لم يكن العقيد باسل حافظ الأسد، مجرد نجل لرئيسٍ عربيٍ والوريث المحتمل لخلافة والده. بل كان أنموذجاً يمثل ما تحمله هذه العائلة من صفات ميزتها، عن باقي عوائل الحكام العرب. وهي القرب الوثيق بالفكر المقاوم، والذي تجسد بالدعم اللامحدود لفصائل وحركات المقاومة لا سيما في لبنان.
فالعقيد باسل الأسد، الذي مرّت ذكرى وفاته السنوية الـ 28 بالأمس، كان صلة الوصل والاتصال الخاصة لحزب الله، بالرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. فكان لأدائه هذه المسؤولية، الدور الرئيسي في منع الفتنة ما بين الجيش اللبناني والمقاومة الإسلامية في العام 1993. حينما فكر أحد رجالات السلطة - خلال العدوان الإسرائيلي في تموز من ذلك العام - بنشر الجيش على خطوط التماس بين أماكن تواجد المقاومة والشريط الحدودي المحتل في جنوب لبنان. لكنّ الرئيس الأسد أوقف ذلك، بعدما ورده الخبر من جهتين: قائد الجيش آنذاك العماد إميل لحود والعقيد باسل.
فما هي أهم المحطات في سيرة العقيد الأسد؟ وماذا كانت أبرز صفاته الشخصية والقيادية؟
_ هو الابن البكر للرئيس حافظ الأسد، وقد ولد في الـ 23 من آذار للعام 1962.
_ كان مهندساً مدنياً ومظلياً وفارساً رياضياً، كما كان عسكرياً من خلال التحاقه بهذا السلك ومشاركته في العديد من الدورات في الكلية العسكرية وقيادة الأركان. ما أهلّه بعد فترة وجيزة لتسلّم مهمة قيادة الحرس الجمهوري.
_ انضم إلى "اتحاد شبيبة الثورة بحزب البعث" وهو في الـ 11 من عمره، وبدأ من حينها التدرب على الرماية وركوب الخيل والقفز بها فوق الحواجز في هذه السن، واستمر بذلك محققاً عدة ميداليات في المسابقات إقليمية.
_ له العديد من الإنجازات الرياضية الأخرى، فقد بدأ رياضة القفز المظلي منذ العام 1978، واشترك في أول دورة للقفز المظلي الحر في العام 1980، حيث فاز بالمرتبة الأولى. وتبعها في العام 1981، تحقيقه المرتبة الأولى أيضاً في بطولة دمشق للرماية.
_ أتمً دراسته الأكاديمية، حيث حصل على شهادة بكالوريوس في الهندسة المدنية في العام 1984 من كلية الهندسة في جامعة دمشق.
وعرف عنه ولعه بالمعلوماتية والكومبيوتر، وهذا ما دفعه لتدشين الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية في العام 1989، والتي ترأسها لاحقا أخوه الرئيس بشار.
_ انتسب إلى القوات المسلحة متطوعاً في الـ 24 من أيلول 1984، وتخرّج من كلية المدرعات مهندساً قيادياً برتبة ملازم أول.
وفي العام 1987، رقيّ إلى رتبة نقيب، فالتحق بدورة أركان في كلية القيادة العليا في القوات المسلحة السورية، وتخرج منها ضابط ركن مدرعات في العام 1988 وهو ما يزال في الـ 26 من عمره.
_ أكمل دراسته العسكرية في الخارج، حيث أعدّ بحثاً علمياً تقدم به إلى الأكاديمية العليا للعلوم العسكرية في الاتحاد السوفييتي، التي أجرت مناقشةً للبحث حضرها 15 عالمً عسكري، ومنحته بعد المناقشة شـهادة الدكتوراه في العلوم العسكرية بتقدير ممتاز مع مرتبة الشرف الأولى الاستثنائية.
كما شارك العقيد الأسد في دورة تدريبية على قيادة الحوامات القتالية عام 1990، بالإضافة لدورة على قيادة الطائرات المقاتلة من نوع ميغ-21 التي لم يستكملها بسبب وفاته.
_ تمتع بشخصية قيادية كاريزمية، فكان المرشح الوحيد لخلافة والده.
_ توفي في الـ 21 من كانون الثاني للعام 1994. حينما كان الثلاثينات من عمره، بحادث سير قرب مطار دمشق الدولي، وقد تضاربت الأنباء واختلفت الروايات حول سبب وفاته، منها ما تحدث عن عملية اغتيال مدبرة.
ومن الملفت أن العديد من الشخصيات اللبنانية، التي تدّعي الآن عداءها للدولة السورية، مثل وليد جنبلاط ومروان حمادة وسمير جعجع، كان من أوائل مشيعي الجنازة والحاضرين في التعازي.
الكاتب: غرفة التحرير