ثبّتت معركة "سيف القدس" الترابط بين الساحات الفلسطينية وخاصة ساحتي قطاع غزّة والضفة الغربية المحتلّة، وهي معادلة أقلقت كيان الاحتلال وأربكت حساباته، اذ لم يعد قادراً على انتهاك القدس والضفة دون تلقي التهديدات أو الصواريخ من غزّة. وبعد أكثر من سنة على المعركة التي شكّلت الأرضية لتنامي مجموعات المقاومة في الضفة، فإن مشهداً جديداً من التلاحم يتبلور.
أثبتت كتائب سرايا القدس شمال الضفة (كتيبة جنين، كتيبة نابلس، كتيبة طولكرم، كتيبة طوباس)، بالرصاص الحي، أنها فعلاً حلقة مقاومة مغلقة، منسجمة في العمل والأهداف، وأنها مترابطة رغم حواجز الاحتلال التي تقطّع أوصال المدن وتعزلها، ولن تسمح للجيش بأن يستفرد بمدينة دون أن يدفع الثّمن على عدّة نقاط تماس في مختلف المناطق.
ففي وقت اقتحمت فيه قوات خاصة من جيش الاحتلال البلدة القديمة في نابلس ودخلت الدوريات من عدّة محاور لمحاصرة منزل تتواجد فيه مجموعة من المقاومين فجر الأحد 24/7/2022، دارت اشتباكات "لم يسبق لها مثيل منذ سنوات" بين عناصر كتيبة نابلس وجنود الاحتلال حسب ما وصف بيان سرايا القدس، وفشل الاحتلال رغم اطلاقه القذائف الصاروخية على المنزل من اعتقال الشاب إبراهيم النابلسي الذي يرد اسمه على لوائح المطلوبين للاحتلال.
من ناحية أخرى، جاء الدعم والاسناد وخطة استنزاف الجيش وتشتيته من طوباس حيث أطلق المقاومون فيها الرصاص على حاجز "تياسير" العسكري، وفي جنين أيضاً استهدف المقاومون حاجز "الجلمة" بالرصاص. بل وكسرت كتيبة جنين عزلة مناطق الضفة مخترقةً كل الإجراءات الأمنية للاحتلال ليلتحق عدد من شباب المدينة بساحة المواجهة في نابلس و"التحموا مع إخوانهم في الميدان" وفق ما أكّد بيان العملية الصادر عن سرايا القدس.
هذا الترابط بين ساحات الضفة الغربية نفسها، تجسّد أيضاً في بيانات الفصائل الفلسطينية حول شهيدي الاشتباك عبود صبح ومحمد العزيزي، اذ أجمعت على ضرورة تصاعد المقاومة. فاستنهضت حركة المقاومة الإسلامية – حماس أهالي الضفة لـ "مزيد من الاستبسال في صدّ عدوان الاحتلال، والمبادرة لاستهداف مواقعه، وزرع الرعب في مستوطناته". وبدورها حثّت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين الى "تحويل كل مناطق التماس والحواجز الى كتلة لهب تحت أقدام الاحتلال". ودعت حركة الجهاد الإسلامي على "توفير مقومات الصمود للمقاومين في وجه الاحتلال".
كذلك، عبّر الاشتباك عن الموقف الحقيقي للشعب الفلسطيني من الاحتلال الذي يُأخذ من فوهات البنادق لا من كرسي الرئاسة والمناصب في السلطة. اذ شارك الى جانب مجاهدي سرايا القدس "الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي) مجاهدو كتائب شهداء الأقصى (الجناح العسكري لحركة فتح). وهي ليست المرة الأولى منذ انطلاق كتائب المقاومة، ففي جنين أيضاً يُشهد للدور الكبير لـ "شهداء الأقصى" في التصدي لقوات الاحتلال.
نابلس من منظور الاحتلال
على المقلب الإسرائيلي، رأى المحلل الإسرائيلي في القناة "12" العبرية، أوهاد حمو، أن تصاعد المقاومة في نابلس "خطير جداً على إسرائيل بسبب مركزية المدينة" في الضفة المحتلة. وقال إن "نابلس عادت للمقاومة منذ شهور"، زاعماً أن "كميات السلاح في المدينة كبيرة". واعترف بأن قوات الاحتلال تتعرض لعمليات إطلاق نار عند كل اقتحام للمدينة، مستنتجاً أن الوضع في نابلس مؤشر لما يحدث في مناطق أخرى في الضفة.
الكاتب: مروة ناصر