تنتهي ولاية رئيس أركان جيش الاحتلال الحالي أفيف كوخافي مطلع العام المقبل، وقد دخل كيان الاحتلال في مرحلة اختيار خلفه. يحظى هذا المنصب في الكيان بأهمية كبيرة لناحية دوره المباشر في الحفاظ على استقرار الجيش وتحديد أولوياته وأهدافه لأربع سنوات قادمة.
وفي مقاله في صحيفة "معاريف" العبرية يرى الضابط الإسرائيلي تال ليف رام أن هناك تحديات تنتظر رئيس الأركان المقبل تبدأ من إيران وحزب الله ثمّ بالساحة الفلسطينية وصولاً الى مشاكل داخلية في الجيش. وهي تحديات لا تختلف عن مرحلة كوخافي.
المقال المترجم
في المستقبل القريب، من المتوقع أن يعلن وزير الدفاع بيني غانتس عن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي المقبل بالتنسيق مع رئيس الوزراء يائير لابيد. بعد أن اجتاز غانتس عقبة المستشار القانوني للحكومة غالي بيهاريف ميارا، الذي وافق على تعيين رئيس هيئة الأركان حتى خلال فترة الانتخابات، وبعد موافقة الحكومة على تعيين قاضي المحكمة العليا (المتقاعد) ماني مازوز رئيسًا للهيئة (اللجنة الاستشارية لتعيين كبار المسؤولين) كان على غانتس فقط أن يقرر من بين هاتسي هاليفي وإيال زامير للمنصب.
يبدو أنه في إسرائيل، بالمقارنة مع الجيوش الأخرى في العالم، هناك ميل إلى المبالغة في أهمية دور رئيس الأركان وتأثيره المباشر على قوة واستقرار جيش الدفاع الإسرائيلي. هذا بالفعل أحد أهم المناصب الرئيسية في دولة إسرائيل، والمسؤولية على أكتاف رئيس الأركان كبيرة جدًا، لكن قدرة رئيس الأركان على التأثير وإحداث الثورات من البداية إلى النهاية في غضون أربع سنوات يجب التعامل معها بتواضع.
يتلقى كل رئيس أركان جديد ميراث الشخص الذي حل محله، بعقود موقعة لشراء الأسلحة ووسائل الحرب، وخطط عملياتية بالترتيب في الأوامر والأسلحة. وهو بالتأكيد لا يبدأ من الصفر ولا من بداية الحرب. ولكن من واجبه أن يمرر الشعلة إلى رئيس الأركان الذي سيحل محله بجيش أفضل من الجيش الذي حصل عليه. في بلد مثل إسرائيل، حيث احتياجاته الأمنية كثيرة، يجب على رئيس الأركان أن يقرر الأولويات خلال فترة ولايته، لأنه ببساطة لا يمكن وضع ميزانية لكل شيء. وهذا هو، ما يتم القيام به. ولكن يجب أيضاً – وهو ما لا يقل أهمية - تقييم فترة عمل رئيس الأركان اعتمادًا على عواقب القرارات المتخذة خلال فترة ولايته.
تقدم مواجهة تحدي الحرب الاختبار الحقيقي لنوعية الجيش، ولكن هناك القليل من الحروب، وهو أمر جيد، ومن الصعب استخلاص استنتاجات حول جاهزية الجيش من العمليات المحدودة في يهودا والسامرة، ومثل هذه العمليات في غزة حيث لم يتم تنفيذ مناورة برية خلالها.
إن التحديات التي في إعداد الجيش للحرب القادمة والحفاظ على أمن البلاد من المتوقع هاليفي أو زامير هي نفس التحديات السابقة.
أولها إيران التي توشك أن تبرم اتفاقها النووي؛ مما قد يخفض فرصة الخيار العسكري ضدها، بعد أن استعدت إسرائيل في العامين الماضيين لهجوم مستقبلي على منشآتها النووية، وبات واضحا اليوم أنه ليس لديها حاليا خيار هجوم موثوق به، لكن قائد الجيش في السنوات المقبلة، سيكون مطلوبا منه رفع مستوى جاهزية الجيش للمواجهات العسكرية، وتبادل الضربات مع إيران على خلفية الحرب الصامتة الجارية بالفعل بينهما.
