يُجمع المراقبون والمحللون العسكريون، على أن العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، تعتبر واحدةً من الحروب الهجينة، دون مستوى الصراع التقليدي العسكري. ويضيفون بأن استراتيجية أمريكا الحالية للرد، ستعرض الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، لخطر كبير من الهزائم الاستراتيجية. خاصةً وأن استراتيجية الدفاع الوطني الأمريكية للعام 2018، تعطي الأسبقية لردع حروب القوى العظمى التقليدية الكبرى. فيما تسعى روسيا إلى تجنب مثل هذه الحروب، بل تصمم طريقة مختلفة لشن العملية، بما يؤمن تحقيق أهدافها المحدّدة بدقة.
هذا النوع من الحروب يعود، إلى أن الكرملين يقدر، بأن الحروب الهجينة هي التي تهيمن بالفعل على الصراعات في القرن الحادي والعشرين. ومن هذا المنطلق، دفع بقواته الى التكيف للفوز في هذا الصراع، وركز على أن يكون التطور العسكري الروسي بشكل عميق، يتناسب مع تقييمات مستقبل الحرب.
والحرب الهجينة هي نظرية للاستراتيجية العسكرية، اقترحها لأول مرة الكاتب فرانك هوفمان، هي الحرب التي تمزج بين كافة أشكال الحروب: التقليدية (بين جيشين كلاسيكيين) والحرب غير النظامية (التي يتواجد فيها مجموعات تقاتل باستخدام تكتيكات حروب العصابات)، والإلكترونية والأمنية الاستخباراتية، مع أساليب التأثير الأخرى مثل: الأخبار المزيفة، الدبلوماسية، الحرب القانونية، الحرب الاقتصادية،... كل هذه التكتيكات بهدف تحقيق الهدف الاستراتيجي من العملية أو الحرب.
وأكبر مثال عن عمليات روسيا الهجينة السابقة، هو ما حصل في العام 2014 في شبه جزيرة القرم، حينما دخل جنود روس من غير شارات واضحة لقبوا بـ "الرجال الخضر الصغار"، وقاموا بالمساعدة في السيطرة على شبه الجزيرة.
ويكتب العديد من المنظرون العسكريون الروس، عن الاستراتيجيات والعقيدة العامة للحروب الهجينة الهجومية، ويناقشون أيضاً كيفية تطوير وسائلها. وتهتم دراساتهم بالإضافة لدراسات الكرملين، الى تحقيق العديد من المبادئ أبرزها:
_ أن تكون جميع هيئات صنع القرار الروسية المحتملة مركزية - المدنية والعسكرية والإعلامية والاقتصادية - لتنسيق جهود الحكومة بأكملها.
_تكييف النظريات والعقيدة العسكرية التقليدية، لتمكين الجيش الروسي من شن حروب هجينة كمهمة أساسية.
_القيام بحملات إعلامية على مستوى المجتمع لتحسين "الوعي الوطني"، والتي يرى الكرملين أنها ضرورية في الحرب الهجينة.
_زيادة القدرة على التكيف وقوة الحملات الإعلامية الروسية، لإجراء حروب هجينة بنجاح على مدى سنوات عديدة.
_تحسين القدرات الاستكشافية التقليدية للقوات المسلحة الروسية، لتعزيز قدرتها على الانتشار في الخارج لدعم الحروب الهجينة.
_تحسين قدرة الكرملين على توظيف الشركات العسكرية الخاصة، وغيرها من القوات التي يُفترض أنها تعمل بالوكالة.
_تخضع كل العمليات الحركية للجيش في الحروب، لمجال المعلومات - التي يعتبرها الكرملين بأنها التغيير الأساسي المستمر في طبيعة الحرب - في عمليات التخطيط والتنفيذ.
ومن خلال هذه المبادئ، نستطيع تقدير أسباب التبدّل المستمر في التكتيك الروسي، أثناء تنفيذه للعملية. فتارةً تصبّ الجهود على عمليات الإنزال، وتارةّ أخرى في إعداد أرتال دبابات ومدرعات ضخمة والهجوم باتجاه كييف، والكثير من التغييرات التكتيكية.
الكاتب: غرفة التحرير