يقترب موعد الانتخابات البرلمانية العراقية في العاشر من شهر تشرين أول/أكتوبر الجاري، على وقع مشهد معقد ودقيق في آن، جراء تعدد اللوائح المرشحة وتداخل التحالفات بدون القدرة على حصد جهة واحدة او اكثر غالبية المقاعد البرلمانية، ما يعني ان ائتلافات ستنتجها العملية الانتخابية ستؤدي حتمًا الى التفاهم على الحكومة المقبلة ورئيسها.
هذا المشهد العام يدفع ببعض المصطادين بالانتخابات، وعلى رأسهم الولايات الاميركية ومن معها، للتدخل هنا وهناك في محاولات للتأثير في النتائج، لعلها تتحكم لاحقا بقرار السلطة التنفيذية، ورئاسة الحكومة صاحبة الصلاحيات الواسعة بحسب الواقع الدستوري والسياسي في البلاد.
لكن من هي الجهات التي تدعمها أميركا (ومن معها سواء في الاقليم او العالم) في هذه الانتخابات؟ وما الهدف من ذلك؟ وكيف يمكن تعطيل هذه المخططات والغايات الاميركية؟
حول ذلك قالت مصادر عراقية متابعة لملف الانتخابات إن "أميركا وبريطانيا بدرجة أكبر، تدعم الحركات العلمانية التشرينية أي التي شاركت في تظاهرات تشرين(كتحالف نازل أخذ حقي، تيار وعي، وحركة امتداد) والتشيع الجديد (المدني) وبالتأكيد تدعم تيار (تقدّم) بقيادة محمد الحلبوسي وبعض الجهات الكردية لا سيما الحزب الديمقراطي الكوردستاني بقيادة مسعود برزاني"، وشددت على ان "اميركا وبريطانيا تقف ضد تحالفات الفتح وحركة حقوق جملةً وتفصيلا، لأنها منبثقة من رحم المقاومة والحشد الشعبي"، ولفتت الى ان "أدوات المشروع الاميركي في المنطقة تدعم جهات متنافسة في الانتخابات لا سيما على الساحة السنية، ففي حين يدعم السعودي والاماراتي محمد الحلبوسي، يدعم القطري خميس الخنجر، وكل ذلك تحت السقف الاميركي".
ولفتت المصادر الى ان "اميركا تدعم تيارات ما يسمى المجتمع المدني او بعض الجهات التي تعتبرها حليفة لها سواء من شخصيات او احزاب"، وحذرت من ان "الاميركيين يلعبون على بعض التناقضات والاوضاع الغريبة ضمن الساحة الشيعية في محاولة لتحقيق خرق ما"، واعتبرت ان "هذا أمر خطير ويجب التنبه له والتعاطي معه بوعي وحكمة"، وأوضحت ان "هناك بعض الجهات القريبة من المقاومة لكنها تتعاطى بأسلوب أن رجل الدولة يتعامل مع جميع الأطراف ويفاوض الجميع ويلتقي بالسفيرين البريطاني والأميركي بدون ان يشكل ذلك أي مشكلة لديه".
وأشارت المصادر الى ان "هناك بعض الجهات التي تعلن شيئا، بينما في الواقع تفعل وتطبق شيئا آخر، على سبيل المثال تعلن أنها ضد الاحتلال الاميركي والتطبيع مع الكيان الاسرائيلي، لكن الفعل على الأرض يظهر ان الهدف هو الاستحواذ على منصب رئاسة مجلس الوزراء وابتلاع الدولة بكاملها"، وتابعت "هذه الجهات تقسم الأدوار فتضع رِجلًا مع الحكومة واخرى في التظاهرات"، وأضافت "هؤلاء ربما يشكلون حصان طروادة للمعسكر الأميركي – البريطاني – الخليجي لاختراق الساحة الوطنية العراقية، لذلك قد يقدم هذا المعسكر لهم التسهيلات والدعم ولو بشكل غير مباشر، لانه يستفيد من سياساتهم العبثية في نشر الفوضى وشق الصف الوطني للإضرار أولا وأخيرا بالعراق كجزء أساسي في محور المقاومة".
وذكرت المصادر ان "بعض الجهات القريبة من المقاومة تحاول الاستفادة من هذا الامر لزيادة شعبيتها ومقاعدها البرلمانية"، وأكدت ان "الحشد الشعبي هو الثابت الوجودي الوحيد اليوم على الساحة العراقية وهو واجه سابقا في مختلف الساحات المخططات الاميركية والآن يواجهها سياسيا عبر العملية الانتخابية".
لذلك ينبغي التعاطي بمسؤولية عالية كما طلبت المرجعية الدينية ممثلة بآية الله السيد علي السيستاني في بيانها حول الانتخابات الذي صدر قبل أيام، حيث دعت أبناء الشعب العراقي ان لا ينتخبوا من المرشحين "إلا الصالح النزيه، الحريص على سيادة العراق وأمنه وازدهاره، المؤتمن على قيمه الأصيلة ومصالحه العليا.."، ولعل تحذير المرجعية بضرورة "عدم تمكين أشخاص غير أكفاء أو متورطين بالفساد أو أطرافًا لا تؤمن بثوابت الشعب العراقي الكريم أو تعمل خارج إطار الدستور من شغل مقاعد مجلس النواب.."، لهي الضابطة التي يجب اتباعها لإفشال كل المخططات الخارجية على رأسها الأميركية للتأثير بالانتخابات والتدخل بشؤون العراق.
الكاتب: غرفة التحرير