تتعاظم قوّة الصين الاقتصادية لتشكّل خطرًا كبيرًا على الولايات المتحدة الأمريكية التي تملك "أكبر اقتصاد في العالم"، حسب تصنيف البنك الدولي. وبعد توقّع الأخير، أنّ الصين ستصبح الاقتصاد الأضخم بين عامي 2020 و2030، تتوضّح أسباب تدهور العلاقات بين البلدين، والحرب الباردة التي تمارسها أمريكا ضدّ الصين، فتستغلّ الولايات المتحدّة أيّ حدثٍ لتفرض عقوباتٍ على الشركات الصينية.
ومؤخرًا، استغلت واشنطن فيروس كورونا لتهدّد الصين - حسب مستشار الرئيس الأمريكي للأمن القومي جيك سوليفان- بالـ "عزلة الدولية" إن لم تكشف عن مصدر الفيروس، وإن لم "تسمح للمحققين بإجراء عمل حقيقي". بدوره، ردّ المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، "تشاو ليجيان" معتبرًا هذه الـ "مزاعم" "تهديد وابتزاز".
ووفق تطوّر الأحداث، تتجه العلاقات بين البلدين من السيء نحو الأسوأ، فقد عبّر عنها المستشار سوليفان وكبير مستشاري الرئيس الأمريكي للشؤون الآسيوية كورت كامبيل، في مقال نشرته مجلة "فورين أفيرز"، بأنّ "حقبة التواصل مع الصين وصلت إلى نهايتها".
منذ عام 2007، يميل ميزان التجارة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين لصالح الأخيرة، فتظهر الأرقام التفاوت الكبير بين الصادرات الصينية إلى أمريكا التي بلغت 321 مليار دولار عام 2007، والصادرات الأمريكية إلى الصين التي بلغت في العام نفسه 63 مليار دولار، ما يعني أنّ الصادرات الصينية تشكّل حوالي خمسة أضعاف الأميركية منها.
وتشير الأرقام في الإنفوغراف المرفق، إلى أنّ التفاوت في حجم الصادرات مستمّرٌ، ففي العام 2018 وصلت الصادرات الصينية إلى 540 مليار مقابل 120 مليار فقط للصادرات الأمريكية.
وفي سياق التضييق الاقتصادي على الصين، اعتمدت واشنطن سياسة رفع الرسوم الجمركية على السلع الصينية المستوردة، بنسبةٍ تتراوح بين 10 و25%.
أما أبرز السلع التي تستوردها الولايات المتحدة من الصين هي:
-آلات وأجهزة كهربائية.
- أثاث وملابس.
-مركبات آلية وقطع غيار.
-منتجات حديدية وفولاذية.
-بلاستيك.
-سلع جلدية.
-مواد كيمائية عضوية.
وإلى جانب تصاعد مؤشرات النموّ في الاقتصاد الصيني، يثبت تفاوت الصادرات بين البلدين صحة رؤية البنك الدولي، بأنّ الصين تتجّه لتصبح صاحبة الاقتصاد الأضخم في العالم.
يسيطر الأمريكيون منذ سنين، على أسواق الاتصالات العالمية والمعلوماتية والتكنولوجيا (أي الإنترنت والبرمجيات)، لذا يصعب عليهم الآن، تقبّل أيّ منافس قد يضاهيهم تكنولوجيًا، لذلك تسعى الولايات المتحدّة الأمريكية جاهدةً للحدّ من التطور التكنولوجي الصيني، فتفرض عقوبات على شركاتٍ صينية، كشركة هواوي بـ "حجة" التجسس أو تهديد الأمن القومي.
وفي هذا السياق أضافت وزارة التجارة الأمريكية على قائمة الكيانات الصينية المحظور تصدير المنتجات إليها، عددًا جديدًا من الشركات الصينية التي تعمل في مجال الصناعات الإلكترونية وأجهزة الكمبيوتر فائقة القوة، وتشترط الوزارة "الحصول على ترخيص من الحكومة الأمريكية"، لكل جهة تريد التعامل مع هذه الشركات.
واللافت أنّ واشنطن تبرّر منع التعامل مع الشركات التكنولوجية الصينية، بأنها "تمثل تهديدًا للأمن القومي الأمريكي أو تهديداً لمصالح السياسة الخارجية للولايات المتحدة".
كما تعتبر أن هذه الشركات تساهم في تطوير قدرات الجيش الصيني، أو في تطوير أسلحة الدمار الشامل، فتؤكّد وزارة التجارة الأمريكية أنها "ستستخدم كل صلاحياتها لمنع الصين من استغلال التكنولوجيا الأمريكية للتحديث العسكري".
فرضت أمريكا عقوبات على شركة "هواوي" للهواتف الذكية، ما أدى لمنع شركة غوغل عنها بعض الخدمات، مثل حجب تطبيق تحديث البرامج "Google Play Store" عن هواتفها، فلم يعد مستخدمو هذه الهواتف قادرين على تنزيل أو تحديث أي تطبيق بسهولة.
وبالفعل تراجعت شركة التكنولوجيا الصينية في العام الماضي، فتراجعت على صعيد نسبة المبيعات، إلى المرتبة الثالثة بين الشركات العالمية المصنعة للهواتف الذكية: سامسونغ وآبل. وبحسب تقرير لصحيفة "نيكي آسيان ريفيو"، فإن هواوي أخطرت مورديها بأن طلبات مكونات الهواتف الذكية الخاصة بها، ستنخفض هذا العام أكثر من 60%، مع استمرار تأثير العقوبات الأمريكية.
لكن الجدير بالذكر أنّ شركة "هواوي" رغم كل هذه الضغوطات، تستمرّ في تطوير إمكاناتها لكي تستعيد مكانتها.
وردًّا على منع مستخدمي هواتف "هواوي" من استخدام محرك البحث "غوغل" أيضًا، أطلقت الشركة مطلع هذا العام، محرك بحث جديد يعمل على كلّ الأجهزة المحمولة، ويحمل اسم "Petal Search"، وهدفه الأوّل منافسة شركة غوغل التي تحتكر نحو 97% من عمليات البحث في أوروبا.
شاركونا تجربتكم، إن كُنتم من مستخدمي هواتف "هواوي"، وما هي أبرز المشاكل التي تواجهونها؟
الكاتب: غرفة التحرير