بعد أيام من الضبابية والانقسام في الآراء الإسرائيلية حول اتخاذ موقف واضح من العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، انحاز الكيان الإسرائيلي المؤقت الى الولايات المتحدة الأمريكية ومواقفها على الرغم من مخاطرة الكيان بمصالحه مع روسيا.
لم يكن أمام حكومة الاحتلال خيار الخروج عن المظلة الأمريكية التي "تؤمن استمرارية" الكيان حيث يشير مقال في صحيفة "هآرتس" العبرية الى أن "اسرائيل بدون دعم الغرب هي لا شيء، يوم بدون امريكا واسرائيل لن تعود إسرائيل...القوة العسكرية لإسرائيل ترتكز على المساعدات الامريكية، مقاطعة برغي واحد وآلة الحرب ستتعطل".
النص المترجم:
درس اليمين في اسرائيل، تقريبا جميع الاسرائيليين، من الحرب في اوكرانيا هو قاطع، فقط اسرائيل قوية. مثل الدرس الذي يتم تلقيمه لبعثات اوشفيتس وهو القوة والقوة والمزيد من القوة، العسكرية بالطبع. اسرائيل يمكنها الاعتماد على نفسها فقط. ليس صورة اخلاقية أو مكانة دولية، الكارثة واوكرانيا تعلمنا، فقط بالقوة. هذا الدرس يعفي اسرائيل من الالتزام الاخلاقي أو التضامن الدولي. لا يجب استيعاب لاجئين أو الاستجابة للقانون الدولي، يمكن مواصلة الاحتلال والاستخفاف بالعالم. فقط اعطوا اسرائيل المزيد من القنابل وهي ستتدبر أمرها. من مجمل ادعاءات اسرائيل هذا هو الادعاء الاكثر الذي لا يوجد له أساس والاكثر اثارة للغضب.
اسرائيل بدون دعم الغرب هي لا شيء، بدون المكانة الدولية الخاصة التي نجحت في خلقها لنفسها، بحق أو بدون حق، لكانت محيت منذ زمن. ليس القنابل هي التي تحمينا، بل المكانة التي تشبه مكانة الدولة العظمى التي بنتها لنفسها، هي التي تلقي الرعب على نصف العالم بابتزاز التعاطف، أكثر بكثير من قدرتها العسكرية. بالتحديد لهذا السبب فان درس اسرائيل من اوكرانيا يجب أن يكون معاكسا، لا تكفي القوة العسكرية، ولا يمكن أن تنجو لوحدك، هناك حاجة الى مكانة دولية قوية، وهذه لا يتم تحقيقها بتطوير الطائرات بدون طيار التي تلقي القنابل.
من المحزن رؤية كيف أن كل شيء يعيد الاسرائيليين الى التمسك بإيمانهم الاسطوري بالقوة. بدون جيش الدفاع الاسرائيلي كنا بالفعل سنكون في البحر، ولولا الطيارين كنا سنكون في الافران. هذه حقيقة مضللة. نحن بالطبع بحاجة الى قوة عسكرية، لكن من غير المجتمع الدولي كنا سنضيع. أولا، لأن القوة العسكرية لإسرائيل ترتكز على المساعدات الامريكية. يوم بدون امريكا واسرائيل لن تعود اسرائيل. ليس فقط في الامم المتحدة، بل ايضا في ساحة الحرب، مقاطعة برغي واحد وآلة الحرب ستتعطل. اسألوا سلاح الجو. لذلك، القوة العسكرية المبجلة والمطلوبة ترتبط بحسن نوايا المجتمع الدولي.
اساس قوة اسرائيل جاء من المكانة الخاصة التي كسبتها لنفسها. العالم يخاف من اسرائيل، وهو مشلول ازاء سلوكها منفلت العقال احيانا وعاجز امام اخطاءها ووقاحتها. اسرائيل تقول "لاسامية" والعالم يصمت.
هذا ليس بسبب ديمونة، بل بسبب "يد واسم". مشاعر الذنب لدى العالم، التي تعرف اسرائيل تطويرها واستغلالها من اجل مصالحها، ودعم المؤسسة اليهودية القوية، هي التي تعطي اسرائيل مكانتها التي لا تصدق. ايضا الباب المفتوح على مصراعيه في واشنطن، أكثر مما هو لأي دولة اخرى في العالم، يعطيها القوة الدولية، من موسكو وحتى دلهي، من كييف وحتى أبو ظبي. عندما تريد المانيا الاذن لبيع الغواصات والولايات المتحدة لبيع الطائرات فهذا ليس بسبب قوتها العسكرية. فلاديمير بوتين يقوم بفتح الباب لرؤساء حكومات اسرائيل ليس بسبب دورية رئاسة الاركان، بل بسبب مكانتها الخاصة التي يجب تطويرها.
إذا استمرت اسرائيل في الاعتماد على قوتها العسكرية فقط وعلى مشاعر الذنب وابتزاز التعاطف فان مكانتها ستتلاشى. الاجيال الجديدة التي لم تعرف يوسيف لن تعرف لماذا يجب عليها مواصلة الانحناء أمام الدولة الصغيرة في الشرق الاوسط والتي تقوم بالابتزاز. احتمالية الحفاظ على هذه المكانة الرائعة هي بالتحديد بالتعاون مع المجتمع الدولي وليس ادارة الظهر له. سيأتي يوم سيمل فيه من وقاحة اسرائيل، فهي دائما تأخذ ولا تعطي أبدا. وسيأتي يوم سيسألون فيه في واشنطن لماذا هي من بين جميع الدول يحق لها أن تكون هي التي يتم اعطاءها هذا القدر الكبير من الاموال والسلاح على حساب دافع الضرائب الامريكي. هذا اليوم يقترب.
الحرب في اوكرانيا كان يمكن أن تكون فرصة للبدء بتفكير مختلف في اسرائيل. أن يتم الادراك بأنه عبر هذه الهستيريا لا يمكن البقاء بدون دعم العالم، ولا يمكن كسب دعمه برفض جميع قراراته والوقوف جانبا ازاء كوارثه. ليس الدرس هو الذي يدعو اسرائيل لإغلاق ابوابها والتركيز فقط على اليهود فيها والاعتماد فقط على جيشها. هذا هو الدرس الحقيقي من كييف.
المصدر: صحيفة "هآرتس" العبرية
الكاتب: جدعون ليفي