إذاً بعد عقدين من شن الولايات الأمريكية حربها على أفغانستان، ها قد عادت حركة طالبان لتحكم البلد من جديد، لكن بعدما أجرت مراجعة شاملة لكل تجربتها السابقة، فبحسب الناطق الرسمي باسمها "ذبيح الله مجاهد" في مؤتمره الصحفي الأول للتحدث عن مستقبل البلد، أكد على وجود اختلاف بين ما هم عليه اليوم وما كانوا عليه قبل 20 عاما.
كما تضمن المؤتمر الصحفي العديد من المواقف، التي قد تبدد المخاوف الخارجية والداخلية من الحركة في حال تطبيقها فعلياً:
_ إن الوضع السائد في أفغانستان حالياً هو وضع عسكري، لكن كل شيء سيصبح أكثر وضوحا بعد تشكيل الحكومة.
_ إن الحركة تسيطر على جميع حدود البلاد، وأنها ستمنع عمليات تهريب الأسلحة والمخدرات، بالإضافة إلى أنه سيتم جمع وتسجيل كل الأسلحة المستخدمة في القتال.
_ التأكيد على أن "إمارة أفغانستان الإسلامية" (اسم الدولة المعتمد عند الحركة)، لن تقوم بتصفية حسابات مع أي طرف داخلي، مؤكداً على قرار الحركة بالعفو عن الجميع. ومن جهة أخرى، التعهد بأن لا تقوم الإمارة باستهداف الدول المجاورة ولا أن تكون ممراً لأي اعتداء.
مع العلم أن إطلاق مصطلح "الإمارة" على الدولة، ليس له أي مدلول خارجي كما الحال مع مصطلح "الخلافة"، ما يؤكد أن لا نية توسعية خارجية لدى الحركة.
_ الالتزام بمواصلة تأمين حماية السفارات والبعثات الدبلوماسية، مؤكدا أن ممثلي البعثات الدبلوماسية لم ولن يتعرضوا لأذى.
_ الإشارة إلى عدة أمور ستلتزم الحركة بها داخلياً:
1) إفساح المجال أمام حضور نشط للمرأة الأفغانية، والتأكيد على أن حقوقها ستكون محفوظة وفق الشريعة الإسلامية، مثل الحق بالعمل والتعلم..
2) عدم السماح لأي جهة بإثارة النعرات الإثنية والمذهبية، ومن هذا المنطلق تم تطمين سكان إقليم هرات بعدم التعرض لهم خلال إحيائهم المناسبات الدينية.
_ السماح لوسائل الإعلام العالمية بالعمل في ضوء الإطار الثقافي.
_الطلب من المجتمع الدولي "المساعدة"، عبر الاستثمار والدعم المادي في البلاد كي تتمكن من الحصول على دخل إضافي.
فماذا عن العلاقة مع إيران
منذ أن قام رئيس أمريكا السابق "دونالد ترامب" بتوقيع اتفاق مع طالبان، حول الانسحاب من أفغانستان، توقع الكثيرون أن هذا الانسحاب وما سيتبعه من عودة للحركة على الساحة الأفغانية، سيشكل تحديا استراتيجيا كبيرا للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
لكن مصادر خاصة بالخنادق كشفت عن عدة معطيات ومعلومات، تثبت أن العلاقة بين إيران وحركة طالبان بالإضافة إلى مختلف الدول المجاورة، ستكون ضمن إطار التعاون والتفاهم والاحترام المتبادل، بما يضمن حقوق كافة الدول، وتوجيه الضربة لمخططات أمريكا في العبث بأمن هذه المنطقة.
أما أهم المعطيات:
_ تم توقيع اتفاقية أمنية بين إيران وحركة طالبان، تتعهد فيها الأخيرة بحماية الحدود مع إيران، ومنع انطلاق أي تهديد منها (خصوصاً من التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش).
وللحركة علاقة رسمية مع طهران منذ مدة، تخللها العديد من الزيارات والمشاركة في المبادرات الإيرانية لإجراء الحوار الافغاني الداخلي على أراضيها. مع الإشارة إلى أن بناء هذه العلاقة قد تم، منذ ان استقبلت إيران سابقاً 10 آلاف عائلة لمسؤولي الحركة، خلال الحرب الامريكية على بلادهم عام 2001.
_ استقدمت أمريكا 300 عنصر من داعش، وأسكنتهم منطقة "جلال آباد" القريبة من الحدود مع باكستان، في مسعى من واشنطن لتأسيس بؤرة إرهابية في هذه المنطقة الاستراتيجية، إلا أن حركة طالبان قامت بطردهم منها، وأفشلت المخطط الأمريكي.
_ تعمل الدول الأربعة: الصين، روسيا، إيران، وباكستان، على إعادة الاستقرار لهذا البلد بأسرع وقت..
الكاتب: غرفة التحرير