حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطابه الأخير، الأطراف الخارجية من التدخل فيما يجري بأوكرانيا، متوعداً إياهم برد صاعق، ومؤكدا بأنه في حال تعرض بلاده لأي تهديد استراتيجي، فإنها ستستخدم أسلحة لا يمتلكها أي من خصومها. مشيراً في الكلمة التي ألقاها أمام أعضاء المجلس التشريعي في بطرسبورغ، بأن كل القرارات بهذا الشأن جاهزة، وأن روسيا تمتلك كل الإمكانيات لمثل هذا الرد، بوسائل لا يمكن لأحد أن يتباهى بامتلاكها، حاسماً بأنهم لن يتباهوا بها بل سيستخدمونها.
وجاءت هذه التصريحات الحاسمة من بوتين، بعد تحذير وزارة الدفاع الروسية من أنها سترد بشكل سريع ومناسب، على دعم بريطانيا المباشر للهجمات الأوكرانية ضد روسيا. خصوصاً بعد إعلان نائب وزير الدفاع البريطاني "جيمس هيبي"، أن بلاده ليس لديها تحفظ على استخدام كييف لأسلحة قدمتها لندن، لتنفيذ ضربات في الأراضي الروسية.
من جهة أخرى جدد بوتين تأكيده، على أن كافة أهداف المرسومة للعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، سيتم تحقيقها دون أدنى شك، لضمان أمن إقليم دونباس وشبه جزيرة القرم وعموم روسيا. مشيداً بأداء اقتصاد بلاده في وجه العقوبات الغربية، بحيث استطاع الثبات ولم ينهار تحت تأثير العقوبات، التي اعتبرتها الدول الغربية ستكون ساحقة.
رد روسي أولي في الحرب الاقتصادية
وفي ساحة الحرب الاقتصادية أيضاً، المفتوحة مع معسكر الدول الغربية الذي تقوده أمريكا، بدأت روسيا سلسلة ردودها، من خلال قطع إمدادات الغاز الطبيعي عن بلغاريا وبولندا، بسبب عدم سدادهما للمدفوعات بالروبل الروسي كما طلبت موسكو. وحذرت شركة غازبروم -التي تملكها الدولة الروسية وتزوّد أوروبا بحوالي نصف احتياجاتها من الغاز- من أن عبور الغاز عبر هذين البلدين إلى دول أخرى سيتوقف، إذا ما تم الاستيلاء عليه بصورة غير قانونية. ما يعني عندئذ، إيقاف إمداد الغاز الى ألمانيا والمجر وصربيا أيضاً.
هذه الخطوة الروسية دفعت بألمانيا والنمسا، الى الإعلان عن استعدادهما للدفع بالروبل مقابل إمدادات الغاز. حيث كشف المستشار النمسَوي "كارل نيهامر" عن هذا القرار، الذي تم بالاتفاق مع شركة الطاقة النمساوية "OMV". أما في ألمانيا، فقد صرحت شركة الطاقة الألمانية "يونيبر"، إن خطة الدفع بالروبل لروسيا لا تتعارض مع العقوبات المفروضة عليها. ووضحت الشركة بأنه بموجب خطة الدفع الجديدة، فإنها تعتقد أنه سيتم الوفاء بعقود التوريد مع روسيا.
هذا الرد يأتي تنفيذاً لقرار سابق للرئيس بوتين كان قد اتخذه في آذار الماضي، والذي يقضي فيه بأن الدول التي وصفها بـ"غير الصديقة لروسيا"، سيتم الفرض عليها أن تدفع مقابل إمدادات الغاز بالروبل، بعدما جمّد المعسكر الغربي أصول عملات البنك المركزي الروسي، على خلفية العملية في أوكرانيا. وبموجب ذلك، يتعيّن على الدول الأوروبية فتح حسابات بالروبل في البنوك الروسية لدفع ثمن الغاز. وبهذا تكون روسيا قد حققت هدفين مهمين:
1)استخدام الغاز كسلاح اقتصادي بوجه الحصار المفروض عليها، خصوصاً مع اقتراب الخريف المقبل، وإجبار الدول الأوروبية على التعامل ع البنوك الروسية.
2)الحفاظ على قيمة الروبل، وتحويله إلى عملة صعبة في وجه الهيمنة العالمية للدولار الأميركي، وهذا ما قد يؤسس لاحقاً لضرب الدولار دولياً أيضاً.
الكاتب: علي نور الدين