زار الرئيس السوري بشار الأسد الأكاديمية العسكرية العليا بدمشق، حيث شارك في احتفال تخريج الضباط من الدورة السادسة والثلاثين (قيادة وأركان)، وتحدث معهم عن العديد من القضايا التي تتعلق بمؤسستهم ووطنهم وبالوضع الإقليمي والعالمي لشكل عام. فكان له العديد من المواقف المهمة، التي تبين المسار المستقبلي الذي ستنتهجه الدولة السورية في مقاربتها للملفات الداخلية والخارجية على حد السواء.
وقبل استعراض مواقف الرئيس بشار الأسد، من المهم التوقف عند بعض المشاهد اللافتة في الاحتفال، والتي تؤكد على جملة من المبادئ الاستراتيجية السورية:
_ حضور عسكري حاشد ومن ضمنهم مئات الخريجين في الدورة، ما يعني أن الحرب التي خيضت على سوريا والتي كان في طليعة أهدافها ضرب الجيش السوري، لم تستطع من تحقيق هذا الهدف. بل العكس، فإن هذه المؤسسة العسكرية رغم قساوة الحرب، استطاعت الحفاظ على وحدتها والاستمرار في أداء مهامها من جهة، ورفد صفوف قواتها بالكادر القيادي الذي استفاد من تجارب الحرب من جهة أخرى.
_ رفع لافتة تؤكد على الأهداف الأساسية للدولة والقوات المسلحة: الالتزام بالثوابت الوطنية والقومية (مثل تحرير الجولان ودعم القضية الفلسطينية)، وحماية البلاد ومنعتها وتطويرها. ما يعني أن السياسات على مختلف الصعد ستشهد نمواً تصاعدياً.
_ رفع لافتة تحوي التأكيد على تأييد المقاومة بالمطلق، بالشكل والصيغة التي يراها المقاومون. ما يعني أن الدولة السورية في كل مسارها المستقبلي كما كانت في الماضي، سيكون التزامها دعم حركات المقاومة، بعكس ما قد يتوقع البعض بإن عودة علاقاتها مع بعض الدول العربية سيجعلها أقل تمسكاً بذلك.
الرئيس الأسد: الصمود هو الحل في ظل محيط هائج ومضطرب
واستعرض الرئيس الأسد في كلمة له أمام الخريجين العديد من النقاط، أبرزها:
_ أهمية تحويل الخبرة العسكرية التي اكتسبت خلال سنوات الحرب الى علم يمكن تطويره والاستفادة منه ومن استنتاجاتها وأفكاره وتجاربه، بهدف صياغة الحلول بما يتناسب مع الظرف الواقعي.
وهذا يعني أن ورش دراسة الحرب بكل جوانبها، سيتم إنشاءها في الفترة المقبلة، وقد نشهد تغييرات في هيكلية الجيش وتنظيمه بناءً على ما قد يستخلص من هذه الورش من استنتاجات ودروس وعبر.
_ تميز القائد عن المرؤوسين هو بالمعرفة وليس بالرتبة، على أن تشكل المعرفة كافة الجوانب الحياتية وعلى رأسها المعرفة السياسية.
_ الانطلاق في هذا العلم يبدأ في معرفة دور الجيش في تاريخ سوريا الوطني، الذي كان وجوده من أهم الأسباب التي أدت لوقوف الشعب وراء جيشه.
_ أهمية وجود المعرفة السياسية بكى كل أفراد المؤسسة من ضباط وجنود، حتى يكون هناك إدراك ووعي للأهداف السياسية التي يجب تحقيقها من قبل المؤسسة العسكرية. وترتيب الأولوية على صعيد الأهداف الوطنية على ما عداها من أهداف مؤسساتية. خصوصاً في ظل المحيط الذي تعيش فيه سوريا والذي وصفه الرئيس الأسد بالـ" هائج والمضطرب".
ذاكراً بأن أمريكا صرفت تريليونات الدولار في الحروب على العراق وأفغانستان، لكن ليس على شعوب هذه الدول بل على شركات بلادها للأسلحة والعتاد العسكري، وبالتالي فإن كل حروبها تقوم على مبدأ الدولار. وتوقع الرئيس الأسد أنه كما حصل من هزيمة أمريكية في أفغانستان والعراق ة الصومال وفيتنام، فإن الحروب الأمريكية والهزائم ستظل تحصل في الفترة المقبلة.
_ انطلاقاً من النقطة السابقة اعتبر الرئيس الأسد أن هذا الوجود في محيط مضطرب يتطلب من السوريين الصمود. فكل دولة تسعى بالصمود إيجاد مكان لها في العالم، سواءً كانت صغيرة تسعى لدور إقليمي، أو كبرى تسعى لموقع في الساحة الدولية، وبالنسبة للشعوب فالصمود يعطيهم الوطن.
_ الصمود المقصود هنا بالمعنى الإيجابي أي الخروج من مرحلة الدفاع الى الهجوم عبر تنفيذ التطوير الذي يشكل كل المجالات بما فيها العسكري.
_ التأكيد على أن خطورة الحرب السياسية على الجيش كانت أخطر عليه من الحرب العسكرية خلال السنوات الماضية، لجهة تشخيص العدو وقتاله. وهذا ما سيترتب عليه مهام سياسية إضافية وجديدة للضباط والقادة العسكريين. مؤكداً بألا قيمة لجيش محترف بلا أهداف سياسية وطنية يكون قريباً من الشعب.
_ ختم الرئيس الأسد كلمته بالتأكيد على محورية الجيش واستمراره في عملية تحرير البلد بكل مناطق والدفاع عنه.
الكاتب: غرفة التحرير