أعلن رئيس شركة رافائيل للصناعات العسكرية الإسرائيلية مؤخراً، أنهم يعملون على دمج الليزر في القبة الحديدية، وأن النظام سيقرر تلقائيًا متى سيتم الاعتراض بالليزر. زاعماً بأنه حينها ستنقلب المعادلة وستكون تكلفة صواريخ حزب الله وحماس أغلى من تكلفة دفاعات الكيان المؤقت.
ومنذ ما بعد حرب تموز عام 2006 بالتحديد، سعى الكيان المؤقت دائماً، الى إيجاد حلٍ عسكري ناجع، لاعتراض صواريخ حركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية، بعدما استطاعت أن تهدّد خاصرته الرخوة وهي الجبهة الداخلية. ولذلك شرع الى ابتكار وتطوير منظومات دفاع جوي، مثل منظومة القبة الحديدية، التي برغم ارتفاع تكاليف صناعتها وابتكارها وتطويرها، أظهرت ثغرات عديدة وجسيمة، كان أكثرها في حروب غزة عام 2008 و2012 و2014 و2021، وصولاً الى معركة طوفان الأقصى.
هذه الثغرات دفعت بالكيان، الى التفتيش عن حل لها، فتوصل علمائهم الى فكرة تصنيع نظام اعتراض يعمل بأشعة الليزر، الذي على ما يبدو لن يستطيع تحقيق ما هو مطلوب منه بشكل كامل، بل ربما يلجأ كيان الاحلال الى استخدامه كنظام مساند.
وبالتأكيد سيكون الحكم الفيصل هو التجربة العملية في ساحة المعركة، لا سيما وأن حركات المقاومة استطاعت ابتكار حلول تتخطى العقبات دائماً ما، في إطار "صراع العقول" مع إسرائيل.
وحول هذا الموضوع، أعدّ الباحث في معهد دراسات الأمن القومي "جوشوا كاليسكي" في العام 2022، مقالاً استعرض فيه أنواع هذه المنظومات وخصائصها، تحت عنوان: "تطبيقات الليزر القوية في ساحة المعركة المستقبلية"، كاشفاً فيه بأن مشروع تطوير أنظمة الليزر الكيميائي الإسرائيلي Nautilus ، قد تم اغلاقه في عام 2011، لأسباب اقتصادية وضعف تقييم الأداء. مستخلصاً بأن أي سلاح ليزر سيكون له قيود تشغيل ونطاق محدود.
فما هي أبرز العوائق التشغيلية لهكذا سلاح المعروف بمنظومة الشعاع الحديدي؟
1)المدى التشغيلي القصير: تم تصميم هذه المنظومة لاعتراض التهديدات مثل الصواريخ وقذائف الهاون والطائرات بدون طيار، في مدى لا يتجاوز الـ 10 كيلومتر.
2)الفشل أمام الإغراق الصاروخي: في ظل ترسانات حزب الله وحماس الصاروخية الكبيرة، يمكن أن يؤدي الهجوم المكثف بعدد كبير من الصواريخ التي يتم إطلاقها في وقت واحد إلى إغراق حتى نظام متقدم للغاية كهذا النظام.
كما إن تنوع التهديدات، للصواريخ والطائرات دون طيار، من حيث السرعة والحجم والمسار، سيزيد من إرباك هذه الأنظمة، ويعقد عليها مهامها. فتكنولوجيا الليزر الحالية، بما فيها الشعاع الحديدي، لا تستطيع بعد أن تحافظ على الاشتباك السريع والمستمر المطلوب لمواجهة مثل هذه القوة النارية الساحقة.
3)قيود الطقس: تتأثر أنظمة الليزر بالظروف الجوية. بحيث يمكن للغبار أو المطر أو السحب أن تقلل من فعاليتها، مما يجعلها أقل موثوقية في سيناريوهات معينة.
4)الافتقار إلى النشر الكامل: لا يزال الشعاع الحديدي والأنظمة المماثلة قيد التطوير ولم يتم دمجها بالكامل في بنية الدفاع الجوي الإسرائيلية. لذا فإن هكذا فجوة ستُجبر إسرائيل على استخدام أنظمة أقدم وأكثر تكلفة مثل القبة الحديدية.
5)الإفراط في الاعتماد على التكنولوجيا المتطورة: إن تركيز الكيان على التكنولوجيات المستقبلية مثل الليزر، التي لا تزال متأثرة بقيود الطقس والمدى والكثافة النارية المعادية، يحول الموارد المالية عن باقي المنظومات الاعتراضية الأخرى، وهو ما سينعكس بشدة على سلاسل التوريد الخاصة بها.
الشركات العسكرية الإسرائيلية: من الخاسرين مستقبلاً
وعليه، وبالعودة الى تصريحات رؤساء الشركات العسكرية الإسرائيلية بالإعلان بشكل مكثف عن إمكانات الليزر، وخلق توقعات بأن هذه الأنظمة من شأنها أن تقلل بشكل كبير من معدلات اختراق الصواريخ، سيؤدي حتماً في المستقبل وعند حصول أي فشل ميداني لهذه المنظومات، الى نكسة كبيرة في تلبية هذه التوقعات، ما من شأنه أن يؤدي إلى تآكل ثقة المستوطنين وتشجيع حركات المقاومة أكثر فأكثر. فحركات المقاومة اثبتت طوال فترات الصراع قدراتها الكبيرة على التكيف مع التحديات التي تواجهها والتفوق عليها. لذا فمن المرجح لها ايضاً في هذا الصعيد، ان تتمكن من استغلال قيود أنظمة الاعتراض بالليزر الحالية والمستقبلية، واختراع تكتيكات وأساليب تتفوق على هذه المنظومات، أو أقله تتجاوزها.