يركّز ما كان يعرف بـ"فريق 14 آذار" منذ أشهر، على مصطلح "العمق العربي" للبنان، في كل خطاباته وبيناته، للهجوم على حزب الله، تحت ذريعة أن الحزب يضرّ بعلاقات البلد مع هذا العمق. لكنّ لم يعلم هذا الفريق، وبغض النظر حول صحة ما يتذرعون به، أن هذا المصطلح يشكل أكبر خدمةٍ للحزب، في إطار التوجه الإستراتيجي الذي يدعو إليه أمينه العام السيد حسن نصر الله، من تعزيز علاقات لبنان الاقتصادية بدول الشرق وأهمهم الصين (التوجه شرقاً).
فالعلاقات الاقتصادية ما بين دول "العمق العربي" والصين، وأبرزها السعودية والإمارات (أي الدول الراعية والمموّلة والموجّهة لهذا الفريق)، هي في مسار تاريخي وتصاعدي، تتطابق الى حدً كبير، مع ما يطرحه السيد نصر الله، لجهة ضرورة تنويع خيارات علاقات البلد الاقتصادية، وعدم حصرها في جانب واحد من العالم.
وبالتالي فإن أقل الواجب عند هذه القوى يجب أن يكون، التشبه بدولهم الراعية والموجّهة، من أجل نهضة بلدهم الاقتصادية، وإنهاء ما يعيشه من أزمات على هذا الصعيد.
العلاقات الصينية السعودية
حققت العلاقات الاقتصادية ما بين البلدين خلال 3 عقود تقريباً، قفزات استراتيجية هائلة ونمواً مطرداً، فبعدما كان حجم التجارة بينهما في العام 1990 يبلغ حوالي 290 مليون دولار أمريكي، شهدت هذه السنوات ارتفاعاً قياسياً لتصل الى أكثر من 78 مليار دولار في العام 2019. حيث بلغت حينها الصادرات السعودية 54.26 مليار دولار، فيما بلغت صادرات الصين 23.92 مليار دولار.
كما تعدّ الصين أكبر شريك تجاري للسعودية، منذ أن تجاوزت الولايات المتحدة الأمريكية في العام 2011. وتتنوع التجارة فيما بينهما، فتشمل الصادرات الصينية: الملابس، المنتجات الميكانيكية والإلكترونية، المنسوجات، إلخ. فيما تتركز الصادرات السعودية على: النفط الخام، الغاز المسال، والمواد البلاستيكية الأولية.
وتعمقت العلاقات بين البلدين بشكل كبير، في إطار مبادرة الحزام والطريق، لاسيما في وجود الكثير من الاتصالات والزيارات المتكررة والرفيعة المستوى بين الجانبين، وإقامة سلسلة من الشراكات الاستراتيجية. بحيث وقعت السعودية في العام 2019، أكثر من 30 اتفاقية تعاون اقتصادي مع الصين، بقيمة إجمالية تبلغ 28 مليار دولار.
أما لمن يرفض من القوى السياسية اللبنانية، فتح المجال أمام الصين لكي تساعد في تطوير بنية بلادهم التحتية، فليعلم بأن السعودية منذ العام 2006 قد دعت الشركات الصينية، للمشاركة في تطوير بنيتها التحتية بقيمة 624 مليار دولار.
الصين والإمارات
أما ما بين الصين والإمارات، فإن العلاقات الاقتصادية تعود الى ما قبل العام 1985. لكن في ذلك العام بالتحديد، تم التوقيع على اتفاقية للتعاون الاقتصادي والتجاري والتكنولوجي فيما بينهما، ثم أنشأوا لجنة مشتركة لمتابعة هذا التعاون. وتقدر قيمة علاقهتما التجارية الثنائية بحوالي 50 مليار دولار، وهي في طريقها للتوسع لتصل إلى 200 مليار دولار بحلول العام 2030.
وتتوزع الصادرات الصينية إلى الإمارات، على منتجات الألبسة والصناعات الخفيفة، والمنتجات المصنوعة من المعادن الخمسة (الذهب والفضة والنحاس والحديد والقصدير) والحرف اليدوية والآلات، إلخ. فيما تقتصر الصادرات الإماراتية على سبائك الألمنيوم والأسمدة الكيماوية ومشتقات البترول.
ولا تنحصر مجالات التعاون الثنائي على التبادل التجاري، بل توسعت في السنوات الماضية لتشمل مجالات أخرى، تتعلق بخدمة العمالة ومجالات البناء وإنشاء مراكز الرعاية الطبية،... ويتواجد في الإمارات حوالي 6 آلاف شركة صينية.
كما وقعت الصين والإمارات صفقات بقيمة 3.4 مليار دولار، كجزء من مبادرة الحزام والطريق. وتهدف المبادرة إلى استخدام ميناء جبل علي الإماراتي كمركز تجاري بحري وبري، لشحن المنتجات الصينية إلى العالم.
الكاتب: علي نور الدين