كثيرةٌ هي التهديدات التي أطلقها مسؤولو الكيان المؤقت في الآونة، عقب معادلة المقاومة البحرية الجديدة: "كاريش وما بعد كاريش وما بعد ما بعد كاريش"، والتي تهدف الى حماية حقوق لبنان من الثروات البحرية.
وأبرز هذه التهديدات كانت من وزير حرب كيان الاحتلال، بيني غانتس، الذي أطلق عدد منها، أبرزها خلال مناسبتين: الأولى حينما هدد اللبنانيين بأنهم إذا اختاروا طريق النار، فسيحترقون بشدة ويتضررون، مضيفاً بأن جيشه جاهز بكل الأبعاد، في الجو، والبحر، والبر، وفي الحرب الإلكترونية. والثانية حينما هدد في الذكرى السنوية الـ 40 لاجتياح لبنان عام 1982 بالقول: "نحن جاهزون للمعركة، وإذا لزم الأمر سنسير مرة أخرى إلى بيروت وصيدا وصور".
لكن لم تكن هذه التهديدات التي أطلقها "غانتس" بالنسبة المقاومة، سوى شعارات قديمة أو في سياق حرب نفسية ليس إلا. فالمقاومة التي خاضت أشرس الحروب مع كيان الاحتلال عام 2006، استطاعت تحطيم هذه التهديدات حينها، ولم تستخدم حتى نصف قوتها وقدراتها في ذلك. فكيف سيكون عليه حال جيش الإحتلال، خلال أي مواجهة مقبلة معها، بعد 16 عاماً من تطور كمي ونوعي في قدراتها؟
الجنرال بريك: سلاح الجو سيصاب بالشلل في الحرب القادمة
وللإجابة على السؤال أعلاه، يكفي أن ندقق في المقال الأخير للجنرال احتياط في الجيش الإسرائيلي، يتسحاق بريك، الذي نشرته صحيفة هآرتس، وهذا أبرز ما جاء فيه:
_ لسنوات كانوا في الكيان يحاولون خلق صورة بطولية للقوات الجوية، وكأنها أفضل قوة جوية في العالم، الذي دفع بالمستوطنين الى الإطمئنان، ما دفعه الى الكشف بأن الواقع مختلف تماماً، وأن هذه مجرد نقطة في محيط من المشاكل التي ستؤثر بشدة على القوة الجوية في الحرب متعددة الساحات القادمة.
_ ففي تلك الحرب ستكون قواعد القوات الجوية هدفاً استراتيجياً للعدو بحسب تعبير "بريك"، من خلال صواريخ دقيقة تحمل رؤوس حربية زنتها مئات الكيلوغرامات من المتفجرات، والتي ستطلق يومياً على قواعد القوات الجوية من مسافة مئات الكيلومترات، وكذلك عبر الطائرات بدون طيار.
_ وهذا ما سيلحق أضراراً جسيمة بالاستمرارية الوظيفية للقواعد وإقلاع الطائرات، ولن تكون القوات الجوية الإسرائيلية ساعتئذ مستعدة لذلك، ولن يكون لديها رد. متوقعاً أن سلاح الجو بكل ما يمتلكه من قدرات سيعاني من تدهور بوتيرة مذهلة.
_وأضاف بريك أنه وفقاً لقادة كبار في جيش الاحتلال، بمن فيهم طيارون مقاتلون تحدث إليهم، فإن القيادة العليا في الجيش وسلاح الجو، منفصلة عن الواقع القاتم على الأرض، فبالنسبة لهم ما دامت الطائرات في الجو، فإن كل شيء سيكون تحت السيطرة. ما دفع به الى طرح السؤال "ولكن ماذا سيحدث على الأرض في الحرب؟".
معركة سهل الخيام 2006
للإجابة على هكذا سؤال، يكفي أن نذكر بأن جيش الاحتلال خاض العديد من المواجهات خلال حرب تموز 2006، والتي لم يستطع خلالها الحسم من الجو ولا من البر أيضاً، وإحدى أهم المواجهات البرية على هذا الصعيد ما حصل في منطقة سهل الخيام وهذه أبرز تفاصيلها:
_ حاول الإسرائيليون أواخر أيام تلك الحرب، تنفيذ خطة تقضي بإرسال لواء الناحال بمرافقة اللواء 401 المدرع، لكي يمرّ عبر سهل الخيام ويحتل الجبال التي تقع فيها مدينة مرجعيون. وتكون هذه العملية بمثابة عملية تمهيدية قبل الانتقال الى العملية الكبرى القاضية بالوصول الى نهر الليطاني.
_ قاد هذه العملية، العميد أيرز تسوكرمان قائد الفرقة التي اوكلت اليها المهمة.
_بدأت العملية بالقصف الجوي لمجنّبات السهل (التلال المشرفة عليه في الخيام)، وحولتها الى ما يشبه الأرض المحروقة.
_ بعدها انطلق رتل الدبابات من مقابل مستوطنة المطلّة، الى منطقة تُدعى بالمطار وصولاً الى منتصف السهل، وعندها قام ثّلة قليلة من المقاومين بضرب 9 دبابات في اللحظات الأولى الأولى، بواسطة أسلحة مضادة للدروع (7 من الدبابات تدمّرت بشكل كامل، وأصاب 5 منها مقاوم واحد فقط).
_ فشلت ثلاث سرايا دبابات على التوالي من تنفيذ المهمة، وبعد حصيلة تدمير 15 دبابة، ما أدى لرجوع الفرقة الى فلسطين المحتلة.
_ تم إقالة قائد العملية العميد "تسوكرمان" الذي فشلت خطته، ولم تتسبب هذه العملية للمقاومة بأي خسائر حتى على صعيد الجرحى.
الكاتب: علي نور الدين