سجلت قارة أوروبا خلال السنوات الخمس الأخيرة، أكبر نمو في تجارة الأسلحة عالمياً، ومن المتوقع أن يتزايد ذلك أيضاً في السنوات المقبلة، بعد إعلان عدة بلدان من القارة، زيادة ميزانياتها للتسلًح، في مواجهة "التهديد الروسي الجديد" على حد زعمهم. وأبرز هذه الدول ألمانيا، التي أعلن مستشارها منذ أسابيع، زيادة الميزانية الدفاعية السنوية، وإنفاق حوالي 100 مليار يورو من أجل ذلك هذا العام.
وكشفت دراسة أعدّها "معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام" (Sipri)، أنه بالرغم من تراجع تجارة الأسلحة في العالم بنسبة 4.6% خلال الفترة بين عامي 2017 و، إلا أنها ازدادت بنسبة 19% في أوروبا، ما يجعل منها النقطة الجغرافية الساخنة الجديدة.
وفي ظل المخاوف التي أثارتها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، من المقرر تزويد جيوش الدول الأوروبية في السنوات المقبلة، بأسلحة حديثة وباهظة الكلفة، كالطائرات الحربية ذات الجيل الخامس مثل طائرات "إف-35F- الأميركية الصنع (هناك معلومات عن صفقة شراء المانية لـ 35 طائرة)، بالإضافة إلى صواريخ ومدفعية وغيرها من المعدات الثقيلة.
أمريكا وصناعة الأزمات
ووفقاً لتقديرات المراكز المتخصصة بمتابعة هذا النوع من التجارة العالمية، فإن القيمة التقديرية لسوق الأسلحة العالمية تبلغ سنوياً، حوالي 100 مليار دولار. وتحتلّ الولايات المتحدة الأمريكية المرتبة الأولى عالمياً، في تصدير السلاح.
وقد أشارت الدراسة أيضاً، إلى أن واشنطن حققت زيادة كبيرة في حصتها السوقية خلال الـ 5 سنوات الماضية، بحيث ارتفعت من 32 إلى 39%، بفارق شاسع عن الدول التي تتبعها في الترتيب.
وهذا يكشف الى حدّ كبير، سبب محاولاتها الدائمة لإثارة النزاعات والحروب، في العديد من مناطق العالم. فبالإضافة لمنطقة أوروبا، تم تسجيل زيادة كبيرة في شراء الأسلحة في مناطق شرق آسيا (+20%) وأوقيانوسيا (+50%)، في ظل إثارة التوتر بين بكين وعدد من العواصم الآسيوية وعلى رأسهم اليابان وأستراليا.
كما أنها السبب في استمرار الأزمات في منطقة الشرق الأوسط، الذي يحتلّ المرتبة الثانية عالمياً في واردات الأسلحة. وهذا ما يفسر احتلال السعودية للمرتبة الأولى عالمياً (بالتساوي مع الهند)، بنسبة 6% من واردات السلاح، بسبب التحريض الأمريكي لها بشن حرب عبثية على اليمن عام 2014.
وهذا ما يفسر سلوكها أيضاً، بتهديد الدول التي تميل إلى شراء أسلحة روسية، مثل تركيا وأزمة طائرات الـ F-35 مقابل شراء منظومات S-400 روسية الصنع. أو تهديد الجزائر وتحريض الدول الجارة لها، وكذلك مصر التي تبتزها بالمعونات والمساعدات والقروض.
وفي هذا السياق أيضاً، شهدنا في العام 2021، على أبرز حادثة عالمية كشفت حجم التنافس الدولي على هذا السوق، وحجم القرصنة الأمريكية. من خلال توقيع اتفاقية أوكوس ما بين أمريكا وبريطانيا وأوستراليا، والتي تسببت بأزمة حادّة بين الأمريكيين والفرنسيين (الذين وصفوا توقيع هذه الاتفاقية بالطعنة في الظهر).
الكاتب: غرفة التحرير