بعد إقرار الكونغرس ما يقارب 40 مليار دولار من المساعدات العسكرية والمالية لأوكرانيا، شن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب هجوماً على الإدارة الأميركية الحالية، حيث اعتبر بأن "الديمقراطيين يرسلون 40 مليار دولار أخرى إلى أوكرانيا، في وقت يكافح الآباء في أمريكا لإطعام أطفالهم".
موقع world socialist أشار في تقرير له إلى ان "خلال العقدين المنصرمين، دفعت واشنطن بلا هوادة إلى توسع حلف الناتو نحو الشرق، وضخّت السلاح إلى أوكرانيا من أجل حرب بالوكالة مع روسيا في تهور، بغض النظر عن اندلاع الحرب العالمية الثالثة". معتبراً أنه بهذا المبلغ "يمكن أن توظف 500000 معلم مقابل 106000 دولار في السنة في الراتب والمزايا، أو عدد مماثل من الممرضات. يمكن أن توفر زيادة قدرها 6000 دولار لكل ممرضة ومعلم وعاملة تمريض في أميركا (9.25 مليون عامل). يمكن أن توفر زيادة قدرها 1000 دولار لكل عامل في أميركا يكسب أقل من 15 دولاراً في الساعة (52 مليون عامل).
النص المترجم:
يُعد إقرار مجلس النواب الأميركي حوالي 40 مليار دولار من المساعدات العسكرية والمالية لأوكرانيا حدثاً فاصلاً، ويوضّح التزام إدارة الرئيس جو بايدن بتوفير موارد غير محدودة تقريباً لحرب تهدد بإطلاق محرقة نووية. وخلال العقدين المنصرمين، دفعت واشنطن بلا هوادة إلى توسع حلف الناتو نحو الشرق، وضخّت السلاح إلى أوكرانيا من أجل حرب بالوكالة مع روسيا في تهور، بغض النظر عن اندلاع الحرب العالمية الثالثة.
الأهداف من الحرب تتضح الآن. وهي ليست للدفاع عن حق أوكرانيا التقني في الانضمام إلى حلف الناتو، بل تمّ إعدادها وتصعيدها من أجل تدمير روسيا كقوة عسكرية كبيرة والإطاحة بحكومتها. وأوكرانيا هي بيدق في هذا الصراع، وسكانها وقود لنيران المدافع.
لا تقتصر الأهداف الأميركية على الأطماع بالموارد الهائلة لروسيا من النفط والغاز والمعادن الاستراتيجية التي لا حصر لها، وعلى أهميتها، بل تهدف واشنطن أيضاً من وراء حربها الجديدة إلى القضاء على موسكو باعتبارها عقبة استراتيجية كبيرة وحاسمة قبل التوجه نحو الهدف النهائي، والمواجهة العسكرية مع الصين لتأسيس هيمنتها على كامل مساحة اليابسة في أوراسيا.
الطبقة العاملة في الولايات المتحدة ستدفع ثمن هذه الحرب، كما دفعت في الماضي ثمن كل أعمال العدوان الخارجية من قبل الرأسمالية الأميركية.
مشروع القانون البالغ 40 مليار دولار الذي وافق عليه مجلس النواب، والمتوقع أن يوافق عليه مجلس الشيوخ في غضون أيام، يرفع إجمالي المبلغ المخصص للحرب في أوكرانيا في أقل من ثلاثة أشهر إلى 53 مليار دولار. هذا الإنفاق الجديد أكبر من الميزانية الإجمالية لقوات مشاة البحرية الأميركية. وهي أكبر من الميزانيات الكاملة لخمس إدارات اتحادية، أو جميع الوكالات الفيدرالية المستقلة مجتمعة. إنه أكثر من إجمالي الإنفاق الفيدرالي على الإسكان والتشرد، وهو أكثر من إجمالي الإنفاق الحكومي والفدرالي على الصحة العامة.
ما الذي يمكن أن يشتريه 53 مليار دولار إذا كان هذا المبلغ مخصصاً لاحتياجات العمال؟ يمكن أن توظف 500000 معلم مقابل 106000 دولار في السنة في الراتب والمزايا، أو عدد مماثل من الممرضات. يمكن أن توفر زيادة قدرها 6000 دولار لكل ممرضة ومعلم وعاملة تمريض في أميركا (9.25 مليون عامل). يمكن أن توفر زيادة قدرها 1000 دولار لكل عامل في أميركا يكسب أقل من 15 دولاراً في الساعة (52 مليون عامل).
لن يحدث أي من هذه الأشياء، بالطبع، لأنّ الحكومة الأميركية لا تعمل لصالح العمال ولكن لصالح الأرستقراطية المالية.
