لا شك بأن المناورات الإسرائيلية التي أجريت مؤخراً، كشفت بشكل واضح عما باتت قيادة الكيان تدركه وتؤمن فيه، بأنها في أي حرب مع المقاومة الإسلامية في لبنان، والتي قد تتطور لمشاركة الجمهورية الإسلامية الإيرانية فيها، ستواجه سيناريو أقل ما يوصف به هو سيناريو الجحيم. وقد أكدت معركة سيف القدس ذلك، من خلال التكتيكات التي استخدمتها فصائل المقاومة الفلسطينية المختلفة، إضافة لما شهدته المناطق الفلسطينية المحتلة عام 48 من تحركات، كل ذلك ساهم في كشف هشاشة الجبهة الداخلية للكيان.
وحول هذه المناورات، كتبت المراسلة العسكرية والأمنية " آنا أحرونهيم" هذا المقال في صحيفة "جيروزاليم بوست"، وهذا نصه المترجم:
قال ضابط في الجيش الإسرائيلي، إن إسرائيل بحاجة إلى "الاستعداد" للحرب، مع انتهاء التدريبات واسعة النطاق. وتأتي التدريبات التي استمرت أسبوعا، بمشاركة آلاف الجنود وجنود الاحتياط والمسؤولين الحكوميين، في أعقاب عملية أيار في غزة (سيف القدس – حارس الأسوار).
ومع اقتراب التمرين الواسع النطاق، لقيادة الجبهة الداخلية وسلطة الطوارئ الوطنية للجيش الإسرائيلي (راحل)، الذي يحاكي صراعًا واسع النطاق مع إيران وحزب الله اللبناني، يحذر الضباط من أن المواطنين والجنود يجب أن يكونوا مستعدين، لأي نوع من الطوارئ عندما تضرب الجبهة الداخلية. أي يجب أن تكون الجبهة الداخلية جاهزة، وكذلك نحن. هكذا قال ضابط التدريب في القيادة الشمالية المقدم "يانيف فريدمان": "عندما يحدث شيء ما، نحتاج جميعًا إلى الاستعداد: المواطنون والجيش".
وشاركت في التدريبات التي اختتمت مساء الأربعاء، إلى جانب قيادة الجبهة الداخلية و"راحل"، جميع الأجهزة الأمنية والحكومية المختلفة، وكذلك شرطة "إسرائيل" ونجمة داود الحمراء.
وأضاف "فريدمان": "أصبحت التدريبات أكثر تعقيدًا مع مرور الأيام، تمامًا كما نتوقع أن تصبح الحرب". "نحن نعلم أنه ليس الجنود فحسب، بل جنود احتياط أيضاً يحتاجون إلى التدريبات من أجل حماية دولة إسرائيل".
هذا وتعتبر قيادة الجبهة الداخلية هي المسؤولة، عن تنبيه الجمهور لأي صواريخ يتم إطلاقها من أعداء إسرائيل، وذلك باستخدام صفارات الإنذار، والإشعارات الفورية من التطبيق الخاص بهم.
في أيار الماضي، أطلقت حماس والجهاد الإسلامي الفلسطيني، أكثر من 4000 صاروخ وقذيفة أخرى على إسرائيل. وقتل جندي و12 مواطنا إسرائيليا. وفي حال اندلاع حرب مع حزب الله، فمن المتوقع إطلاق عشرات الآلاف من الصواريخ من لبنان، مع إطلاق حوالي 2000 صاروخ باتجاه إسرائيل كل يوم.
كما تأتي التدريبات التي استمرت أسبوعا بمشاركة الآلاف من الجنود والاحتياط والمسؤولين الحكوميين، في أعقاب الخلاصات العسكرية من القتال الذي جرى في أيار، بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة. وأضاف "فريدمان": "هناك لوائح محددة في قيادة الجبهة الداخلية، وتحتاج إلى تدريب الناس واختبار الأنظمة نفسها، للتأكد من أنها تعمل عند الحاجة في حالات الطوارئ".
وتضمنت التدريبات محاكاة لهجمات صاروخية، من الشمال والجنوب والشرق في آن معاً، ومواجهة أعمال "الشغب العرقية" داخل إسرائيل؛ والهجمات الإلكترونية واسعة النطاق على البنية التحتية الحيوية، مثل محطات الطاقة أو المستشفيات أو المياه التي يمكن أن تعطل الحياة.
لكن، نظرًا للعدد الكبير من المقذوفات المتوقع إطلاقها على التجمعات الحدودية، واستمرار الافتقار إلى الملاجئ الملائمة للقنابل، فقد ركزت التدريبات أيضًا على إخلاء سكان التجمعات التي تقع في نطاق 5 كيلومترات من الحدود اللبنانية، واستيعاب هؤلاء الأفراد في مواقع أخرى في جميع أنحاء البلاد. وقد تمت محاكاة عمليات الإخلاء تحت نيران العدو.
رئيس الفرع الجنوبي للقيادة المقدم "ساغي باروخ" قال بأن التدريبات "مهمة"، لأن جميع المشاركين فيها اختبروا عدد من السيناريوهات التي ستواجهها البلاد، في كل من الشمال والجنوب خلال زمن الحرب. كاشفاً بأن "إجلاء المدنيين أثناء الحرب هو سيناريو معقد للغاية"، مضيفًا أن كل مجتمع يعرف إلى أين سيتم إجلاؤه، سواء كان ذلك في وسط أو جنوب البلاد. وأكمل "باروخ" القول بأن "التحدي هو الشمال، لكننا نتوقع أن "الجماعات الإرهابية" في الجنوب سترغب أيضًا في تحدي إسرائيل عندما يحدث شيء ما في الشمال، جنبًا إلى جنب مع العنف في المناطق المدنية، مثل أعمال الشغب على الطرق، والتحديات الأخرى في المدن المختلطة". مختتماً بـ"نحن نتطلع لمعرفة ما إذا كان يمكن لجميع الهيئات العمل معًا لتقديم الإجابة الصحيحة وكيف يمكن ذلك."
قيادة الجبهة الداخلية
تشكلت قيادة الجبهة الداخلية في العام 1992 بعد حرب الخليج الأولى، وهي المسؤولة عن الدفاع المدني وعن تجهيز البلاد في حالة الصراع أو الكوارث، سواء كانت طبيعية أو من صنع الإنسان. وتعرضت القيادة لانتقادات بسبب ردها خلال حرب العام 2006 مع حزب الله، والتي أسفرت عن مقتل أكثر من 160 إسرائيليًا. منذ ذلك الحين، عززت هذه القيادة وحداتها ووحدات الاتصال التابعة لها، ونشطتها في مئات البلديات في جميع أنحاء البلاد.
المصدر: جيروزاليم بوست
الكاتب: غرفة التحرير