"لم تتأثر قوة الرضوان ولا تزال تشكل تحدياً وخطراً واضحاً وفورياً في سياق أي غزو لأراضي إسرائيل" هذا ما خلص إليه الكاتب الاسرائيلي ليئور بن_آري في مقال له على صحيفة يديعوت احرنوت، ترجمه موقع "الخنادق". ويرجع الكاتب الأسباب الى التدريب عالي الكفاءة والخبرة في سوريا التي تعززان من قدرات الرضوان الهجومية، بالإضافة إلى العمل تحت قيادة، على الرغم من اغتيال بعض قادتها. موضحاً في سياق حديثة عن تقييم قدرات حزب الله الى أن "تقديراتنا بأن حزب الله يمتلك 250 ألف صاروخ، ومن بينها آلاف الصواريخ الدقيقة". واشار المقال الى ما قاله مدير قسم الابحاث في مركز "ألما" الاسرائيلي "بأن الحرب مح حزب الله ستكون خلال سنة 2026".
النص المترجم للمقال
عمليات الاختيار الصعبة، التدريب تحت إشراف الكوماندوس الإيراني، والخطة الرئيسية التي دخلت في تجميد جزئي. لأكثر من 7 أشهر، يحاول مقاتلو "قوة الرضوان" استهداف الدفاعات الإسرائيلي، ومع ان العمليات الإسرائيلية في لبنان أضرّت بوحدة الكوماندوس التابعة لحزب الله، لكنها لا تزال تمتلك قدرات "غزو الأراضي الإسرائيلية".
آلاف المقاتلين المدّربين، والأسلحة المتقدمة والتدريبات المستمرة: كانت خطة الغزو الواسع النطاق لإسرائيل هي الخطة الرئيسية التي أسست من أجلها "قوة الرضوان" التابعة لحزب الله. إلا أن الهجوم المفاجئ لحماس وتبادل إطلاق النار المستمر في الشمال غيّرت بعض الخطط، فيما الهدف بقي كما هو، وكذلك التهديد.
لمحة عن وحدة النخبة على الحدود الشمالية
تأسست وحدة النخبة التابعة لحزب الله من قبل مسؤول الجناح العسكري والرقم الثاني في المنظمة، عماد مغنية، وسمّيت في البداية "قوات التدخل السريع". كانت المهمة المحددة لهؤلاء المقاتلين منذ اللحظة الأولى هي الاستعداد لغزو واسع النطاق لإسرائيل واحتلال المستوطنات في الجليل.
شاركت "قوة الرضوان" في العديد من الحوادث على الحدود الشمالية، بما في ذلك اختطاف الجنديين إيهود غولدفاسر و إلداد ريغيف في عام 2006، وهي عملية الأسر التي أدًت إلى اندلاع حرب لبنان الثانية.
في عام 2008، تم اغتيال مغنية في انفجار غامض في دمشق. وفقًا لتقارير أجنبية، كانت هذه عملية مشتركة بين الموساد وCIA الأمريكي. بعد الاغتيال، خضعت الوحدة لتغييرات هيكلية وتم تغيير اسمها. بدلاً من اسمها الأصلي، تبنت الوحدة لقب مغنية "الحاج رضوان".
لم يتسبب اغتيال مغنية في التقليل من شأن حزب الله، بل على العكس من ذلك. بعد فترة وجيزة على عملية الاغتيال، صرح الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، قائلا: "دماء مغنية ستمحو إسرائيل من الوجود، وإخوانه سيواصلون طريقهم ويجعلون العدو يدرك أنه ارتكب خطءً فادحاً. منذ عام 2006 بدأنا التحضير ليوم آخر، يوم نعرف فيه أن إسرائيل، بطابعها العدواني، ستهاجم لبنان وتبدأ حرباً في المنطقة".
ووفقاً لتقارير مختلفة، فإن قائد الوحدة هو علي الطبطبائي. وقد حاولت إسرائيل اغتياله في عام 2005 من خلال مهاجمة آليتين في منطقة القنيطرة في سوريا حسب وسائل إعلام أجنبية.
