تحت ذرائع "مشروع رياضي" أو "تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية وتطوير الاقتصاد في القدس الشرقية"، يعمد الكيان المؤقت الى تنفيذ مشاريع تهويدية تكسبه نوعاً من السيطرة على القدس المحتلة وعلى المسجد الأقصى الذي يريد تغيير معالمه العربية والإسلامية. وقد هدم الاحتلال خلال النصف الأول من العام الجاري 101 منشأة فلسطينية في القدس المحتلّة والضفة الغربية.
فما هي هذه المشاريع؟ وما مدى خطورتها؟
يستمر كيان الاحتلال منذ 3 سنوات بحفريات في محيط المسجد الأقصى ما يهدّد أساساته ويجعله أكثر عرضةّ لسقوط أجزاء منه. وكان المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية الشيخ محمد حسين، قد حذّر من "تفريغ سلطات الاحتلال للأتربة وعمل ثقوب بجدران محاذية للسور الجنوبي للمسجد، وتفريغ للممرات في محاولة لإخفاء ما يقومون به من حفريات، مما سيؤدي إلى إضعاف أساسات المسجد الأقصى، وهدمه"، مضيفاً إن هذه الحفريات مستمرة ولم تتوقف، لكنها زادت في الآونة الأخيرة لتشمل أماكن متعددة في آن واحد، مما ينذر بخطر وشيك على المسجد الأقصى المبارك، والمباني المجاورة له في أية لحظة".
تأتي هذه الحفريات ضمن ما يروّج له الاحتلال بـ "أكبر مشروع رياضي" شرق القدس، والذي بدأ به الاحتلال فعلياً على أراضي في بلدة "بيت حنينا". ويستهدف المشروع مساحة تصل الى حوالي 5 آلاف متر مربع، بتكلفة تبلغ 20 مليون دولار، ويضم حمامات سباحة وصالات رياضية. وسيحمل المبنى أسماء الأشقاء جاك وجوزيف ومورتن مندل وهم رجال أعمال إسرائيليين. وأضافت الأوساط أن هذا المشروع يأتي في إطار اختراق المجتمع الفلسطيني من ناحية، ومن ناحية ثانية يطمع الاحتلال بعائداته المالية.
كذلك بدأ الاحتلال بتنفيذ قرارات كانت قد أصدرتها حكومة الاحتلال ووزارة القضاء عام 2018 تقضي "بتطبيق" ما يسمى "قانون أملاك الغائبين"، وبموجبه تصبح ملكية المنطقة المحاذية للمسجد الأقصى باسم أشخاص يهود، وخاصة في منطقة الحديقة الأثرية الملاصقة لجدار المسجد الأقصى من جهة الجنوب.
"قانون أملاك الغائبين"
أصدرته أول حكومة للاحتلال في آذار / مارس عام 1950 حين كان رئيسها ديفيد بن غوريون ويصنف هذا القانون من حيث المبدأ أملاك الفلسطينيين بأنهم تحت عنوان "غائبون" حتى لو كانوا موجودين في المناطق المحتلّة. ويقدّم هذا القانون تعريفاَ فضفاضاً لمبدأ "الغائب" كي يسطو على الأراضي والممتلكات الفلسطينية بصورة عشوائية وبدون رادع. حيث يقصد به "الشخص الذي غادر للذهاب إلى دولة في حالة حرب مع إسرائيل...وفي عام 1967 تم توسيع القانون بما في ذلك تعريف "الغائب" ليشمل الفلسطينيين الذين أقاموا في دولة ليست في حالة حرب مع إسرائيل، واليوم يشمل حتى الفلسطينيين المقيمين داخل فلسطين وطنهم التاريخي، ممن انتقل من مكان اقامته الدائم الى مكان آخر أي من مدينة فلسطينية محتلة الى اخرى، لأسباب تتعلق بالعمل أو غيره". ويتعمّد الاحتلال وضع العراقيل أمام الفلسطينيين الذين يسافرون الى الخارج للدراسة والعلاج والعمل بهدف تصنيفهم ضمن "قائمة الغائبين".
يعدّ حي الشيخ جرّاح أيضاً من الأحياء في القدس الأكثر استهدافاً من هذا القانون حيث ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية بتاريخ 27 / 6 / 2022، أن عملية التسجيل انتهت تقريبا في حي الشيخ جراج وباتت جميع الأراضي تقريبًا باسم ملاك يهود. كما تستهدف عملية التهويد تحت غطاء هذا القانون منطقة تقع بين مستوطنة "هارحوما" وبلدة صور باهر، بالقرب من المستوطنة، بالإضافة إلى منطقة أخرى يسعى الاحتلال أن يقيم على أراضيها حي استيطاني جديد في مستوطنة "عطروت" شمالي مدينة القدس المحتلة.
طال القانون أيضاً، المدن الفلسطينية في الدّاخل المحتل حيث "يعد كل فلسطينيي الجليل الذين أصبحوا لاجئين في سوريا والفلسطينيين الذين غادروا مدينة طبريا عام 1948 ولجأوا إلى الناصرة من بين غائبين". ولم تكن المنازل والأراضي هي الوحيدة التي يطالها هذا "القانون"، بل إن الاحتلال استولى على العديد من المشاريع التجارية في مدن محتلة مثل يافا وحيفا.
"قانون أملاك الغائبين"، وقانون "الأبرتهايد" الذي سقط في "الكنيست" بعد أن خسر الائتلاف الأغلبية، وغيرها من القوانين التي يحاول الاحتلال عبرها تقديم "تشريع" مزيّف الى الرأي العام والمجتمع الدولي لاحتلاله ونهبه الأراضي والممتلكات الفلسطينية.
الكاتب: غرفة التحرير