لا زالت صورة مجرم صبرا وشاتيلا عالقة في الأذهان، سمير جعجع صاحب التاريخ الأسود الملطخ بدماء الأبرياء من الفلسطينيين واللبنانيين، أداة الاحتلال الصهيوني والاستكبار الأمريكي القذرة، هي ذات الأداة التي استخدمت في فلسطين واليمن وسوريا، مع اختلاف الأسماء ولكن الهدف واحد، هو ضرب محور المقاومة بكل أشكاله وأماكن تواجده.
وبعد أن عجز العدو الصهيوني ومن خلفه أمريكا على تطويع المقاومة في غزة وتدجينها كما يزعمون، انقلب العالم على شرعية المقاومة المستمدة من إرادة الشعب أولاً ثم شرعية الدم الذي أريق دفاعاً عن المقدسات والحرمات، فكان الحصار الخانق ومحاولة تركيع المقاومة بشتى الطرق بل دفع المقاومة لمواجهة الشعب وجهاً لوجه من خلال الحراكات المشبوهة، وعندما فقدوا الأمل في خروج الشعب على المقاومة ونبذها سقطت أخر ورقة وأميط اللثام عن وجوههم القبيحة، فكانت أحداث الاقتتال والانقلاب المسلح على الشرعية السياسية المنتخبة، ظناً منهم أنها ستفر وتنكسر.
أرادوها حرباً أهلية وفتنة داخلية تأكل الأخضر واليابس وتنهي ما تبقى لنا من قضية وأمل في التحرير، ولكن بوعي شعبنا وأصالته وانتمائه لدينه وقضيته وبسواعد الأبطال المقاومين الذين ضحوا بأنفسهم ليحيا شعبهم حياة العزة والكرامة، تم إفشال هذا المخطط أيضاً.
وكأن التاريخ يعيد نفسه من جديد، فبعد محاولات كسر المقاومة الإسلامية في لبنان وإشغالها في محاربة المؤامرة الدولية التي تستهدف لبنان وسوريا واليمن والعراق وكافة دول محور المقاومة، مروراً بسلسلة الاغتيالات لخيرة أبنائها وقادتها وما صاحب ذلك من أحداث جسام وصولاً لانفجار مرفأ بيروت الدولي، وما سببه من شلل في كل مناحي الحياة اللبنانية، ولعل القاسم المشترك في كل ما مر به لبنان من استهداف على أكثر من صعيد هو السلوك المنضبط والهادئ للمقاومة الإسلامية، الذي ينم عن وعي وإدراك عميق بأبعاد المؤامرة التي يحاول البعض جرها لأتونها.
لقد شكل كسر حزب الله للحصار المضروب على لبنان بإدخاله النفط الإيراني صفعة قوية لكل المتآمرين على لبنان لكل من أراد إذلال الناس وتركعيهم، حتى ينفضوا عن المقاومة، ولكن هيهات، وأمام هذا اليأس والاحباط والجنون الذي أصابهم إلى الحد الذي جعلهم يقطعون الكهرباء عن كل لبنان، أمام هذا الحقد لم يكن أمامهم إلا أن يطلوا برأس الفتنة من جديد، ولا أنسب لهذا الدور القذر من المجرم سمير جعجع، الذي خبره الفلسطينيون قبل الشعب اللبناني واكتووا بناره مرات ومرات، فيصدر تعليماته الخبيثة لميليشياته بقنص المتظاهرين العزل في الطيونة بكل حقد وصلف، في محاولة بائسة لإشعال نار الفتنة الطائفية من جديد باستدراج حزب الله لهذه المواجهة الخاسرة على كل الصعد.
ولعل ردة فعل حزب الله ودرجة الانضباط الكبيرة والمشرفة التي تحلى بها كوادره وعناصره وتفويته الفرصة أذهل الجميع في رسالة قوية لكافة الأطراف، أن صراعنا الوحيد مع العدو الصهيوأمريكي وليس مع شعبنا، ولكن في اللحظة التي يظن البعض فيها أننا نترك شعبنا ضحية لأصحاب الأجندات المشبوهة سنكون في المكان والوقت المناسب، وهذا ليس من باب الضعف وإنما من باب الحفاظ على لبنان، ليظل عزيزاً سالماً.
لذلك نصيحتي للمقاومة الإسلامية في لبنان أن اثبتوا على ما أنتم عليه ومزيداً من الصبر واللحمة مع المخلصين من أبناء لبنان لاستنفاذ كافة الأدوات والسبل لوأد الفتنة، ولكن إذا أصر المجرمون والمتآمرون، فلا ينفع حينئذ صبر ولا مهادنة، تماماً كما حدث في غزة، لا ينفع مع هؤلاء إلا لغة السيف فقط، حمى الله لبنان وحمى مقاومته من كيد الكائدين.
هذا المقال يعبر عن رأي الكاتب ولا يعكس بالضرورة رأي الموقع