يعتقد الكثيرون في مؤسسة الدفاع أن الاتفاق السيئ أفضل من الوضع الحالي. بالنظر إلى الخبرة التي اكتسبها الإيرانيون في تخصيب اليورانيوم إلى مستويات عالية، فإن التقدم في مجال "مجموعة الأسلحة" يمكن أن يقرب الخط الأحمر بالنسبة لإسرائيل. مهما كان الأمر، فإن التعاون بين الجيش الإسرائيلي والموساد فيما يتعلق بالعمليات السرية والحصول على معلومات استخبارية لغرض فضح نوايا نظام آية الله قد يكون ذا أهمية كبيرة حتى في واقع اتفاقية نووية جديدة بين إيران والقوى.
التحدي الثاني أمام قائد الجيش المقبل، يتمثل بأزمة القوى البشرية في المؤسسة العسكرية، وتحديدا في الرتب الوسطى، المستمرة، والآخذة بالتآكل، وباتت الأزمة محسوسة بشكل جيد، وأسفر عنها أن المكانة والهيبة لدى كبار الضباط، تآكلت بشكل كبير في السنوات الأخيرة، مما يستدعي من الجيش إلى إحداث تغيير كبير.
التحدي الثالث هو حزب الله، أخطر عدو يحتمل الصراع معه، ويوجد احتمال كبير للصراع معه، مع تزايد التوترات الأخيرة حول الجدل حول حدود المياه الاقتصادية مع لبنان، وضخ الغاز من "كاريش". رغم ما شهدته السنوات الأخيرة من انشغال الجيش بتحسين استعداده للصراع في الجبهة الشمالية، من خلال تدريب وحدات النخبة وسلاح الجو وشراء الأسلحة، وعلى الرغم من أن الجيش لديه خطة قادرة على سحق قدرات الحزب العسكرية، ولكن تبقى نقطة الضعف في إمكانية تكرار فشل المستوى السياسي كما حصل في حرب 2006.
التحدي الرابع يتمثل فيما تواجهه القوات الجوية في تآكل حريتها المطلقة التي تمتعت بها في السنوات الماضية، وإمكانية أن تتسبب أنظمة الدفاع الجوي الجديدة لدى الجهات المعادية في تغيير الصورة، ورغم أن مزايا سلاح الجو الإسرائيلي واضحة، لكن في أوقات التوتر، يفكر الجيش مرتين قبل إرسال طائرة بدون طيار إلى بعض الأجواء المجاورة؛ لأن إسقاطها قد يتطلب ردا، مما يعبّد الطريق الى تصعيد لا تريده إسرائيل في بعض الأحيان.
التحدي الخامس يتمثل في الساحة الفلسطينية بشقيها: قطاع غزة وياهودا والسامرة، حيث سعى الجيش في السنوات الأخيرة للتعامل مع التهديدات والتحديات الأكثر أهمية، وعدم التورط في النزاعات على الساحة الفلسطينية، لكنه يجد نفسه مرارا وتكرارا منجذبا إلى ساحة غزة، وقد تحدث الجيش مؤخرا عن إمكانية تحقيق هدوء طويل الأمد، لكنها تبدو أمنيات أكثر من كونها تحليلا ذكيا للوضع القائم، ولذلك فإن قائد الجيش المقبل على قناعة أنه قد يُطلب منه بالفعل في السنة الأولى من منصبه دخول أول اختباراته ضد غزة.
لسنوات كان هناك حديث عن صراعات الخلافة والتوقعات المحتملة على إسرائيل، وقد دُفن أبو مازن مرات لا تحصى، لكن في سن 86 يبدو أن محمود عباس يقترب من نهاية فترة ولايته كرئيس لمجلس إدارة السلطة الفلسطينية، ويمكن رؤية علامات الضيق بشكل رئيسي في مخيمات اللاجئين في جنين ونابلس، حيث تظهر السلطة الافتقار التام للسلطة. نتيجة لذلك، يضطر الجيش الإسرائيلي إلى العمل في أماكن لا يوجد فيها حكم للسلطة، وأصبحت المعارك مع المسلحين أكثر شيوعًا، وبالتالي فإن أجندة الجيش تتأثر بشكل متزايد بما يحدث.
المصدر: معاريف
الكاتب: تال ليف رام