يستعرض هذا المقال الذي نشره موقع زمان إسرائيل وترجمه موقع الخنادق الإلكتروني، واحدةً من أخطر الأزمات التي يعاني منها جيش الاحتلال الإسرائيلي، والتي لم يستطع أن يجد لها أي حلً وهي أزمة تجنيد الحريديم.
فبعد مرور ما يقرب من سنة على حكم المحكمة العليا بأن على جيش الاحتلال الإسرائيلي تجنيد جميع الحريديم في سن الخدمة العسكرية، فإن الأرقام التي يقدمها الجيش تزداد سوءا مع كل اجتماع لما يُسمى لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في الكنيست الإسرائيلية.
النص المترجم:
سواء كانت هناك حرب أو لا، قانون أو لا، عقوبات أو لا، اعتقالات للمتخلفين عن الخدمة في المطار أو لا – الحريديم لا يتجندون.
في كل نقاش في لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست تُعرض معطيات محبطة أكثر فأكثر. فقد أفاد المقدم أفيغدور ديكشتاين، رئيس فرع الحريديم في الجيش، في جلسة اللجنة يوم الأربعاء الماضي أن من أصل 18,915 أمر استدعاء للتجنيد أُصدر للحريديم، لم يتم تجنيد سوى 232 فعليًا – من بينهم 57 فقط في وظائف قتالية. وسيكون من المثير أن نعرف كم منهم أُدمج بنجاح وأكمل الخدمة العسكرية.
وقال ديكشتاين بيأس خلال النقاش:
"حتى الآن، العقوبة الأهم هي الاعتقال في مطار بن غوريون. لا توجد عقوبة أخرى. بالإمكان تنفيذ اعتقالات، لكن هذا ليس فعالًا في النهاية. هل الشاب الذي سأعتقله وأدخله إلى سيارة الشرطة سيتجند في النهاية؟".
من حضر الجلسة شعر أن الجيش أيضًا يرفع يديه مستسلماً.
وأضاف ديكشتاين: "عدد الحريديم المجندين حاليًا يبلغ 1,721، وقد وضعنا لأنفسنا هدفًا بـ4,800 ولن نصل إليه. هناك اتجاه تصاعدي، لكنه غير كافٍ ولا يلبي الحاجة العملياتية الكبيرة جدًا".
السؤال الآن هو: ماذا سيحدث من الآن فصاعدًا؟
الوضع أصبح عبثيًا: الحريديم لا يتجندون رغم أن القانون يُلزمهم بالحضور إلى مراكز التجنيد، بل ويكافحون من أجل قانون يمنح الغالبية الساحقة منهم شرعية للبقاء في منازلهم بينما إخوتهم يقاتلون في الجبهة.
ما يشغل الشارع الحريدي حاليًا هو الاعتقالات في مطار بن غوريون لبعض عشرات المتخلفين عن الخدمة. يريدون إيقاف هذه الاعتقالات أيضًا، وكل من يُعتقل يُعتبر بطلًا ويتلقى دعمًا قانونيًا متواصلًا. ومع ذلك، الأعداد ليست كبيرة.
قال ديكشتاين في لجنة الخارجية والأمن:
"منذ كانون الثاني / يناير 2025، تم تنفيذ 340 عملية اعتقال للمتخلفين عن الخدمة في مطار بن غوريون – 18 عند الدخول إلى البلاد و322 عند الخروج، ومن بينهم تم منع 100 شخص من مغادرة البلاد، ونحو نصفهم حريديم".
في هذه الأثناء، لا يتنازل الحاخامات، وكثير منهم يصعّدون في التصريحات والتهديدات.
وبحسبهم، إذا لم يُمرر قانون الإعفاء من التجنيد قبل عيد الأسابيع (شفوعوت)، فسيسقطون الحكومة.
الوضع متوتر. كبار الحاخامات من مختلف الأحزاب، من "عظماء التوراة" و"حكماء التوراة"، يزورون بعضهم البعض، يطلبون توحيد الهدف، ويكثرون من الخطب المتشددة ضد أي إمكانية للتجنيد، حتى لأولئك الذين لا يدرسون في المعاهد الدينية. يريدون أرقامًا دنيا، نسبًا مئوية وأجزاء مئوية كما هو الحال اليوم.
الحراك الحريدي المكثف يأتي أيضًا من منطلق التقدير بأن الدولة تتجه نحو حسم مع حماس، مما يتطلب تجنيد مئات الآلاف من جنود الاحتياط، وبالتالي فإن الضغط عليهم سيتزايد.
لذلك، يسعون لتشريع قانون الإعفاء من الخدمة العسكرية بأسرع وقت، دون أي عقوبات، ولا يتوقفون عن الهجوم على رئيس لجنة الخارجية والأمن، يولي إدلشتاين، الذي لا يزال يتعهد بمنع قانون لا معنى له.
بالإضافة لذلك، بدأت تُسمع أصوات داخل جلسة كتلة "يهدوت هتوراه" يوم الأربعاء الماضي تطالب بوقف الحرب، خلافًا لموقف رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.
الحريديم لا يتدخلون عادة في الأمور الأمنية، لكن هذه المرة هناك نوع من التهديد لرئيس الحكومة الذي يختلف موقفه.
نتنياهو حتى الآن نجح في كسب الوقت وفصل التصويت على الميزانية عن قانون التجنيد.
الإنذار الذي أطلقه قادة الحريديم بأنهم سينسحبون من الحكومة قبل عيد الأسابيع غير واقعي سياسيًا، ورئيس الحكومة يعلم ذلك.
لا داعي للتعامل مع هذه التهديدات كأنها جدية: لا حريدي واحد يريد إسقاط الحكومة لصالح حكومة مركز-يسار بقيادة يائير لابيد وأفيغدور ليبرمان.
ولنفترض أن الحريديم انسحبوا من الحكومة وطلبوا مع المعارضة إسقاطها عبر اقتراح حجب ثقة بنّاء – على من سيوقعون كمرشح بديل؟ يتسحاق غولدكنوبف؟ مئير بروش؟ يائير لابيد؟ يائير غولان؟
وعلى أي حال، حتى لو انسحبت "يهدوت هتوراه"، فالحكومة لا تزال تعتمد على 61 نائبًا. السؤال هو: ماذا ستفعل "شاس" في هذه الحالة؟
في جميع الأحوال، لا تزال هناك خلافات بين "أغودات يسرائيل" و"ديغل هتوراه" بشأن جدوى هذه الخطوات، وليس من المؤكد أنه سيتم حسمها قبل عيد الأسابيع.
خلاصة القول: لقد تم بالفعل إقرار ميزانية 2025، كما ذكرنا، وتم استبعاد التهديد الحريدي الحقيقي. لا جدوى من التعامل مع كل تهديد بسلاح بلا رصاص، حتى لو بدا الأمر عاجلاً ودراماتيكياً.
المصدر: زمان إسرائيل
الكاتب: غرفة التحرير