يُعدّ "إخضاع العدو من دون القتال" أحد أهم فنون الحرب التي تقضي بإبادة ثقافية ممنهجة لإعادة خلق "الخصم من داخله وإعادة رسم تصوراته "عن نفسه وعدوّه" بهدف برمجة الشعب المستهدف ليخدم مصلحة "عدوّه" وأهدافه، وذلك بالاعتماد على 3 آليات: أولاً، التحقير الأخلاقي للشهب "المهزوم" أو المستهدف وتطهير "عدوّه" من صفاته السيئة وإلحاقها به، ثانياً، السلب الثقافي، وثالثاً، بعد تنصيب "المستعمر" كإنسان أسمى ليصبح المثل الأعلى الذي يجب على الشعب المتّهض التمثّل به لتخليصه من البؤس الذي سبّبته له حضارته ودولته "الرجعية والمتخلّفة". مما يؤدي الى "تحوير في هوية" الشعب المستدف
وتعتمد أيضاً من ضمن أساليب وفنون الحروب مبدأ "جرّ مكونات البلد والنخب نحو الخيانات وربطهم خدمة للمصالح والأجندات الخارجية"، كما أسلوب اختلاق الحروب والحساسيات الطائفية. بالإضافة الى منهج تدمير اقتصاد البلاد وتحويله من الإنتاج الى رهينة للمضاربات وإضعاف البنية التحتية للبلد وإخضاعه لما يسمى العقوبات وهي الظاهرة الحديثة التي اختلقت بعد إنشاء عصبة الأمم عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى.
وربما تكمن خطورة هذه الأساليب في سعيها الى إحداث فجوة عميقة بين الدولة أو السلطة وبين الشعب في البلد حيث العمل على تهميش الدولة ودورها وإقصائها وتقليص عملها الحكومي لتصبح بصورة "المقصّرة بحق الناس" حتى تتوغّل المجموعات غير الحكومية التي ستلعب دور "المنقذ" لكنها لن تكون سوى وجهاً من أوجه "الاستعمار". وكذلك تسعى أساليب الغزو غير المسلّح الى افتعال الحروب البيئية والغذائية، التي وان استهدفت البيئة الا أنها تون لأجل إخضاع الشعوب وسرقة مواردها.
وفي إسقاط لهذه الأساليب على الواقع الحالي نجد ان الولايات المتحدة هي المعتمد الأوّل على هذه الأساليب سواء بتنفيذها بنفسها مباشرة أو عبر أدواتها في العالم ومنطقة غرب آسيا التي تحظى "باهتمام" أمريكي خاص. ومهما اختلفت الدول (الأدوات) المنفذة الا أنها في نهاية المطاف ليست سوى خدمات تقدّمها للمشروع الغربي وراعيه الاوّل واشنطن.
وفي هذا الملف المرفق، تفاصيل المشروع "الغزو غير المسلّح" وأساليبه الفتّاكة في شعوب العالم من خلال نماذج التجارب التاريخية.
الكاتب: غرفة التحرير