القبول للانتساب الى قوة الرضوان ليس سهلاً، ويتضمن العديد من التدريبات والاختبارات الخاصة، وبالطبع، السرية المطلقة. ووفقاً للتقارير، يتم تدريب المقاتلين الذين يتم قبولهم في لبنان والخارج على الأسلحة والأدوات التي لا يعرفها باقي عناصر التنظيم، ولا يتمتعون بالخبرة في استخدامها. ووفقاً لمركز الأبحاث الإسرائيلي للتحديات الأمنية "ألما"، يشارك أيضاً أفراد من وحدة الكوماندوس "صابرين" التابعة للحرس الثوري الإيراني في تدريب المقاتلين الجدد.
برنامج التدريب
يتضمن التدريب الذي يتم بعد الاختيار الأولي، تدريبات على القناصة، وإطلاق القذائف المضادة للدبابات، والقتال من مسافات قريبة (الاشتباك)، والتدريب على المتفجرات، والقيادة العملياتية. بالإضافة إلى ذلك، تجرى تدريبات خاصة مثل الأسر، التي تُعِد المقاتلين الجدد لكيفية التصرف إذا وقعوا في أسر العدو. يتعلم المقاتلون أيضاً تشغيل الطائرات بدون طيار لأغراض جمع المعلومات الاستخبارية، ويتخصصون في مكافحة الإرهاب، وبالطبع يمارسون اللياقة البدنية والجري لمسافات طويلة.
المهام القتالية في سوريا
وبهدف اعتياد المقاتلين على الأنشطة القتالية الطويلة والمتغيرة، تم إرسال أفراد القوة لمساعدة نظام الأسد في الحرب الأهلية في سوريا. شكّلت "قوة الرضوان" قوة قتالية مهمة في المعارك ضد المتمردين، وحقق مقاتلوها انتصارات في المناطق التي قاتلوا فيها. ووفقاً لمركز "ألما"، لا يزال أفراد القوة منتشرين في مناطق مختلفة في سوريا، ويعملون هناك مع المليشيات الموالية لإيران وكذلك مع "قوة القدس" الإيرانية.
الخطة الرئيسية
البرنامج الرئيسي، الذي تدرب عليه عناصر قوة الرضوان، كان مصدر إلهام لهجوم حماس المفاجئ في 7 أكتوبر. ووفقاً للتقارير، فإن وحدات حزب الله الجغرافية مسؤولة عن الضربة الافتتاحية التي ستشمل إطلاق صواريخ وقذائف هاون ضخمة على طول الحدود. كما أنها مسؤولة عن استهداف أجهزة المراقبة عن طريق استخدام القناصة، وطائرات مسيرة متفجرة، والطائرات بدون طيار الانتحارية، والصواريخ المضادة للدبابات.
مرحلة الهجوم
في المرحلة الثانية، يتم إدخال القوات الخاصة حيّز التنفيذ. ووفقا للخطة، التي حللها تل باري - مدير قسم الأبحاث في مركز "ألما"، من المتوقع أن يقتحم عناصر الوحدة الجبهة ويخترقون الحاجز. في المرحلة الثالثة، يفترض أن يعبر النشطاء سيراً على الأقدام وعلى الدراجات النارية على المستوطنات والقواعد القريبة من الحدود.
والمرحلتان التاليتان، بحسب باري، هما احتلال مستوطنات وقواعد قرب الحدود، ومحاولة اختطاف جنود وأخذهم الى داخل الأراضي اللبنانية. بعد ذلك، يخطط عناصر الرضوان لتحصين أنفسهم في المنطقة والاستعداد لهجوم مضاد للجيش الإسرائيلي.
بينما تدّعي إسرائيل أنها دمرت الأنفاق العابرة للسياج التي حفرها حزب الله، يقترح باري مراعاة احتمال وجود أنفاق أخرى من هذا القبيل لم يتم تحديدها. في تحقيق نشر قبل ثلاثة أشهر في صحيفة ليبراسيون الفرنسية، والذي استند إلى تقرير صادر عن معهد العلماء، زعم أن حزب الله أنشأ شبكة من الأنفاق بطول مئات الكيلومترات. ووفقا للصحيفة، بدأ حفر الأنفاق بعد حرب لبنان الثانية وتم تسريعها تحت غطاء "شركات البناء والزراعة المدنية".
