد من الخطابات.
_ إن أولوية الأولويات لدى حزب الله في هذا الملف، هي البدء في التنقيب في المياه اللبنانية، وأن تبدأ الشركات التي كلفتها الدولة اللبنانية بذلك عملها في البلوكات، لا سيما تلك التي لا تقع في المنطقة المتنازع عليها. والمهم في هذا الشأن، أن جميع الأطراف اللبنانية متوافقة على ذلك.
_ إن قضية الترسيم قد لا تقتصر في الفترة المقبلة، على ما له علاقة بالكيان المؤقت، بل وربما ينسحب ذلك الى ما يتعلق بحدود المنطقة الاقتصادية بين لبنان وقبرص أيضاً. فلم يعد خافياً أن رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة قد فرط في حقوق لبنان على هذا الصعيد، وبالتالي يكفي أن تعلن الدولة اللبنانية نزاعاً مع قبرص حول هذا الأمر، حتى يتوقف عمل شركات التنقيب والاستخراج لدى الأخيرة أيضاً، في البلوكات التي توصف بالـ"متنازع عليها".
الكاتب: غرفة التحرير