بعد فشلها في تحقيق الانتصار في معركة "سيف القدس"، تبذل "إسرائيل" جهودًا حثيثة في محاولة لإخضاع قطاع غزة، فما لم تستطع إنجازه بالعسكر تسعى لتحصل عليه من خلال المس بالقضايا الإنسانية. ومنذ انتهاء الحرب الأخيرة، تقطع سلطات الاحتلال مقوم الحياة الأساسي "المياه" عن قطاع غزة بشكل متواصل.
وفي هذا السياق كشفت صحيفة هآرتس في افتتاحيتها أن المياه التي يتزود بها قطاع غزة في الشهرين الأخيرين تصل بكميات قليلة جدا عما كانت عليه سابقًا إضافة إلى كونها أكثر تلوثًا ما قد يؤدي إلى خطر ارتفاع الإصابة بالأمراض المعدية. ودعت الصحيفة إلى "إعطاء أولوية عليا لدخول سريع لقطع الغيار المطلوبة لترميم وصيانة شبكة المياه والصرف الصحي".
النص المترجم:
المياه التي يتزود بها مليونا شخص في قطاع غزة في الشهرين الأخيرين تصل بكميات أقل مما كانت عليه قبل حرب أيار. وهي مالحة وأكثر تلوثاً من العادة. الصيف في ذروته والناس مضطرون إلى التقليل من شرب المياه ومن الاستحمام. أيضاً ارتفع خطر الإصابة بالأمراض المعدية. كما أن ربع الناس غير قادر على شراء مياه معدنية.
سبب هذا الوضع الكارثي واضح للعيان: السلطات في القطاع غير قادرة على إصلاح الأضرار التي تسبب بها قصف شبكات المياه والصرف الصحي، بسبب وزارة الدفاع ومَن يقف على رأسها، بني غانتس الذي منع دخول قطع غيار ومواد بناء ضرورية لهذه التصليحات. "السقف الإنساني" الذي حددته إسرائيل يشمل في الأساس مواد غذائية وأدوية. الأنابيب والمضخات والصمامات وألواح التحكم ومواد تغليف الأنابيب وآلاف التفاصيل الأخرى غير مشمولة. هذا هو السبب الذي يجعل مديرية المياه في مدن ساحل غزة غير قادرة على تنفيذ أعمال الصيانة العادية الضرورية للبنية التحتية للمياه.
منذ عشرات الأعوام كان هناك ضخ كبير للمياه من الآبار الجوفية في قطاع غزة بسبب الزيادة السكانية. أكثر من 95% من مياه هذه الآبار غير صالح للشرب. والحل المنطقي لأزمة المياه الدائمة في القطاع اليوم هو أن تقدم إسرائيل كميات أكبر من المياه التي تبيعها اليوم لغزة (نحو 10% من الكميات المطلوبة)، ولو كتعويض جزئي عن المياه التي تستخرجها من الآبار في منطقة الضفة، والتي يذهب معظمها إلى مواطنين إسرائيليين، بينما يعاني الفلسطينيون جرّاء أزمة مياه دائمة. هذا غير مطروح على جدول الأعمال. لذا، توظف السلطة الفلسطينية بمساعدة المجتمع الدولي أموالاً من أجل إقامة منشآت لتعقيم المياه وأُخرى لتحلية مياه البحر. لكن هذه المنشآت أُصيبت بأعطال كبيرة بسبب النقص في قطع الغيار والمواد الخام، وتوقفت أعمال توسيعها وتحسينها.
هذا الأسبوع أعلنت وزارة الدفاع تسهيلات في إدخال منتوجات متعددة إلى القطاع، لكن المقصود عملية بيروقراطية مستمرة. يتعين على الوزارة إعطاء أولوية عليا لدخول سريع لقطع الغيار المطلوبة لترميم وصيانة شبكة المياه والصرف الصحي. وكما قال نائب مدير مديرية المياه في القطاع ماهر النجار لـ "هآرتس" "لا شيء أكثر إنسانية من التزود بمياه صالحة للشرب".
المصدر: صحيفة هآرتس