طيلة الحروب التي شنها كيان الاحتلال كان يحرص دائماً على صورته التي ستظهر اعلامياً على شاشات الاعلام العالمية خاصة لشعوب الدول الأوروبية والأميركية للرابط القوي بين اليهود وتلك الشعوب التي تحتضن قسماً كبيراً منهم. لكن الانتهاكات التي رسخت طيلة عقود لم تعد "إسرائيل" قادرة على اخفائها، خاصة تلك التي تتعلق بالاعتداءات على المدنيين الفلسطينيين وممارسات الفصل العنصري وانتهاك حقوق الانسان. حيث بات الاعتراض على هذه الممارسات يزيد بشكل كبير في الدول الأوروبية والولايات المتحدة وبدأت تنفذ فعليا ليس فقط في رفع الشعارات والاستنكار.
صحيفة يديعوت أحرنوت أشارت في مقال لها تحت عنون "الفأر النازي وتفشي معاداة السامية في حرم الجامعات الأمريكية"، إلى ان "جزءا مما يمارس تجاه الطلاب الصهاينة في الجامعات الأمريكية هو استبعادهم من الاتحادات الطلابية، كنوع من الانتقاد المشروع تجاه الحكومة القمعية، في إشارة للقمع الذي تمارسه إسرائيل يومياً تجاه الفلسطينيين".
وقالت الصحيفة في تقريرها، إنه "لم يعد من المستغرب أن يهتف الناس في الجامعات الأمريكية ضد الطلاب اليهود، بوصفهم مؤيديين للفصل العنصري والمحتلين البيض، مشيرة إلى أن المناهضين لإسرائيل تأييداً لفلسطين باتوا لا يخفون مشاعرهم "المعادية للسامية".
وأشارت إلى "أن الحديث عن معاداة السامية آخذ بالارتفاع في الولايات المتحدة عبر جميع القطاعات المجتمعية، لكن الأمر يبدو أكثر قلقاً في حرم الجامعات، بعد أن أصبحت معاداة السامية طريقة شائعة للتعبير لأولئك الذين يعبرون صراحة عن عدائهم لإسرائيل"، على حد تعبير الصحيفة.
وذكر التقرير مواقف المؤيدين لفلسطين سواء من الأمريكيين أنفسهم أو الجالية اليهودية الرافضة للصهيونية، والتي ظهرت بشكل جلي خلال الحرب التي اندلعت في أيار/مايو 2021 على قطاع غزة، مؤكدةً أن ما ظهر خلال تلك الفترة حاول نزع الشرعية عن وجود "إسرائيل".
وأضاف "حتى قبل ذلك التاريخ كانت معاداة السامية تتنكر في شكل احتجاج مناهض لإسرائيل في ازدياد واكتسبت اهتمامًا وشعبية على الإنترنت".
واستشهد التقرير للدلالة على ارتفاع منسوب معاداة السامية في الجامعات الأمريكية نقلت الصحيفة مقابلة مع طالبة يهودية تدرس في الولايات المتحدة عندما واجهت لأول مرة ما أسمته "الكراهية المعادية لإسرائيل"، قائلة "كنت اجلس في غرفة مشتركة لتبادل أطراف الحديث مع طلاب آخرين، والذين لم يكن معظمهم يهودا، عندما قدمت نفسي وأنني أتيت من إسرائيل نظر إليّ أحدهم ووصفني بالمؤيدة للفصل العنصري والمحتل الأبيض".
وأردفت: "أن تكون أمريكيا إسرائيليا يعني الانقسام بين مجتمعين، من جهة، أنت محاط بأبوين إسرائيليين وأصدقاء العائلة في بيئة تتحدث العبرية، ومن جهة أخرى أنت منخرط في الثقافة اليهودية الأمريكية، وكان جوهر هويتي هو العمل كوسيط بين الجالية الإسرائيلية واليهودية الأمريكية".
وبينّت أنه على عكس معظم اليهود الأمريكيين، فقد نشأت حسب قولها على قصص قتال جدها في الحروب الإسرائيلية، وخدمته في الجيش الإسرائيلي، وغيرها من التجارب التي كان يمكن الاستناد إليها لتصوير روايتي كإسرائيلية لليهود الأمريكيين.
ووفق اعتقادها، فإن أكبر الفجوات التي رأتها بين الإسرائيليين المقيمين في إسرائيل والجالية اليهودية الأمريكية، هي في طريقه فهمهم لمعاداة السامية، وما تبدو عليه، ففي العام الجاري انقسمت معاداة السامية في أمريكا إلى ثلاث فئات، وهي كراهية "الآخر" الموجهة نحو الإسرائيليين، ومعاداة السامية المقنعة على أنها "نقد لإسرائيل"، ومعاداة السامية التاريخية القديمة.
ورداً على ذلك تقول "يديعوت" لم تعد كراهية "الآخرين" الموجهة للإسرائيليين مخفية، إذ يتم التعبير عنها بصراحة في وسائل التواصل الاجتماعي، والجامعات، والتفاعلات اليومية.
وأشارت إلى أن "هذا النوع من الكراهية لم ينشأ من العدم، فهي مشتقة من ظاهرة أوسع حيث تتنكر معاداة السامية في صورة انتقاد لإسرائيل، النقد الموجه إلى حكومتها وسياساتها تجاه الفلسطينيين تحديداً، وهذا ليس جديدا على إسرائيل، لكن الجامعات في الولايات المتحدة تحول هذا النقد إلى دعوة للقضاء على الدولة اليهودية، وكذلك تحميل إسرائيل المسؤولية عن اليهود في أمريكا، وحتى مواجهة اليهود الأمريكيين بما في ذلك أولئك الذين لا علاقة لهم بإسرائيل".
وأضافت: "تكون المقارنة مع أعداد الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل حاضرة دائماً في كل مرة يتم فيها انتقاد إسرائيل".
وأوضحت أن "جزءا مما يمارس تجاه الطلاب الصهاينة في الجامعات الأمريكية هو استبعادهم من الاتحادات الطلابية، كنوع من الانتقاد المشروع تجاه الحكومة القمعية، في إشارة للقمع الذي تمارسه إسرائيل يومياً تجاه الفلسطينيين".
ولفتت إلى أنه "بجانب معاداة السامية المقنعة على أنها معاداة للصهيونية، لا تزال معاداة السامية التاريخية تزدهر، وينعكس ذلك من خلال عدد لا يحصى من الصلبان المعقوفه المرسومة على جدران الجامعات في جميع أنحاء أمريكا، وفي الجامعات من كل أنحاء العالم، حيث يواجه الطلاب المسيرات النازية، والأساتذة الذين يحاولون الدفاع عن هتلر، والطلاب الذين يقللون من شأن الهولوكوست".
المصدر: يديعوت احرنوت