لم يكن العدوان الإسرائيلي على لبنان عام 2006 فقط لـ "تدمير حزب الله عسكرياً بصورة نهائية" حسب ما ورد في خلاصة اجتماع مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين على رأسهم الرئيس الأميركي آنذاك ديك تشيني ورئيس حكومة الاحتلال إيهود أولمرت، بل كان أيضاً اعتداءً على مختلف مكونات البلد ومنها المؤسسات العسكرية والأمنية. اذ استهدف العدوان مواقع الجيش اللبناني على كامل الأراضي اللبنانية، مرتكبًا المجازر لا سيما في فوج الأشغال المستقل في منطقة "الجمهور" (بعبدا) وفي مركزي "وجه الحجر" و"العبدة" التابعين للقوات البحرية شمال لبنان. وقدّم الجيش اللبناني الى جانب المقاومة 50 شهيداً و450 جريحاً خلال 33 يوماً.
على عكس رغبة الولايات المتحدة في أن تضع الجيش اللبناني مقابل حزب الله جاءت نتائج عدوان كيان الاحتلال. اذ تذكر مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD) الأمريكية عن وزارة الخارجية الأمريكية أن "الولايات المتحدة قامت بتمويل وتدريب وتجهيز القوات المسلحة اللبنانية (LAF) لضمان أنها تعمل كقوة موازنة مؤسسية لحزب الله".
التزم الجيش خلال الحرب بمسؤوليته الوطنية، وأدّت وحداته في أماكن انتشارها دورها الدفاعي بكل القدرات المتاحة لديها، من خلال التصدِّي للطائرات المعادية وإحباط العديد من محاولات الإنزال والتسلل. كما استمرَّت بأداء مهامها الأمنية والإنمائية على مساحة البلد، متأهّبة لوأد أي فتنة داخلية، والتعامل بحزم مع كل من يحاول العبث بالأمن والاستقرار في ظل حالات النزوح الكبيرة، والظروف التي فرضها العدوان على الشعب اللبناني.
بالإضافة الى ذلك استطاع الجيش بسرعة قياسية نشر نحو 15 ألف عسكري في الجنوب وبالاعتماد على قدراته الذاتية فقط، تزامناً مع نشره وحدات أخرى على امتداد الحدود البرية والبحرية، الأمر الذي أظهر كفاءة الجيش اللبناني، وأكد مدى توق هذا الجيش إلى أداء دوره الأصيل في الدفاع عن الأرض والشعب والذود عن السيادة الوطنية"، حسب ما ورد النشرة التوجيهية التي عمّمتها قيادة الجيش - مديرية التوجيه على العسكريين تحت عنوان "إرادة تنتصر" بمناسبة الذكرى الأولى للعدوان.
تتابع واشنطن سياستها في تحديد غايات من تمويلها للجيش اللبناني حتى اعتبرت الادراة الأمريكية أكبر "مانح له" وتابعت المؤسسة أنه "منذ عام 2006، قدّم دافعو الضرائب الأمريكيون أكثر من 2.5 مليار دولار كمساعدة أمنية للبنان لتحقيق أربعة أهداف: تعزيز سيادة لبنان، وتأمين حدوده، ومواجهة التهديدات الداخلية، وتعطيل تسهيلات الإرهاب. المصدر الأساسي (وإن لم يكن الوحيد) لهذه الأهداف هي بالطبع حزب الله".
وتكشف المؤسسة في ورقتها البحثية أن هذا التمويل الأمريكي للجيش يُدرس وفقاً لسؤالين أساسيين يؤثران بشكل مباشر على قرارات الكونغرس:
1/ "ما مدى فعالية أداء القوات المسلحة اللبنانية للوظائف التي تُقدم على أساسها المساعدة الأمريكية؟ هل هناك دليل على أن المساعدة الأمريكية المعززة، لا سيما منذ عام 2006، قد حسنت أداء القوات المسلحة اللبنانية في مجالات مكافحة الإرهاب، وأمن الحدود، والأمن الداخلي والدفاع عن السيادة"؟
2/ "هل أصبح الجيش اللبناني أكثر فعالية كقوة موازنة لحزب الله؟ إلى المدى الذي تحسن فيه أداء القوات المسلحة اللبنانية، هل يساعد هذا التحسين في العمل كثقل موازن؟ هل تتعاون القوات المسلحة اللبنانية مع حزب الله، وإذا كان الأمر كذلك، فبأي طرق يحدث هذا التعاون وعلى أي مستوى".
بعد عام 2006 ولغاية اليوم لم يؤتِ التمويل الأمريكي أُكله بل تعمّقت العلاقة بين المكونين اللبنانيين وتطورت نحو المعادلة الذهبية "الجيش والشعب والمقاومة" التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وعمّدتها معركة التحرير الثاني عام 2017 بالدّم حين قاتل الجيش والمقاومة كتفاً بكتف بوجه خطر الجماعات الإرهابية.
الكاتب: غرفة التحرير