لا شك تطبيع الكيان المؤقت لعلاقاته مع الصومال، تعد من الأولويات لديه خلال المرحلة المقبلة، والتي على ما يبدو فإن الإمارات تلعب دوراً أساسياً في تحقيقها.
فمنذ أيام، أعلنت سلطات كيان الاحتلال إعطاء "الإقامة" لـ 80 صومالياً في فلسطين المحتلة. وفي الشهر الماضي، تحدثت وسائل إعلام عبرية عدّة، عن أن حكومة مقديشو ستجري مشاورات مع اعضاء البرلمان وجهات أخرى، حول مسالة التطبيع مع إسرائيل. وكشفت هيئة البث الرسمية الإسرائيلية "مكان"، أنه بعيد انتخاب حسن شيخ محمود رئيسا للصومال، اجتمع مع مسؤولين اسرائيليين كبار خلال زيارته للإمارات نهاية شهر أيار / مايو الماضي.
وعقب انتخاب حسن شيخ محمود أيضاً، في 15 أيار/مايو، نشرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" تقريراً جاء فيه، أنّ حسن شيخ محمود أجرى زيارة سرية إلى الكيان بصحبة مسؤولين رفيعي المستوى، خلال حزيران / يونيو من العام 2016، إبان فترة رئاسته الأولى، والتقى خلالها برئيس حكومة الاحتلال الأسبق بنيامين نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين آخرين.
أمّا معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، التابع للوبي الصهيوني في أمريكا، فقد أعدّ أحد الباحثين فيه مقالاً في أيار الماضي أيضاً، اعتبر فيه عودة شيخ محمود الذي وصفه بالقائد السابق، ستوفر فرصاً جديدة في الصومال، داعياً الإدارة الأمريكية لأن تَتَشجع من علاقاته مع الإمارات وانفتاحه، لتعزيز ما وصفه ب "مكافحة الإرهاب والتطبيع مع إسرائيل".
فما هي أهمية التطبيع مع الصومال بالنسبة للكيان؟
للإجابة عن هذا السؤال، لا بد لنا أن نعرف أكثر عن أهمية منطقة القرن الأفريقي، التي يحتلّ فيها الصومال الجزء الأكبر.
وتتميز هذه المنطقة بأهميتها الجيوستراتيجية، التي جعلتها محط اهتمام أكثرية الدول الكبرى في العالم والدول الإقليمية وفي مقدمتهم الكيان وذلك للأسباب التالية:
_ هي الجزء الجغرافي من شرق القارة الافريقية الممتد من غرب البحر الأحمر وخليج عدن على شكل قرن، والذي يشمل أربع دول بشكل أساسي: الصومال، جيبوتي، إريتريا، وإثيوبيا. أما مجالها الحيوي لناحية العلاقات السياسية والاقتصادية، فيشمل كلاً من دول كينيا، السودان، جنوب السودان، وأوغندا.
_ تتميز بأهمية موقعها من خلال وجودها على رأس مضيق باب المندب، واشرافها على المحيط الهندي جنوبًا، والبحر الأحمر شمالًا. لذلك تعتبر منطقة استراتيجية وحيوية للتجارة الدولية عبر البحر الأحمر وقناة السويس (لمختلف أنواع السلع، ولموارد الطاقة بشكل رئيسي نسبةً لقربها من منطقة الخليج)، وما يترتب على ذلك من أهمية أمنية وعسكرية أيضاً.
_ أسست إسرائيل وجودا عسكريا وأمنيا لها في هذه المنطقة، كما طورت علاقاتها السياسية مع العديد من الدول مثل إريتريا وأوغندا وجنوب السودان وحتى السودان (الجزء الشمالي منه)، وبذلك لا يتبقى لها سوى الصومال.
_ قد يستخدم الكيان هذه المنطقة وفي مقدمتها الصومال، لمواجهة التهديد الاستراتيجي الجديد عليه من اليمن، أمنياً وربما عسكرياً أيضاً.
_ هشاشة الأوضاع الاقتصادية والسياسية في هذا البلد، يتيح إمكانية الهيمنة والسيطرة عليه.
الكاتب: علي نور الدين