صوّت الديمقراطيون في مجلس النواب بالإجماع لصالح تمويل حرب أوكرانيا، هذا له دلالات سياسية هائلة. وهي تبرز الحزب الديمقراطي كحزب حربي لأجندة الرأسمالية الأميركية. ولا يوجد تمايز في هذا الصدد بين "ديمقراطيي المخابرات المركزية"، الذين دخلوا الكونغرس في عام 2018 مباشرة من وكالة المخابرات المركزية أو البنتاغون أو وزارة الخارجية، مع أولئك الذين ينتمون اسمياً إلى "اليسار"؛ جناح بيرني ساندرز. وقد صوت أربعة أعضاء من الاشتراكيين الديمقراطيين، ألكساندريا أوكاسيو كورتيز، ورشيدة طليب، وكوري بوش، وجمال بومان، لصالح تمويل حرب أوكرانيا، وأظهروا أنّهم لا يمثلون الاشتراكية، بل يمثلون الجناح "اليساري" لوزارة الخارجية، ووكالة المخابرات المركزية. وهم لا يتحدثون باسم الطبقة العاملة ولكن باسم امتيازات الطبقة الوسطى العليا، حيث جنون الحرب للنخب الحاكمة يجد دعماً قوياً.
يؤكد التصويت الديمقراطي بالإجماع على المعنى الحقيقي لـمعارضتهم رئاسة دونالد ترامب خلال السنوات الأربع التي قضاها في البيت الأبيض. وكان الاعتراض الحقيقي الوحيد للديمقراطيين على سياسات إدارة ترامب هو فشله في متابعة الحملة المناهضة لروسيا التي بدأها الرئيس السابق باراك أوباما بإطاحة الحكومة الأوكرانية المنتخبة بدعم من وكالة المخابرات المركزية في العام 2014، وتنصيب نظام معادي لروسيا برئاسة بترو بوروشينكو، ثم فولوديمير زيلينسكي، الذي تولى منصبه في العام 2019.
وحرّض الديمقراطيون على فتح تحقيق بشأن مزاعم "كاذبة"، بأنّ روسيا كانت مسؤولة عن فوز ترامب في الانتخابات في العام 2016، وأنّ ترامب كان عميلاً روسياً. تبع ذلك عقد أول محاكمة لعزل ترامب، في العام 2019، بناءً على تأجيله لفترة وجيزة المساعدات العسكرية لأوكرانيا، في محاولة للضغط على زيلينسكي لمساعدته في حملته الانتخابية من خلال كشف الأوساخ عن بايدن.
دعم الحزب الديمقراطي للحرب في أوكرانيا شامل. أصدر السناتور عن ولاية فيرمونت بيرني ساندرز، "الاشتراكي الديمقراطي"، والمدافع عن "الثورة السياسية"، بياناً حثّ فيه على اتخاذ إجراءات فورية لتوفير الأسلحة والمال إلى كييف.
قال: "يجب أن نجري نقاشاً دائماً، لكن المشكلة هي أن أوكرانيا في خضم حرب شديدة للغاية في الوقت الحالي. أعتقد أن كل يوم مهم، وأعتقد أنه يتعين علينا الرد بقوة قدر الإمكان".
في تصريحات سابقة للرئيس بايدن، وقبل تصويت مجلس النواب، قال إنّ "محاربة التضخم هي أهم أولوياته المحلية". بعبارة أخرى، إنها ثانوية بالنسبة لأولوية الأمن القومي، المتمثلة بهزيمة روسيا في أوكرانيا، مما يمهد الطريق للولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي لشن هجومهم لتثبيت نظام دمية في موسكو، أو تفكيكه على الفور.
التضخم يدمر المستويات المعيشية للعمال الأميركيين، وستدفع الأسرة الأميركية المتوسطة ما يقرب من 2000 دولار إضافية كثمن للوقود هذا العام، و1000 دولار أيضاً للطعام، هذا غير ارتفاع الإيجارات الجنوني، وزيادة مدفوعات الرهن العقاري مع ارتفاع أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي والتكاليف الأخرى. ولم ترتفع الأسعار بسبب "الشيطان الشرير فلاديمير بوتين"، كما يدعي بايدن، ولكن بسبب سياسات إدارتي ترامب وبايدن والتدابير التي اتخذها الاحتياطي الفيدرالي للدفاع عن ثروة ودخل الطبقة الأرستقراطية المالية.
قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي بضخ 4 تريليونات دولار في الأسواق المالية، في آذار/مارس 2020، هو القوة الدافعة لانفجار الغلاء. كان هذا تتويجاً لسياسة طويلة الأجل لبنك الاحتياطي الفيدرالي، تعود إلى انهيار وول ستريت في العام 2008، لدعم النظام المالي وإنقاذ ثروات فاحشي الثراء، بغض النظر عن التأثير على العاملين الذين يشكلون الغالبية العظمى من السكان الأميركيين.
هناك علاقة جوهرية بين الحرب في الخارج والهجوم على الطبقة العاملة في الداخل. ويجب أن يدرك العمال هذه الحقيقة عندما يواجهون صراعاً حول تأثير التضخم على مستويات معيشتهم.
سلسلة الإضرابات من قبل عمال الرعاية الصحية في كاليفورنيا، ومصانع السيارات في ديترويت، تعبر بقوة عن وعي الحركة العمالية التي قد توفر الأساس لمناهضة حروب الإمبريالية الأميركية في أوكرانيا وسواها.
المصدر: world socialist