وتشير الدلائل التي عثرت عليها بعض معاهد الأبحاث إلى أن حزب الله كان قريباً جداً من إصدار أمر بتنفيذ الخطة في أكتوبر/تشرين الأول 2023. وعلى مقربة من الحدود مع إسرائيل، شوهد أفراد من الوحدات الجغرافية وقوات الكوماندوس التابعة لقوة الرضوان. ولكن بعد ذلك جاء الهجوم المفاجئ من قبل حماس، الذي فاجأ حزب الله أيضاً، فتم تجميد الخطة بشكل مؤقت، وهذا لا يعني أنه تم التخلي عنها، وفقا لباري.
القدرة والتهديد
في الأشهر الأخيرة، يحاول حزب الله باستمرار تقويض القدرات والمعدات التقنية الإسرائيلية على الحدود اللبنانية، وهو ينجح في ذلك. وتشمل مقاطع الفيديو التي تنشرها المنظمة، بشكل شبه يومي، توثيق إطلاق النار على "معدات تجسسية" إسرائيلية. يدّعي الجيش الإسرائيلي أنه لم تتعرض قدراته الدفاعية في الشمال لضرر كبير.
التبادل المستمر لإطلاق النار
ويستمر تبادل إطلاق النار بين الجانبين، ويتفاقم مع تقدم الحرب. وحتى قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، كان هناك العديد من عناصر قوة الرضوان بالقرب من الحدود، وعلى الرغم من التقارير المختلفة حول هذه المسألة، لا يزال معظمهم في المنطقة. ونتيجة لذلك، عانوا أيضاً من العديد من الإصابات، وتم اغتيال ما لا يقل عن تسعة من كبار وحدة الكوماندوس.
اغتيال القادة
من بين القتلى الذين نشر حزب الله أسماءهم: محمد حسين مصطفى شحوري – قائد وحدة الصواريخ والقذائف في القطاع الغربي، علي أحمد حسين – قائد منطقة هجوم راميم، وثلاثة من كبار القادة المختلفين. إلى جانب أحد عناصر القوّة، عباس محمد رعد، نجل العضو في البرلمان اللبناني لحزب الله.
"حتى الآن، لم تتأثر كفاءة "قوة الرضوان" على الرغم من اغتيال جزء من قيادتها"، قال باري في مؤتمر عقده المعهد الأسبوع الماضي. وأضاف "تقييمنا هو أنه بدلاً من مئات الصواريخ والقذائف والأسلحة الدقيقة، فإن حزب الله يمتلك وفق تقديرنا 250 ألف صاروخ، ومن بينها آلاف الصواريخ الدقيقة".
وعلى الرغم من اغتيالات كبار المسؤولين، تشير التقديرات إلى أن قوام قوة الرضوان لم تلحق بها أضرارا، حيث أنها تعمل باستمرار تحت قيادة، ومن أجل الإضرار بقدراتها، لا بد من اتخاذ المزيد من الإجراءات الهامة. وقال باري " لا تزال قوة الرضوان تشكل تحدياً وخطراً واضحاً ومباشراً في سياق أي غزو محتمل للأراضي الإسرائيلية". وأضاف "نعتقد أن قوة الرضوان، إذا أرادت ذلك، يمكنها أن تنفذ عملياً خطة غزو للشمال، والتي ستكون، بقوة من 100-200 عنصر وبمساحة أصغر مما كانت عليه قبل هجوم حماس".
التحذيرات المستقبلية
السبب في أن قوة الرضوان يمكن أن تنفذ خطة محدودة ليس بسبب عائق في قدراتها، ولكن لغياب عنصر المفاجأة، الذي فُقد بعد هجوم حماس المفاجئ. كما أنني (باري) لست متفائلاً بعودة السلام إلى المنطقة" وأضاف حتى لو حاولت الحكومة التوصل إلى اتفاق دبلوماسي فإنها ستؤجل الحرب التي ستندلع بمجرد أن يقرر حزب الله ذلك وبشروطه الخاصة. وأردف "أقدّر ( الحرب)، على أبعد تقدير، ستقع في غضون عامين، حتى نهاية عام 2026".
المصدر: يديعوت أحرنوت
الكاتب: ليئور بن آري