يقف العالم أمام صراع محوري سيفصل التاريخ بين المرحلة التي سبقت الأزمة الاوكرانية والعملية العسكرية الروسية ومرحلةما بعدها، وذلك لما يحمله هذا الصراع من تبدّل في النظام العالمي وتداعيات على أوروبا والشرق الأوسط.
أولا: على النظام الدولي والقوى الفاعلة في العالم
_ إن العملية العسكرية الروسية من شأنها أن تمثّل ضربة نهائية للنظام الدولي القائم على القواعد التقليدية في العلاقات الدولية، وتفتح الباب أمام حقبة جديدة من العلاقات والنفوذ والسياسات والقوانين الدولية المختلفة.
_ التحدي بات يكمن في إدارة الصراع بين الدول مع القوى الفاعلة التي أصبحت قادرة بشكل متزايد على العمل بالقرب من عتبة الحرب المسلحة التقليدية أو دونها.
_ ظهور التطورات السيبرانية والتكنولوجية ونوعية جديدة من أدوات الصراع التي لم تعد تقتصر على الأسلحة التقليدية والاستراتيجية بما فيها النووية.
_ التسريع في وتيرة وانتشار نشاط المناطق الرمادية على مستوى العالم، مما يشكّل تحدياً فريداً للوظائف الاساسية لوكالات الاستخبارات لاكتشاف التهديدات وفهمها.
_ لا تزال المؤسسات في العالم أحادية القطب حيث يتم وضع جميع المنظمات الدولية الكبرى تحت "سلطة" الولايات المتحدة مهما كانت الظروف. لكن روسيا والصين قررتا ان تنهيان ذلك!
_ ان نجاح العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتحقيق أهدافها السياسية قد يؤدي الى تقويض دور حلف "الناتو" ومن ورائه واشنطن في شرق أوروبا.
_ خطوة اعتراف روسيا باستقلال "لوهنساك" و"دونيتسك" ترتب واقعاً جديداً في الصراع بشرق أوكرانيا.
ثانياً: على أوروبا
_ أهمية الموقع الاستراتيجي الذي تحتله أوكرانيا كمنطقة تماس حسّاسة بين روسيا من جهة وأوروبا وباقي دول حلف "الناتو" من جهة ثانية، تجعل آثار الحرب كبيرة على أوروبا على جميع المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية.
_ تطرح الأزمة على الأوروبيين في المدى القصير تحديات في مجال إمدادات الغاز والنفط وتضرر مؤسسات ودول أعضاء في الاتحاد الأوروبي.
_ إحتمالية التفكك وفقدان سياسة الردع الاستراتيجي الفاعلة لحلف "الناتو" خاصة في مواجهة "التمدّد" الروسي.
_ المعركة قد تبدو صراعاً بين روسيا من جهة و"الناتو" من جهة أخرى لكنها بحسب المراقبين والخبراء صراع داخل "الناتو" نفسه!
ثالثاً: على منطقة الشرق الأوسط
_ نقص فی المواد الأولية في الشرق الأوسط وخاصة في الدول العربية حيث تعتبر أوكرانيا مصدر أساسي للحبوب والزيوت واللحوم.
_ الوجود الروسي في سوريا هو استكمال لسياسة الردع في مواجهة الغرب.
_ البحر الأبيض المتوسط وتحديداً سوريا ستمثل ساحة تحرّك مرئية في المواجهة بين روسيا وحلف "الشمال الأطلسي"، لذلك يتم بسط النفوذ في تلك المنطقة على هامش المصالح الاستراتيجية للكيان الاسرائيلي المؤقت كجزء إضافي يتمحور حول الصراع بين روسيا وأمريكا على مناطق النفوذ في أوروبا الوسطى.
رابعاً: على الكيان الاسرائيلي المؤقت
_ الأزمة في أوكرانيا خلقت قلقاً جدياً في الكيان بسبب فقدان الاهتمام العالمي بما يعتبره تهديداً وجودياً له« وهو البرنامج النووي الايراني أو تطورات قدرات الردع لدى محور المقاومة.
_ الارباك في حكومة الاحتلال ومراكز صنع القرار في الكيان حول اتخاذ الموقف من الأزمة الأوكرانية سواء لجهة الولايات المتحدة أو لجهة روسيا.
_ على المستوى الاقتصادي أدت الى ضعف "الشيكل" والارتفاع الحاد في أسعار المشتقات النفطية (على غرار ارتفاع أسهم النفط عالمياً) بحسب صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية.
الكاتب: غرفة التحرير