دائماً ما كانت الولايات المتحدة ترفض إدراج "الارهاب الاقتصادي" أو "إرهاب الدولة" ضمن أنواع الارهاب الذي تطرّق إليها مجلس الأمن الدولي والمؤتمرات العالمية رغم مطالبات العديد من الدول، فهذا النوع من الارهاب يشكّل جزءاً مهماً من استراتيجيتها وسياستها الخارجية وطبيعة علاقاتها مع الدول المناهضة لها والصديقة على حدٍ سواء، ويعتمد "الإرهاب الاقتصادي"على الحصار الاقتصادي والعقوبات لإخضاع الكثير من دول العالم بهدف تحقيق أهداف سياسية اقتصادية.
واستكمالاً لسلسة العقوبات هذه، التي طالت روسيا وكوريا الشمالية وإيران وسوريا عبر قانون قيصر، فرضت الولايات المتحدة مع بداية عام 2015 سلسة عقوبات على فنزويلا على اعتبار "أن الوضع في فنزويلا يشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للولايات المتحدة، لذلك شعرت أنه من الضروري تمديد حالة الطوارئ المفروضة" كما صرّح الرئيس الأميركي جو بايدن في رسالة له للكونغرس.
وبهدف إسقاط نيكولاس مادورو رئيس البلاد الذي ردّ على العقوبات بطرد السفراء الاوروبيين من بلاده، وإيصال زعيم المعارضين خوان غوايدو كرئيس المرحلة الانتقالية عادت الولايات المتحدة لتمديد فرض العقوبات حتى أواخر عام 2022.
حيث حظرت تنفيذ عمليات تجارية بالأسهم وسندات الديون، تجميد كافة الأصول التابعة للشركة الفنزويلية داخل الولايات المتحدة، النقدية منها والعقارات، كما منعت تحويل أية مبالغ للشركة مقابل عملياتها مع أي كيان داخل الولايات المتحدة، إضافة إلى حظر استخدام النظام المصرفي الأميركي والدولار.
ومع الدقائق الأولى بعد اعلان العقوبات ارتفعت اسعار النفط بشكل ملحوظ خاصة خام برنت المعياري ليسجل 60.6 دولاراً للبرميل في بورصة لندن، كما ارتفعت عقود خام غرب تكساس المتوسط ليصل إلى 52.5 دولاراً للبرميل في بورصة نيويورك، فكان الحديث عن مدى تأثير هذه العقوبات على البلد الذي يمتلك أكبر احتياطيات في العالم.
بعد التشدد الذي فرضه الرئيس السابق دونالد ترامب، يبدو واضحاً أن ادارة بايدن تتجه لاستخدام هامش المناورة، حيث قررت وزارة الخزانة الاميركية فتح الأجواء أمام فنزويلا، والسماح لها باستخدام الموانئ والمطارات في البلاد.
باحثون في معهد "صمويل روبنسون" الفنزويلي وصفوا هذا الاجراء ب "السطحي والمتعرّج" إذ لا يغيّر شيئاً على أرض الواقع مع استمرار الحصار.
وفي تحدٍ للعقوبات الاميركية المفروضة على الدولتين إيران وفنزويلا، أرسلت الجمهورية الاسلامية العديد من ناقلات النفط هدفها التخفيف من أثار الحصار على الشعب الفنزويلي، كانت أولها ناقلة "فروتشن" التي تحمل على متنها حوالي 5مليون برميل من الوقود، والتي عبرت الكاريبي دون أن تتجرأ الولايات المتحدة على التعرض لها، بعد التهديد الإيراني الحازم بأن أي اعتداء عليها سيُقابل برَد، والتي كانت سابقاً قد أرسلت قطع غيار ومعدات صيانة لمصافي النفط الفنزويلية. وتأتي هذه المساعدات عملاً بشعار "فنزويلا ليست وحيدة".
بعد ما يقارب 6 سنوات من ممارسة الارهاب الاقتصادي والعقوبات اعترفت الولايات المتحدة على لسان مسؤول أميركي رفيع المستوى صرّح بمؤتمر صحفي: "لكن علينا الاعتراف بأن العقوبات أحادية الجانب لم تنجح، النظام تكيف مع العقوبات، كما تكيفت أسواق النفط منذ زمن طويل مع العقوبات النفطية".
وفي السياق نفسه اعتبر رئيس مركز برنت سكوكروفت للأمن الدولي والمتخصص في القضايا العسكرية والسياسية الأميركية الخارجية أليكس وارد أنه: "قد يفيد قرار فرض العقوبات الاقتصادية على المدى القصير، لكن لو استطاع مادورو الصمود، واستغلها في إقناع شعبه بأن الولايات المتحدة هي المسؤولة عما يحدث في البلاد، فقد ترتد رصاصة العقوبات إلى الولايات المتحدة".
المصدر: وكالات
الكاتب: غرفة التحرير