اضطر جيش الاحتلال إلى تغطية إخفاقاته في تحقيق الأهداف في عملياته البرية، فالجيش المعتاد على الحسم السريع وإنجاز المهمات وفق توقيت دقيق، وجد نفسه يغرق يوماً فيوماً في سلسلة كبيرة من الصعوبات والمشاكل، والتي انعكست على معنوياته وعلى أدائه الشامل كمجموعة وكأفراد.
يعرّف تقييم المعركة بأنه تحديد الفعّالية الشاملة لتوظيف القوة خلال العمليات العسكرية. وحيث إن الهدف الكلي من الحروب هو فرض الإرادة على الخصم (العدو) عبر تجريده من وسائل دفاعه و/أو هجومه. فإن ذلك يستلزم معرفة الخصم (العدو) الكلية والجزئية.
معرفة الخصم (العدو) الكلية والجزئية
ويتطلب ذلك دراسة العناصر التالية:
- دراسة تشكيلات وإمكانات الخصم وأساليب قتاله، وقد تبين من خلال قتال أكثر من 100 يوم أن هذا العنصر ضعيف يفتقد كثيراً للمعرفة والدقة.
- دراسة مسرح العمليات وطبيعة الأرض (فوقها وتحتها)، إذا كان الاحتلال قد حقق بعض الإنجازات المتواضعة فوق الأرض، فإنه غارق حتى الآن في تحديد طبيعة مسرح العمليات تحت الأرض، ويتبين ذلك من مقارنة حجم الخسائر التي يتكبدها، فقد أظهرت الإحصائيات أن 23 % من قتلى الاحتلال سقطوا عند محاولاتهم الاقتراب من الأنفاق ليستكشفوا ما تحتها.
- دراسة المعارك المحلية والتاريخية التي تمت على مسرح العمليات، والنتائج والدروس المستفادة من تلك المعارك، وهنا يظهر بوضوح بأن المدرسة العسكرية الإسرائيلية ما زالت تكرر أخطاءها السابقة، بتجاهل خصمها والاستعلاء عليه، وهذا مكمن الأخطاء اليومية المتكررة التي يغرق فيها الاحتلال.
- دراسة أساليب العمل والتصرف في مركز قيادة الخصم في مستويات الحرب الثلاثة، أبدى معظم قادة الاحتلال السياسيين والعسكريين جهلهم بقيادة الخصم ومعرفة تفاصيل بسيطة حتى عن أوضاعهم الصحية، فوجئ العدو بحالة الأخ المجاهد محمد ضيف الصحية بعدما كان طوال 12 عاماً موضوعاً مجهولاً ومغلقاً لكافة أجهزة استخبارات الاحتلال فكيف بطريقة تصرفه وتفكيره، كما أن نفس هذه الأجهزة التي كانت تدّعي أنها تعرف كثيراً عن أسلوب تصرف وطريقة تفكير القائد يحيى السنوار تبين لها وحسب اعترافاتها أنها كانت أمام عملية تضليل فاقت الـ 24 عاماً .
- ويتبع ما سلف دراسة وتحليل قواعد ومبادئ استخدام الخصم لقواته المقاتلة والقوات المعاونة والعناصر الفنية خلال تاريخ ومراحل القتال المختلفة.
- تقييم أنواع وقواعد اشتباك الخصم وخصائصه والأسلحة الكاسرة التي استخدمها أو قد يستخدمها.
بالإضافة إلى ما ورد أعلاه، وقع الاحتلال في فخ عدم موائمة متطلبات المعركة ومركز صنع القرار وهو صاحب الكلمة الفصل في تحديد سقف ما يمكن للعسكريين في الميدان أن ينجزوه، فرغم أن جيش الاحتلال يبدو أنه مطلق اليد في الحرب على غزة إلا أن ذلك غير دقيق. حيث أن الخاتمة ليست بيده بل بيد القيادة السياسية التي تقاتل وتخطط على أساس لا يرتبط بالواقع المطلوب إنجازه من خلال تفعيل القوة العسكرية، بل من خلال رزمة أمنيات تطمح لها القوى المؤثرة في القرار والمالكة له (نتنياهو وعلى جانبه اليمين المتطرف).
المصدر: مركز دراسات غرب آسيا