أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية، إطلاق صاروخ حامل للأقمار الاصطناعية اسم "سيمرغ". وأشار المتحدث باسم قوة الفضاء الخارجي أحمد حسيني ان هذا "الصاروخ محمل بـ 3 شحنات من الأجهزة العلمية والبحثية... المهمة تضمنت بنجاح ولأول مرة نقل 3 شحنات بحثية بشكل متزامن على ارتفاع 470 كلم وبسرعة إطلاق 7350 متراً بالثانية، يبلغ طوله حوالي 29.9 متراً ويزن 87 طناً وهو جيل جديد مطور عن أجيال سابقة". ولهذا الصاروخ خصائص تقنية لافتة "يعمل على وقود الدفع السائل، يحتوي على 4 محركات دفع متطورة، كما تمتلك القدرة على إطلاق الأقمار الصناعية حتى 250 كلغ".
وأشار حسيني إلى ان "قرار الاطلاق جاء في ضوء الإنجازات التي تحقّقت في مجال توطين تكنولوجيا الفضاء الخارجي والنجاح في إطلاق أقمار اصطناعيةٍ صغيرة".
وأوضحت الحكومة الإيرانية، فإن "الأقمار الاصطناعية تجمع بياناتٍ بشأن الطقس والكوارث الطبيعية والزراعة ولا علاقة لها بالأغراض العسكرية".
رئيس الجمهورية السيد إبراهيم رئيسي بدوره اكد على هامش إطلاق صاروخ "سيمرغ ": "نحن بحاجة إلى الوصول إلى التكنولوجيا الراسخة لدوائر المدار الأرضي المنخفض بسرعة وبتخطيط دقيق ومتماسك، وفي الخطوة التالية، نحتاج إلى التحرك بسرعة نحو حلبة 36,000 كم (GEO) مع التخطيط الدقيق وعمل المجاهدين. وإذا لم نكن حاضرين في صناعة الفضاء والفضاء الإلكتروني، سيتعين علينا أن نتحرك على الطريق السريع الذي بناه الآخرون. صناعة الفضاء يخلق نوعا من الردع لمهاجمة الأعداء في البلاد. عندما يتم إطلاق قمر صناعي، يشعر الناس والشباب بالتمكين والفخر".
"سيمرغ": ثمرة تجربة علمية مقاوِمة
في 3 شباط عام 2010، وفي تصريح لصحيفة تايمز الأميركية قال المحلل في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا إن "إيران انضمت إلى المنتدى الفريد للدول التي لديها تكنولوجيا الأقمار الصناعية، على الرغم من المعارضة العالمية والعقوبات العديدة، كانت خطوة إيران تحفة فنية حقيقية". هذا التصريح جاء بعد عقود من محاولات الجمهورية الإسلامية إطلاق الأقمار الاصطناعية والتي كان أولها في سبعينيات القرن الماضي، حيث كان من المقرر إرسال قمرين اصطناعيين "زهرة وناهيد". لكن بسبب الحرب المفروضة والحصار الاقتصادي الذي فرض على طهران توقف البرنامج الذي عاد واستُأنف العمل به عام 1996 مع القمر الصناعي "مصباح 1".
عام 2010 أطلقت إيران قمر "أميد" أي الأمل، بواسطة صاروخ "سفير أويد". مع نجاح التجربة بشكل باهر، أكدت وكالة الفضاء الأميركية ناسا وعدد من المراكز الفلكية حول العالم "حركة القمر الصناعي "اميد" في مدار الأرض وأصبح ذلك اليوم هو اليوم الوطني لتكنولوجيا الفضاء في إيران.
بعد هذا الإنجاز، احتلت الجمهورية الإسلامية المرتبة التاسعة دولياً بامتلاك تقنية مستقلة لإطلاق قمر صناعي. بعد ذلك تمكنت كوريا الجنوبية من إطلاق قمر صناعي بحيث يضم نادي الفضاء العالمي 10 أعضاء.
بعدها أطلقت طهران عدداً من الأقمار الاصطناعية بواسطة صواريخ حاملة، حيث تم إطلاق "رصد" و "نويد" عام 2011، "فجر" عام 2014، و "بيام" و "دوستي" عام 2018.
قلق أميركي من وصول إيران إلى الفضاء
تعليقاً على نجاح هذه التجربة، قال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ان "الولايات المتحدة على علم بالتقارير عن إطلاق إيران صاروخا إلى الفضاء...وواشنطن قلقة بشأن تطوير طهران مركبات للإطلاق الفضائي وأن ذلك يثير المخاوف المتعلقة بالحد من انتشار الأسلحة".
هذا التعبير عن القلق لم يكن سابقة، بل ان واشنطن كانت قد عبرت عن ذلك بعد قصورها عن معرفة تفاصيل عمليات الاطلاق. حيث فرضت عام 2020 عقوبات على منظمة الفضاء الإيرانية ISA لترد إيران بإرسال قمر"نور" بواسطة صاروخ حامل، بحيث يكون كل دول العالم ضمن نطاق تغطيته. من جهة أخرى فإن إصرار طهران للوصول إلى حلبة 36,000 كم (GEO) كما أعلنت غير مرة، وقيامها بالخطوات الجدية لذلك، يفسر القلق الأميركي، الذي يعتبر ان كل قمر صناعي يطلق هو خطوة جديدة للوصول إلى الهدف المنشود.
تقارير غربية تحدثت حينها عن هذه العملية، وأشارت إلى ان" إيران في عرض مفاجئ وسريع لإثبات قدرتها التقنية والعلمية، نجحت في إطلاق القمر الصناعي "نور" ووضعه في المدار، بدون أن تتمكن الأقمار الصناعية الأمريكية والأوروبية من مراقبة العملية التحضيرية لإطلاق هذا القمر الصناعي". حيث قام الإيرانيون، بوضع القمر الصناعي على الصاروخ الحامل بشكل سري وسريع وقبل ساعتين فقط من عملية الاطلاق، لدرجة ان الوكالات الموكل إليها مراقبة النشاط الإيراني لم تستطع تكوين صورة عما يحدث بالفعل. ولم تتم عملية الاطلاق من أي مركز صاروخي معروف داخل البلاد، بل تم ذلك من خلال إحدى المنصات المتحركة، وتمت تزويد الصاروخ بالوقود قبل ساعتين فقط من عملية الاطلاق". وهذا ما أثار دهشة العالم بالفعل، وهو الأمر الذي لن تخفف من وطأته بيانات الاستنكار والشجب الأميركية.
الكاتب: غرفة التحرير