لا يترك النظام الملكي الأردني أي فرصة، حتى يُثبت ولائه للكيان المؤقت الإسرائيلي، وحرصه على حمايتها. وهذا ما يحصل مؤخراً بما يتعلق بإعلان قرار حظر جماعة الإخوان المسلمين من جديد في البلاد، تحت ذرائع "داخلية"، فيما الحقيقة هي لمنع قيام أي عمل مقاوم يشكّل تهديداً لإسرائيل.
فكما كان متوقّعاً، أعلن وزير الداخلية الأردني، بالأمس (الأربعاء 23/04/2025)، حظر جميع نشاطات جماعة الإخوان المسلمين في المملكة (التي تم حظرها أصلاً في العام 2020)، وإغلاق مقارها ومصادرة ممتلكاتها ومنع التعامل معها أو نشر ما يصدر عنها وكافة واجهاتها وأذرعها. ولم يُعرف ما إذا كان هذا القرار يشمل ذراع جماعة الإخوان السياسية، أي حزب "جبهة العمل الإسلامي". وخلال إعلانه القرار، قال الوزير مازن الفراية، إنه تقرّر "اعتبار أي نشاط (تقوم به الجماعة) مخالفاً لأحكام القانون ويوجب المساءلة القانونية"، مضيفاً بأنه سيتم "إغلاق أي مكاتب أو مقار تُستخدم من قبلها حتى لو كانت بالتشارك مع أي جهات أخرى"، وأنه سيتم "تسريع عمل لجنة الحلّ المكلّفة بمصادرة ممتلكاتها وفقاً للأحكام القضائية ذات العلاقة، وحظر الترويج لأفكارها تحت طائلة المساءلة القانونية، واعتبار الانتساب اليها أمراً محظوراً".
أما سبب هذا القرار، فقد صرح الفراية بأنه بعدما "ثبت قيام عناصر ما يسمّى بجماعة الإخوان المسلمين المنحلة (...) بالعمل في الظلام والقيام بنشاطات من شأنها زعزعة الاستقرار والعبث بالأمن والوحدة الوطنية والإخلال بمنظومة الأمن والنظام العام"، متابعاً أن "ما تمّ كشفه من متفجرات وأسلحة كانت تتحرك بين المدن الأردنية وتُخزّن داخل الأحياء السكنية والقيام بعمليات تصنيع وإخفاء صواريخ في ضواحي العاصمة وبعمليات تدريب وتجنيد في الداخل والخارج، لا يمكن لأي دولة أن تقبله".
أما الخلفية الأساسية لهذا القرار، فالفراية ورئيسه وملكه يعلمون، بأن الشعب الأردني ضاق صدره بما يرتكبه كيان الاحتلال الإسرائيلي من جرائم وحشية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وفي الضفة الغربية. لذا يبادر الشباب الأردني الى استخدام أي وسيلة تساند المقاومة الفلسطينية، بعيداً عن مواقف الاستنكار والاستهجان العربية الرسمية، التي باتت مثالاً للسخرية السياسية. وما ذريعة "زعزعة الاستقرار والعبث بالأمن والوحدة الوطنية والإخلال بمنظومة الأمن والنظام العام"، إلا شمّاعة يُخفي من خلالها نظام عبد الله الثاني قراره الحقيقي والتاريخي بحماية إسرائيل على جبهتها الغربية.
وتأتي هذه الخطوة بعد أيام من إعلان السلطات الأردنية اعتقال 16 شخصاً، على خلفية مزاعم حول خطط لاستهداف أمن المملكة، تشمل: تصنيع صواريخ، وحيازة مواد متفجرة، وتطوير مشروع لصنع طائرات مسيرة، وتجنيد وتدريب أشخاص بـ "شكل غير مشروع". وأذاعت السلطات الأردنية بأن بعض هؤلاء الأفراد تلقوا التدريبات في لبنان، وهذا ما دفع برئيس الجمهورية اللبنانية جوزاف عون ورئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام الى إصدار بيانات استنكار، والإيعاز الى الأجهزة الأمنية متابعة التحقيقات، والمشاركة مع السلطات الأردنية في اعتقال الأشخاص الموجودين في لبنان.
الشعب الأردني: من أول الجهات العربية المساندة لفلسطين
وفي سياق متّصل بالقضية، لا بد الإشادة والتذكير بأن الشعب الأردني كان من أول الجهات العربية التي لبّت نداءات المقاومة الفلسطينية، فقدموا الدعم المعنوي والجماهيري، وقاموا بتحرّكات تخطّت التضامن الكلامي إلى الإسناد الفعلي، من خلال عمليتَين نوعيتين عابرتَين للحدود نفذّهما أردنيان ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي ومستوطنيه. فضلاً عمّا رُصد من محاولات تسلّل متكررة ومساعٍ لإيصال السلاح إلى الضفة الغربية المحتلة. ولعل الأمر الأخير هو حقيقة هدف هذه المجموعة، وهذا ما يكشفه بيان حركة المقاومة الإسلامية حماس حول هذا الموضوع والذي جاء فيه: "أعمال الشباب الأردنيين المعتقلين بتهم تصنيع صواريخ ومسيرات، إنما جاءت بدافع النصرة لفلسطين، ورفض حرب الإبادة المتواصلة على غزّة، والدفاع عن القدس والمسجد الأقصى المبارك، دون أن تستهدف بأي حال من الأحوال أمن الأردن أو استقراره. لذلك طالبت حماس السلطات الأردنية بتقدير "الدوافع الوطنية المشرفة للمعتقلين، ومعالجة هذا الملف بروح من الحكمة والمسؤولية القومية، بما يعزّز العلاقة التاريخية الراسخة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، في مواجهة العدو الصهيوني ومخططاته".
فهل ستتجاوب السلطات الأردنية مع رغبات شعبها، أم أن عبد الله الثاني سيبقى خادماً أميناً لحماته في تل أبيب وواشنطن؟!