بعد أيام من ادعاء ولي العهد السعودي، حرصه على حقوق الإنسان وحرية الآراء والمعتقدات، وإعلانه محاربة التطرف في بلاده. أقدمت السلطات السعودية على ارتكاب جريمة شنيعة جديدة، تضاف الى سلسلة من الجرائم التي لا تعد ولا تحصى، من خلال إعدام عشرات المعتقلين لديها، من بينهم 41 شهيد من شباب الحراك السلميّ في الأحساء والقطيف شرق السعودية، وشهيدين كانا أسيري حرب تابعين للجيش واللجان الشعبية اليمنية (ما يعدّ خرقاً واضحاً لاتفاقية جنيف).
ورغم أن هؤلاء الشبان لم تكن "جريمتهم" سوى أنهم مارسوا حقّهم المشروع في التعبير عن الرأي، والمطالبة بحقوقهم المشروعة في العيش الكريم والمساواة والحرية. إلا أن السلطات السعودية لم تكتفِ بتصفيتهم جسدياً فقط، بل أقدمت على قتلهم معنوياً، من خلال جمعهم في قائمة واحدة مع متهمين في قضايا إرهاب (تابعين لتنظيمي القاعدة وداعش الوهابي الإرهابي)، كي تحرف أنظار وانتباه الرأي العام المحلي والدولي عن هذه الجريمة.
فقد زعمت وزارة الداخلية السعودية في بيان لها، إلى إن كل من وصفتهم بـ"المدانين"، قد "اعتنقوا الفكر الضال والمناهج والمعتقدات المنحرفة ذات الولاءات الخارجية والأطراف المعادية، وبايعوها على الفساد والضلال، فأقدموا على أفعال إرهابية، مثل استباحة الدماء وانتهاك الحرمات واستهداف دور العبادة والمقار الحكومية والأماكن الحيوية". متهمةً إياهم بالترصد لعدد من المسؤولين ورجال الأمن والوافدين واستهدافهم، وزرع الألغام، وارتكاب جرائم الخطف والتعذيب والاغتصاب والسطو بالسلاح والقنابل اليدوية، وتهريب الأسلحة والذخائر والقنابل للبلاد.
لكنً أهل أكدّوا أن الـ 41 شاباً قد تم اعتقالهم بسبب مشاركتهم في التظاهرات، ولا علاقة لهم لا من قريب ولا من بعيد بالتهم التي ذكرتها الداخلية السعودية. وهذا ما يؤكده أيضاً، إعدام الشهيد عبدالله الزاهر، الذي كان عمره وقت اعتقاله 13 عاماً فقط، مما يدحض كل المزاعم بتهم الإرهاب.
بيانات استنكار
أولى بيانات الإدانة كانت من لقاء المعارضة في الجزيرة العربية، الذي لفت في بيانه إلى أنّ محمد بن سلمان أكّد أنّه ليس أكثر من مجرد قاتل ساديّ، يتلذذ بقتل الأبرياء ويسعد بآلام ذويهم. مضيفاً اللقاء بأن "دماء هؤلاء الأبرياء هي في رقابنا، ورقاب كل الذين تعنيهم الكرامة والعدالة والحقوق المشروعة". متبعاً بأن "معاونة النظام على ظلمه، عبر الترويج لأكاذيبه حول اعترافه بالتنوع المذهبيّ، والتسامح الدينيّ والاعتدال، هي جزء من التضليل". مشدداً على أنّ النظام "ارتكب القتل المعنوي أيضًا، بجمع شباب الحراك السلميّ في قائمة واحدة مع متهمين في قضايا إرهاب"، وأن هذه المجزرة "دليل عملي على أنّ كل مزاعمه حول الإصلاح والتغيير هي دعاية فارغة". خاتماً بيانه بمعاهدة عوائل الشهداء، على أن تكون هذه الجريمة "دافعًا للمزيد من النضال ضد الاستبداد السعودي".
أما لجنة الأسرى التابعة لوزارة الدفاع في صنعاء فقد أعلنت في بيانها، أن هذه الخطوة تشكل سابقة خطيرة تنذر بعواقب وخيمة، لا يمكن السكوت عليها بأي حال، لما تمثله من جريمة وتجاوز لكل القوانين والمواثيق، التي تؤكد على احترام جانب أسرى الحروب دون التعرض لهم بأي أذى. داعية اللجنة الأمم المتحدة للتعجيل في تحريك ملف الأسرى، والقيام بما يتوجب عليها من مسؤولية لمعالجة هذا الملف الإنساني. كما وجهت الدعوة لكل المنظمات الدولية والمحلية لإدانة هذه الجريمة، ومحاسبة النظام السعودي على كل جرائمه بحق هذا الشعب.
وقد لاقت الجريمة أيضاً، إدانة العديد من القوى في الأمتين العربية والإسلامية، لا سيما من فصائل المقاومة العراقية، التي عبرت عن إدانتها واستنكارها لجريمة النظام السعودي.
لكن الملفت، غياب مواقف الإدانة، من الدول والمنظمات والشخصيات والقوى والأطر، التي لطالما تغنت بدفاعها عن حقوق الإنسان، ورفضها الظلم والقتل بحق أصحاب الآراء الحرة. فعندما يكون الجاني حاكماً لإحدى دول الخليج النفطية، تخرس أقلام وأبواق هؤلاء. ما يؤكد يوماً بعد يوم، ازدواجية المعايير لديهم في كل القضايا الإنسانية، وبالتالي مشاركتهم في جرائم هؤلاء الحكام.
الكاتب: غرفة التحرير