بالتوازي مع التحديات التي يواجهها كيان الاحتلال من جبهات عدة والتي لا تقتصر فقط على الداخل الفلسطيني بل تتعداها إلى طول الحدود اللبنانية-السورية مع فلسطين المحتلة إضافة لكونه هدفاً لكل حركات ودول محور المقاومة، تتعمق أزمة الثقة تجاه الجيش الإسرائيلي نتيجة الفساد المستشري داخل مؤسساته وصفقات الأسلحة ومشاريع صيانتها المشبوهة التي تعقد باستمرار دون ان تنفذ ما يجعل هذا الجيش امام تحد من نوع آخر.
صحيفة يديعوت أحرنوت أشارت في مقال لها إلى ان "بعض هذه الصفقات قد تصل إلى لجان التحقيق، وأخرى ستبقى مدفونة في إدارة حسابات وزارة الدفاع غير الملزمة بتقديم الحساب لأحد، رغم أن مئات ملايين الدولارات تقع هناك في القمامة بسبب الإدارة الفاشلة".
النص المترجم:
ثمة شيء سيئ يحصل في إدارة مشاريع وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي فيما يتعلق بالمشتريات الأساسية من الخارج، كما جرى بموضوع الغواصات، وشراء سفن "ساعر 6″، وشراء مروحيات "يسعور" الجديدة، وشراء طائرات الشحن بالوقود، وها هو الآن يحصل في صفقة صغيرة نسبياً لشراء مروحيات بحرية تجر منذ ست سنوات ولا نرى لها نهاية.
يبدو هذا مرتباً ومخططاً حتى البرغي الأخير كما توضحه بيانات قسم التخطيط، أما في الواقع فهو حلم. بعض هذه الصفقات قد تصل إلى لجان التحقيق، وأخرى ستبقى مدفونة في إدارة حسابات وزارة الدفاع غير الملزمة بتقديم الحساب لأحد، رغم أن مئات ملايين الدولارات تقع هناك في القمامة بسبب الإدارة الفاشلة. فطمس الحقائق وإخفاء المعطيات هما سبب وجيه آخر للتردي في ثقة الجمهور بالجيش وبوزارة الدفاع. وأحد الأسرار الدفينة هو مدى شذوذ صفقة المروحيات البحرية الجديدة عن الميزانية الأصلية. يبدو أن الحديث يدور عن عشرات وربما مئات ملايين الدولارات، لكن وزارة الدفاع تملأ فمها بالماء، ربما درءاً بالعار.
يا له من أمر رمزي وحزين: كان يفترض هذه السنة أن يبدأ سرب مروحيات "سي هوك" بحرية بالعمل بدلاً من سرب المروحيات القديمة. وحسب الرواية الأخيرة لوزارة الدفاع، المروحيات الجديدة ستصل في 2024 وستكون تنفيذية في 2025.
بدأت معالجة المروحية البحرية الجديدة بالقدم اليمنى، فقد اكتشف سلاح الجو بشكل مبكر شيخوخة المروحيات القديمة. وبعد الدراسة، أشار، في منتصف العقد السابق إلى البديل: خرجت مروحيات مستخدمة من طراز "سي هوك" من الخدمة في الأسطول الأمريكي، وادعى خبراء المشتريات في وزارة الدفاع بأنه خيار إشكالي، لأنها مروحيات مستخدمة ولم تعد تنتج، وقد نزل نموذجها الأخير من خط الإنتاج في 1996 بل إن أحدثها يقترب من 30 سنة.
فضلاً عن هذا، نفذت إسبانيا صفقة مشابهة مع الأمريكيين قبل بضع سنوات من ذلك، فخاب ظنها. أما سلاح الجو فأصر: لا يوجد مال. وبالعموم، فإن المهم في هذه المروحية البحرية ليس المنصة، بل الأجهزة التي عليها. ناهيك عن أن الصيغة البرية لهذه المروحية “بلاك هوك” أنها تخدم في سلاح الجو، ومن المتوقع تسهيل الاستيعاب والسياق. ومثلما هو الحال دوماً: فإن ما يريده سلاح الجو هو ما يحصل.
في 2016 وقعت الصفقة: اشتريت ثماني مروحيات "سي هوك" مستخدمة، ثلاثة منها مخصصة مسبقاً للتفكيك لتشكيل قطع غيار، وخمسة تكون السر التنفيذي. واستغرق وقت قصير آخر، ووقعت الصفقة مع شركة اس.اي.اس في ألباما في تحسين المروحيات الخمس. سيتم في المرحلة الأولى ترميم يستهدف جلب المروحية إلى الطيران (تعزيز المبنى، تجديد أجزاء آليه، محرك، ناقل حركة… وما شابه) وفي المرحلة الثانية، يتم إدخال أجهزة إسرائيلية خاصة إلى المروحية مثل البدلة الإلكترونية، إضافة إلى قدرات تسليحية أخرى.
غير أنهم اكتشفوا في حينه أن وضع المروحيات أسوأ بكثير مما ظنوا. فقد استغرق الترميم زمناً أطول، وأنفقوا مالاً أكثر، فوصلنا إلى 2022. ولم يتم تحسين سوى مروحيتين فقط، أما الأخرى فلا تزال في العمل. فضلاً عن ذلك، لم يتبقَ مال للمرحلة الثانية المتمثلة بإدخال الأجهزة الإسرائيلية. تجري في هذه الأيام، مفاوضات مع الشركة الأمريكية عن إضافات للثمن لانتهاء العمل، وهي فقط مفاوضات، وليست اتفاقاً بعد. قسم من الأعمال سيتم في إسرائيل، وسيحتاجون إلى إصدار عطاءات، وهذا يستغرق وقتاً. وبهذا سيبقى تاريخ الموعد: 2024 – 2025، معلقاً في الهواء.
وفي هذه الأثناء، تستمر المروحيات القديمة في شيخوختها، ولا أحد يلح على شيء، ولا يحسب جهاز الأمن الحساب لأحد. لا غرو أن ثقة الجمهور تتدهور.
المصدر: يديعوت احرنوت
الكاتب: أليكس فيشمان